لسنا غنماً!!
كتب عمر غسان العاكوم
أيام قليلة تفصل اللبنانيين عن الاستحقاق النيابي العتيد، لعلها أثقل دورة في تاريخ العمليات الانتخابية التي نظمت منذ اتفاق الطائف حتى اليوم، لجهة الظروف الاقتصادية الصعبة والتعدد الكبير في اللوائح والمرشحين في ظل قانون انتخاب هجين جائر، وحركة سياسية غير عادية أبعدت عنها روحية المنافسة النظيفة.
تعددت التوجيهات والتوجهات، وتشكلت التحالفات بوجهيها المعلوم، والآخر المخفي رغبة بحصد أكبر عدد ممكن من الحواصل لكل من ابتغى مقعداً نيابياً، رافعين كل الشعارات التي خُطت لزوم المعركة، من نقدر، نبني، نواجه، نحمي، نبقى، نصعد، ننزل، ونطير واللبنانيين بكل هذا الحب والزخم للوطن.
وهناك من ابتغى الفتنة، فأصبح سندبادها من منطقة الى اخرى، يدخلها عنوة عن اهلها ليقول كلمته ويرحل، وهناك من توسل، واخر استعطف بقلب وصبغة، ومنهم من اختار الصمود والوقوف والثبات في وجه لا احد سوى الفراغ القادم في كل استحقاق دستوري سيتحول الى عقيم بفعل الممارسات المعهودة لعرابي هذا العهد المتهاوي.
وهنا، حيث الشارع السني، الذي علق زعيمه الوطني خوض هذا الاستحقاق، غائب الى حد ما عن دخول غمار هذه المنافسة وان كان قد ترشح لهذه الدورة العديد من ابناء الطائفة من قيادات ومستقبليين سابقين وغيرهم من المجتمع المدني ومن يوسمون انفسهم بالتغيير إما عن رغبة حقيقية ونية طيبة وإما...
ما اثر على البعض ممن تعطشوا للمقاعد واشبعوا البلاد والعباد بالخطابات الرنانة، الى دعوة سنة لبنان الى اختيارهم ونصبوا انفسهم اولياء عليهم وعلى اصواتهم ليجيروها لمرشحيهم وحلفاءهم، وربما من بعدها الى اتفاقات سرية للتقاسم والتحاصص والمشاركة في الفساد. فنظمت الشائعات ودست الدسائس وانتظمت الجيوش والمواقع خدمة للقضية، لاستعطاف السنة واصواتهم.
وان نفعت الذكرى، فنذكر...
لطالما تغنت الطائفة السنية في لبنان بقياداتها الوطنية والتفت حولها من رياض الصلح الى صائب سلام فرشيد كرامي ورفيق الحريري وروح المفتي حسن خالد وغيرهم الكثير من الكفاءات التي تعالت عن غمار الحروب الاهلية وترفعت عن الدخول في زواريب السياسة الضيقة خاصة لما يضر مصلحة البلد واللبنانيين.
وان هذه الطائفة لن تكون يوماً مرتهنة لاحد المشاريع الالغائية او القيادات الوهمية ولن تقبل ان يوصى عليها، وان تقودها قيادات غريبة او مستوردة، وتجيير اصواتها، كما ولن تقبل بتكليف وتوجيه، فهذه الطائفة مخيرة وابداً لن تكون مسيرة في أي حال من الأحوال وتحت اي عنوان ومرحلة.
وليعلم من اعتاد ان يقود جمهوره كالغنم، ان السنة ليسوا غنماً، وجمهور سعد الحريري باقٍ معه ومع خياره، يقاطع الاقتراع كما قاطع الترشح، ويصوت عندما يترشح من امن به ووقف الى جانبه طوال 17 عشر عاماً صعاب وجنبهم الحروب والدم والخراب، وابعد عنهم كأس الشعبوية وخطابات المواجهة الفارغة.
وسيكون لهذا الجمهور بقيادته مواقف مفصلية بعد هذا الاستحقاق، كما اثبت في كل المراحل، بوجه كل من شوه الدستور وعطل العمل في المؤسسات ووثب على القضاء، وانعش الفساد، وقضى على الدولة، واخضع العزل للسلاح.
وإن كتب لسنة لبنان الشقاء مرة أخرى واختيار خليفة للرئيس سعد الحريري ما كانوا ليختاروا من ترشح لهذه الانتخابات!!