غزة: مهندستان تستغلان موهبتهما الفنية في صناعة زينة رمضان
غزة ـ الأناضول: نجحت المهندستان المعماريتان، بسمة كشكو، ورنا الكردي، المتخصصتان في مجال التصاميم الداخلية والديكور، بالجمع بين العمل في التخصص الجامعي وصناعة المشغولات اليدوية باستخدام الأقمشة.
كلا المجالين يحتاجان إلى حسّ فني عالٍ، ومحاكاة للحداثة والتطور، الأمر الذي يبدو سلسا على المهندستين اللتين اكتسبتا خبرة التصميم والديكور منذ نحو 14 عاما.
وتحاول المهندستان مواكبة المشغولات اليدوية التي تصنعانها بالأقمشة زاهية الألوان مع المناسبات السنوية، فضلا عن دمجها مع الديكور الداخلي لمنازل الزبائن.
في مكتبهما الخاص بالهندسة والديكور الواقع في مدينة غزة، تضع المهندستان اللمسات الأخيرة، على مجموعة من الزينة الرمضانية، التي تم إعدادها في منزليهما، ويجري العمل على تسليمها للزبون في أقرب وقت.
على مُعلّقة خشبية دائرية الشكل، تُلصق كشكو فانوسا مصنوعا من القماش، وهلالا أصفر اللون، إلى جانب عبارة «رمضان كريم» التي كُتبت هي الأُخرى باستخدام الأقمشة اللامعة.
بينما تنشغل صديقتها الكردي، في حشو قطعة من القماش أحاكتها باستخدام الإبرة، لتصبح فيما بعد فانوسا أصفر اللون سينضم إلى مجموعة من الزينة الرمضانية القُماشية، التي طلبها أحد الزبائن لتزيين منزله. وتستغل الشابتان موهبتهما في صناعة المشغولات اليدوية، بحرفية عالية، كمصدر إضافي للدخل.
استغلال للمهارة
قالت الكردي، وهي مهندسة معمارية، تخرّجت من الجامعة الإسلامية عام 2008 إن صناعة المشغولات اليدوية، بدأت كهواية بعد التخرج.
وأضافت أنها وصديقتها، بحثتا عن فرصة عمل في مجال تخصص الهندسة المعمارية، لكنهما لم تجدا.
وأوضحت أنهما تطوعتا في عدد من المكاتب الهندسية الحكومية والخاصة، وشغلتا وقت الفراغ بتعلم واحتراف مهارة التطريز الفلسطيني التراثي؛ حيث شاركتا في معرضين للمشغولات اليدوية الأول عام 2012 والثاني عام 2013.
واكتسبت الصديقتان خبرات في مجالي الهندسة المعمارية وهندسة الديكور، الأمر الذي دفعهما إلى افتتاح مكتب خاص بهما، بعد 5 أعوام على التخرّج، كما قالت الكردي.
إلى جانب ذلك، فإن استغلال الهواية وتحويلها إلى عمل يدرّ مصدرا للدخل أمر وصفته الكردي بـ»المهم» خاصة وأن العمل يكون في إطار الهواية وبعيدا عن الضغوط النفسية التي يتم التعرض لها أثناء العمل في مجال التخصص.
وتوظّف الشابتان البرامج التي تستخدمانها بهندسة الديكور في تصميم وصناعة المشغولات اليدوية للخروج بقطع فنية ذات جودة ومواصفات جمالية عالية، وفق الكردي.
كشكو، التي تعلّمت فن صناعة التطريز والمشغولات اليدوية من زميلتها، تشاركها اليوم في المشروع، الذي أطلقتا عليه اسم «زاوية الهدايا».
وقالت إن صناعة المشغولات اليدوية، سواء من تطريز أو ديكورات قماشية، تتيح للإنسان توظيف جانب الإبداع الكامن لديه.
وخلال رحلة دراستها في تخصص الهندسة المعمارية، اعتادت الشابة كشكو على صناعة المجسّمات الهندسية، التي تعتبر جزءا من الأشغال اليدوية، وفق قولها.
وأضافت: «الهندسة والمشغولات اليدوية كلاهما يحتاجان إلى الحس الفني، والإبداع، والتصميم المتجدد».
وأوضحت أن العمل في المشغولات اليدوية دائم ويواكب كافة الأحداث، لكنه يركز على المناسبات السنوية، والدينية، والشخصية لدى الزبائن أيضا.
وقالت عن ذلك: «في رمضان، أدخلنا فكرة المفارش والمُعلّقات التي تمتاز بالرموز الدينية كالأهلّة والفوانيس، فضلا عن كتابة العبارات الترحيبية بالشهر المبارك».
وأشارت إلى أن تجهيزات الناس لزينة شهر رمضان، تبدأ قبل أسابيع من حلول الشهر، حيث تضيف الزينة رونقا خاصا للمنزل وأجوائه الروحانية.
واستكملت قائلة: «هذه الزينة تكمّل الديكورات الداخلية الجمالية للمنزل، فيشعر الأفراد بوجود تغيّر حقيقي في الأجواء خلال هذا الشهر».
وأشادت الشابة بإقبال الناس على اقتناء زينة رمضان، لرغبتهم في بث أجواء من الفرحة داخل منازلهم.
وقالت إن هذه الرغبة باتت ثقافة نشأت منذ أعوام، وظهرت حينما زاد إقبال السكان على مكاتب هندسة الديكور لتصميم منازلهم داخليا وإضافة لمسات جميلة عليها.
وأضافت أن هذه المكاتب تتيح لأصحاب المنازل «رؤية الديكور الداخلي لبيوتهم بشكل مسبق، ما يتيح لهم إمكانية التغيير والتعديل على بعض النقاط التي لم تعجبهم».
لكن بفعل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، يتجه الكثير من سكان غزة لتصميم منازلهم «وفق الأساسيات فقط، دون إضافة أي لمسات ترفيهية تزيد من أعبائهم المالية».
يواجه المهندستين المعماريتين عدد من التحديات، في مشروعهما الخاص بالمشغولات اليدوية، يتمثل أبرزها في الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من 15 عامًا.
هذا الحصار يتسبب، حسب كشكو، بانقطاع بعض أنواع الأقمشة التي يتم استعمالها في صناعة المشغولات اليدوية الأمر الذي يعيق عملهما.
وتقول: «أحيانًا نصمم شكلا للمشغولات باستخدام نوع معين من القماش، ومن ثم نتجه للأسواق للبحث عنه لكننا نتفاجأ بانقطاعه، ما يتسبب إما بتغير التصميم والقماش أو استبدال القماش الذي بدأنا استخدامه».
مجال الهندسة المعمارية
هذا التحدي، واجه الصديقتين أيضا في مجال الهندسة المعمارية والديكور، حيث تسبب بانقطاع أنواع معينة من المواد الخام، التي يتم الاتفاق مسبقا مع الزبون، لاستخدامها في بناء المنزل.
وأضافت: «حينما نتواصل مع التجار لتوفير هذه المواد الناقصة يعربون عن تخوفاتهم من استيرادها في وضع يعاني فيه السوق من الكساد».
كما أعاق الحصار فرصتهما في الحصول على فرص عمل منذ عام التخرج، إثر منع إدخال مواد الخام اللازمة للبناء، على قطاع الهندسة المعمارية والديكور، كما قالت.
واستكملت: «قطاع الهندسة، كما باقي التخصصات في غزة، تأثر من الحصار، وكان هناك ندرة في فرص العمل بسبب منع دخول المواد الخام والركود في السوق في ذلك الوقت».
وتُسوّق الصديقتان منتجاتهما عبر متجر الكتروني تم افتتاحه قبل نحو عامين، على موقع التواصل الاجتماعي «إنستغرام».
وقالت إن هذه المشاريع الصغيرة التي تعتمد على الهواية والمهارة، من شأنها أن تدعم سبل الحياة وتُمكّن المرأة اقتصاديا، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها قطاع غزة.
وأضافت: «الأوضاع غير مستقرة في غزة، من يوجد لديه اليوم وظيفة ثابتة قد يفقدها غدا، لذا تبقى المشاريع الصغيرة واستغلال المهارة الأفضل لضمان استمرارية العمل ووجود الدخل، ولكسر روتين الحياة»