الأردنيون يحيون ليلة القدر بفيض من المشاعر الايمانية
بفيض من المشاعر الايمانية يحيي الأردنيون ليلة القدر التي أنبأ حدوثها للرسول العظيم عن مرحلة جديدة في دعوة النبوّة وهي تتمدد لتصيرَ دولةً على هدي الاسلامِ.
فبشعور متّقد ترحلُ القلوب صوب المساجد لإحياء ليلة القدّر، وهي تبتهل خاشعة طامعة بعفو الله ورضاه، في استمراريةٍ خالدةٍ استنّها المسلمون الاوائل وهم يرسمون معالم دينهم في بواكير دعوته.
إعلان
سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبد الكريم الخصاونة، قال ان ليلة القدر ليلة موعودة ومشهودة ومباركة، ليلة نزل فيها القرآن الكريم على قلب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة ملكٍ ذي قدر، على رسولٍ ذي قدر، لأمةٍ ذات قدر.
واضاف، ان هذه الليلة المباركة لم تشهد الأرض مثل عظمتها وقدرها ودلالتها، سجلها الوجود كلّه في فرح وابتهاج وابتهال، ومن قام هذه الليلة العظيمة إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن أتى فيها بفعل الخيرات والطاعات كانت له عند الله تعالى خيرا من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر.
وأشار إلى أن هذه الليلة تفيض بالنور الإلهي المشرق في السموات والأرض، ونور الملائكة والروح وهم في غدوهم ورواحهم طوال الليل، وفي هذه الليلة المباركة تفيض الأنوار والتجليات القدسية والنفحات الربانية على عباده المؤمنين، القانتين، الساجدين، المتبتلين لله ربّ العالمين، تكريماً لنزول القرآن الكريم.
وقال الخليل بن أحمد: "ليلة القدْر: هي ليلة الضيق، أخذاً من قوله تعالى: (وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ) أي ضُيِّق، وسميت بذلك لأن الأرض تضيق فيها الملائكة النازلين إليها في تلك الليلة، ونزول الملائكة كلّه خير وبركة لأهل الأرض، قال تعالى: (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) القدر: 4.
وأورد سماحته ما جاء في الحديث الشريف الذي رواه أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: "وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ فِي الْأَرْضِ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ الْحَصَى". وفي هذا قال ابن عباس رضي الله عنهما: "إنها ليلة التقدير، لأنه يُقدّر فيها ويُقضى ما يكون في تلك السنة من مطرٍ ورزقٍ وإحياء وإماتة إلى السنة القابلة، قال الله تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ)، أي أنه في ليلة القدر يفصل ويُبين كلّ أمر محكم من أرزاق العباد وآجالها وسائر أحوالهم فلا يتبدل ولا يتغير، قال ابن عباس: "يحكم الله أمر الدنيا إلى السنة القابلة ما كان من حياة أو موت أو رزق".
وقال كثير من المفسرين: "إن ليلة القدر لمكانتها وشرفها تتضمن كل هذه المعاني".
وبيّن سماحته أن ليلة القدر هي الليلة المباركة التي حظيت بساعة الفصل من عالم الغيب المكنون إلى عالم الشهادة الموجود، ولا ريب أن القرآن الكريم هو منبع الخير ومصدر الهداية والنور، يهدي للتي هي أقوم، لذلك قال تعالى في شأن هذه الليلة المباركة: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ)، أي أن دراية علومها ومنزلتها خارج عن دراية الخلق، ولا يعلم ذلك إلا علام الغيوب، قال الخازن: "هذا على سبيل التعظيم والتشويق لخبرها كأنه قال: "أي شيء يبلغ علمك بقدرها ومبلغ فضلها".