الطاهر المصري والرؤساء السابقين وأزمة المنظومة الحاكمة ..

زهير العزه
دون مبالغة ولا بلاغة... ما أعقب تصريح رئيس الوزراء الاسبق طاهر المصري المتعلق بأوضاع البلاد والعباد من هجوم قادته اقلام  معروفة ، يشعرالانسان بالتقزز والقرف والغثيان من الحالة التي وصل اليها بعض أهل الاعلام والسياسة .
 شخصيا لست ميالاً الى الوصف الذي سرب من كلمة الرئيس الطاهر المصري المتعلق بإمكانية إفلاس البلاد ، والتي قال عنها  المصري ذاته انها مجتزأة من حديث طويل ، وانا أصدق ما يقوله الرجل نظرا لما يتمتع به من  رزانة وإتزان وحصافة وثقل ورجاحة عقل تمنعه من اطلاق مثل هكذا وصف دون تقييم لارتدادات ذلك على البلاد والعباد .
 واذا افترضنا أن الرجل نطق بهذا الوصف أواطلقه ، أوليس المطلوب أن يدرس ما أطلقه من إجتهاد من قبل المنظومة الحاكمة لمعرفة مواطن الخلل وبواعث خوف الرجل وغيره من رؤساء الحكومات السابقين على البلاد؟ خاصة أن الطاهر المصري وفي مثل هذا العمر ليس لديه طموح بأية مواقع حكومية .
  قبل أسابيع واشهر خلت كنت وغيري من المهتمين بالعمل العام نسأل ما الذي يدفع رؤساء الحكومات السابقين فيصل الفايز وعبد الكريم الكباريتي وعبد الرؤوف الروابده وطاهر المصري، وقبلهم بعض رجال الدولة من سياسيين واقتصاديين أمثال الوطني الخلوق الوزير الاسبق الدكتور رجائي المعشر صاحب الخطة الاقتصادية الانقاذية التي قتلها في مهدها الدكتورعمر الرزاز ومن معه من فريق "الأمركة" والارتهان للخارج٬ ما الذي يدفع هؤلاء للصراخ بأعلى صوتهم٬ محذرين من سوء الاوضاع وعجز المؤسسات عن إجتراح الحلول للمشكلات التي يعاني منها الوطن والمواطن،والتي أدت الى فقدان المواطن الثقة بكل مؤسسات البلاد؟ بالرغم أنني كواحد من المراقبين كنت أختلف حول بعض ما يطرحونه ، والجواب كان هو الحرص على الوطن والعرش ،اذ أن كل هؤلاء المسؤولين هم أبناء النظام ، تربوا وترعرعوا في كنفه سنوات طوال ،وهم بخبرتهم لديهم حالة من الاستشراف اكثر من غيرهم ممن لم يصلوا لمثل مواقعهم  .  
اليوم وقد فجر الرئيس الطاهر المصري ، قنبلة بوجه المنظومة الحاكمة التي أدارت وتدير البلاد منذ سنوات، وسواء كانت مجتزأة من حوار او فعلا جاءت كما هي بالمباشر، فإن المطلوب من المنظومة ان تحرك  مجساتها من أجل إعتبار ما قدمه رؤساء الحكومات السابقين ورجال الاقتصاد والسياسة بمن فيهم الرئيس الطاهر المصري باعتباره نقدا لأدائها السيء في إدارة ملفات الوطن على كافة الصعد ، وأن تبحث عن الخلل في الاداء الذي أوصل البلاد تحت ظل إدارتها الى هذا الوضع المزري ، لا أن تحرك كتاب التدخل السريع وذباب مواقع التواصل الاجتماعي للهجوم على الرجل وغيره من الذين ينتقدون ادائها المتهالك. 
ادرك تماما وأنا الذي عايش وعاصر بعض المراحل السياسية في البلاد كمراقب سياسي وإعلامي ، أن الصراع السياسي المنفعي في الاردن  كان هما للبعض على حساب الوطن ،لكن أن يصل الصراع هذه المرحلة من قبل المنظومة  الحاكمة الى تدمير شخصيات وطنية والعمل بكل جهد على اقصائها تحت ذرائع واهية فالامرغير مفهوم وغير منطقي ، الا اذا اعتبرنا أن غالبية قادة هذه المنظومة هم حفنة من الانتهازيين الوصوليين أوهم مجموعة من الجواسيس المرتبطين بالاجندة الامريكية التي يديرها السفيرالامريكي بالاردن، كما كان يحصل سابقا في علاقة رجال المؤسسات الحكومية مع السفارة البريطانية عند انشاء الدولة الاردنية  ..!
نحن اليوم أمام سؤال هام ، وهو الى أين ستأخذنا هذه المنظومة ؟ وهل هي تخدم النظام والوطن ام تخدم أجندات خارجية، وخاصة أجندات الولايات المتحدة في المنطقة؟ وهل استمرار هيمنة هذه المنظومة على صناعة القرار سيطول أم أن الملك سيتدخل ويطيح  بهذه المنظومة من خلال ثورة بيضاء  تنهي المنظومة ومفاعيل ما رسمته خلال السنوات العجاف السابقة حيث انها جعلت البلاد قحطا وأرضاً يبابا لا مصنعا تركت ولا حقلا زرعت ، أعطبت كل شيء وأنعشت زراعة الرعب بين الناس ،وقتلت الامل لدى الشعب بالمستقبل الآمن ودفعت الناس دفعا إلى حافة الكفر بإمكان قيامة وطن ديمقراطي عادل.
إن المطلوب ان نخرج من سياسة العبث ، الى سياسة الامل ، وان نضع السؤال الهام الاخر أمامنا وهو ماذا حققنا خلال السنوات الاخيرة السابقة؟ وهوسؤال مشروع... خصوصا واننا نعيش وسط موقفين مسبقين... متقابلين حتى التضاد والتناقض...الموقف الاول ما يطرحه الناس حول همومهم ومعاناتهم وضنك العيش، والموقف الثاني هو ما تبثه افواه المسؤولين منذ سنوات عن الحياة السعيدة للمواطن في المستقبل الذي لم يأتي بعد...! واعتقد انه في ظل استمرار هذا النهج وسيطرة المنظومة الحاكمة الحالية لن يأتي ! ويبقى أن نقول أن رؤساء الحكومات السابقين الطاهرالمصري  وفيصل الفايز وعبد الكريم الكباريتي وعبد الرؤوف الروابده والوزير الاسبق  الدكتور رجائي المعشر وغيرهم من المسؤولين الوطنيين ومعهم العديد من الاعلاميين والسياسين هم ليسوا نبتا شيطانيا ،بل هم من ريحة الارض وطينتها جبلتهم التجربة، وحقهم على مؤسسات الدولة الاستعانة بهم خاصة أنهم لم يقفوا على رصيف الوطن بعد ابتعادهم عن الوظيفة ، بل ظلوا مشتبكين مع هموم الوطن المواطن ،وهذا يؤكد انهم لم يفلسوا سياسيا او يتوهون في متاهات البحث عن موقع كما يفعل البعض من الانتهازيين ، الذين اعتقدوا ان الدولة اخطأت في التعاطي مع  الطاهر المصري وامثاله من المسؤولين أبناء العائلات والعشائر ، وما يجري يؤكد ان هناك ازمة لدى المنظومة الحاكمة وليس لدى النظام او رجاله المخلصين .