تباطؤ الاقتصاد بين الإحباط والتحفيز

خالد الزبيدي
 
تشهد اقتصادات الدول فترات رواج واخرى تباطؤا وكسادا، ففي فترات الانتعاش يزداد الانفاق بشكل عام، ويساهم بزيادة معدلات النمو، وفي مرحلة من النمو تسعى السياسة النقدية وهي من أمضى اسلحة الاقتصاد الى تهدئة الاسواق وعقلنة الاسعار برفع اسعار الفائدة المصرفية وفرض المزيد من الضرائب والرسوم، مع مراقبة حثيثة لأداء القطاعات الاقتصادية للتأكد من عدم التأثير الكبير لهذه القرارات بحث لا تؤدي الى تخفيض مؤلم للنمو الاقتصادي، وعادة يحتاج هكذا قرارات خلال ثلاث سنوات تلافيا للإضرار بالمستثمرين ولإضفاء نوع من المصداقية للسياسات المالية والاقتصادية بشكل عام.
وخلال تباطؤ الاقتصاد تجري الحكومة من خلال جهات وبيوت خبرة مختصة دراسات متعمقة لتحديد اسباب هذا التباطؤ، ورسم سياسات للخروج من التباطؤ بوضع خطط وبرامج تقدم حلولا ناجعة تكون مرتبطة بحدود زمنية وتراجع دوري وكلما دعت الحاجة لضمان تحقيق الاهداف المحدد مسبقا، وتقديم الدعم للقطاعات الحيوية التي تؤثر بقوة في محركات النمو والمؤشرات الرئيسية في الاقتصاد الكلي.
وفي مقدمة القرارات الضرورية لتحفيز الاقتصاد وبث التفاؤل في القطاعات خصوصا الصناعية والتجارية وجمهور المستهلكين، وفي مقدمة هذه القرارات تخفيض التكاليف على المستثمرين والمستهلكين بخفض الفائدة المصرفية وضخ الاموال في الاسواق وصولا الى تخفيض الضرائب والرسوم وأحيانا إلغاء الغرامات وتقديم حوافز ضريبية وجمركية للمشاريع الجديدة، وها النمط من المعالجة لجأت اليه الإدارة الامريكية عقب الازمة المالية العالمية، ونجحت في تهدئة الاسواق وساهمت تدريجيا في تحسن الاداء القطاعات الاستثمارية.
محليا منذ الازمة المالية العالمية التي انفجرت في العام 2008، عمدت السياستان المالية والنقدية نمطا لم يحمي النمو الاقتصادي فقد عملت وفق سياسة مالية إنكماشية وفرضت قوائم متلاحقة من رفع الاسعار والرسوم وصولا الى الخبز الى السلع الغذائية الاساسية، وإنعكست السياسة المالية على الاستثمار وبيئة الاستثمار، وفي نفس الإتجاه نفذت السياسة النقدية تشددا بمنح الإئتمان والعمل وفق هياكل فائدة مصرفية مرتفعة رفقها فرض القطاع المصرفي قائمة من الرسوم المبالغ بفرضها، مما ارهق الاقتصاد واضعف قدرة المستهلكين خصوصا المقترضين الذين يشكلون اغلبية السكان.
هذا النمط من التشدد المالي والنقدي رافق تنفيذ الحكومات برامج التصحيح الاقتصادي 2013 والممتد حتى العام 2020، وهذه السياسات وصفت بالعجاف وكانت وربما لا زالت عابرة للحكومات، فالراوج الذي لم يدم كثيرا لم يبث التفاؤل في اوساط المواطنين، والركود لم يتم الرد عليه بسياسات وقرارات علاجية مما افضي الى تشاؤم قد يفضي الى الاحباط.