خبراء: قرار رفع الفائدة حصيف ويحافظ على جاذبية الدينار والسياسة المالية مطالبة بتحفيز الاستثمار

أجمع خبراء ماليون على أن قرار البنك المركزي المتمثل بزيادة أسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية بواقع 50 نقطة أساس، يحافظ على جاذبية الدينار الأردني وقوته الشرائية.

وأكدوا في حديثهم لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) أن صاحب الولاية في إدارة السياسة النقدية في الأردن، والمحافظة على التوازن في السوق المصرفي هو البنك المركزي.

وأوضح الخبراء أن أساسيات إدارة السياسة النقدية تقوم بالتحكم بأسعار الفائدة ارتفاعا أو انخفاضا للمحافظة على مستويات عرض النقد وكبح مستويات التضخم وإحداث حالة التوازن في السوق، مؤكدين أن قرار المركزي يأتي بناء على دراسة مستفيضة للواقع المحلي والدواعي الموجبة للرفع من عدمه.

وأشاروا إلى أن البنك المركزي الأردني لم يستجب لقرارات الفيدرالي الأميركي بالرفع في جميع الأحوال، وأن هناك حالات كان للمركزي قرار عدم الرفع فيها بناء على حالة السوق الأردني.

وزير المالية الأسبق الدكتور عز الدين كناكرية، قال إن قرار البنك الفيدرالي الأميركي رفع الفائدة بـ 50 نقطة أساس جاء للحد من السيولة المالية، ومواجهة حالة التضخم في الولايات المتحدة الأميركية، وإنه في حالات التضخم تقوم البنوك المركزية عادة برفع أسعار الفائدة لتقليل النقد المتداول بين الناس والقطاعات الاقتصادية، وهذا أدى الى قيام البنك المركزي الأردني باتخاذ قرار مماثل برفع أسعار الفائدة على أغلب أدوات السياسة النقدية ليحافظ على الهامش التاريخي المحدد بين أسعار الفائدة على الدولار والدينار، ويبقي الحماية اللازمة على سعر الصرف، ويحافظ على قوة الدينار، وتجنبا لحالات ما يسمى " بالدولرة".

وأشار إلى أن هذا الإجراء معمول به منذ سنوات طويلة ومن شأنه المحافظة على الاستقرار النقدي في المملكة،موضحا أن الاستقرار النقدي هو متطلب أساسي للنمو الاقتصادي وتشجيع الاستثمار، فلا يمكن أن يكون هناك نمو اقتصادي واستثمار مجدٍ دون أن يكون هناك استقرار نقدي.

وأضاف كناكرية أن قرار زيادة أسعار الفائدة له انعكاسات اقتصادية في أكثر من جانب مما يستدعي اتخاذ إجراءات من شأنها أن تحد من الآثار الاقتصادية لهذا القرار، خاصة أن نسبة الزيادة في الفائدة الذي قررها الفيدرالي الأميركي تمثل أعلى زيادة منذ حوالي 22 عاما. وبين أن الزيادة في أسعار الفائدة ستؤدي إلى زيادة أسعار الفائدة التي تقدمها البنوك للمودعين مما يجذبهم لزيادة ادخارهم، بينما ستؤدي من جانب آخر إلى زيادة في أسعار الفوائد على المقترضين سواء الأفراد أو الشركات أو الاقتراض الحكومي ، لأن البنوك ستزداد تكلفة الأموال لديها عند تقديمها فائدة أعلى للمودعين لذلك ستطلب سعر فائدة أعلى من المقترضين، وستعرض فائدة أعلى من السابق أيضا عند التقدم لإقراض الحكومة من خلال السندات الحكومية أو غيرها.

وفيما يتعلق بمدى انعكاس تلك الزيادة على المقترضين الحاليين والجدد من البنوك، أكد كناكرية أن البنوك لابد وأنها ستأخذ بعين الاعتبار متغيرات عدة عند اقرارها الزيادة على المقترضين الحاليين أو الجدد، وكذلك الفائدة المقدمة للمودعين.

وأشار إلى أن ذلك يعتمد على إدارة الموجودات والمطلوبات لكل بنك على حدة، وقيمة السيولة المتاحة لديه للإقراض، وحجم الودائع وتكلفتها، ونوعية الاقتراض وشروطه، والعلاقة المالية بين البنك والعميل؛ لذا ليس بالضرورة أن تقوم البنوك بعكس كامل الزيادة في الفائدة على جميع المقترضين والمودعين بشكل موحد، موضحا أن الجهات المقرضة ستأخذ بعين الاعتبار أيضا الموازنة بين الآثار المترتبة على الزيادة وحاجتها لإبقاء حافز لدى المقترضين والمشاريع الاقتصادية للحصول على التسهيلات المالية البنكية؛ لأن استمرار المشاريع والقطاعات الاقتصادية بطلب التسهيلات المالية من الجهات المقرضة لإقامة المشاريع الاقتصادية وزيادة الاستثمار جانب رئيس ومهم في الحفاظ على جدوى الإقراض لدى البنوك وتعزيز النمو الاقتصادي بشكل عام.

وأوضح كناكرية أن هناك مصلحة حكومية في اتخاذ إجراءات للحد من آثار الزيادة في الفائدة؛ لأن زيادة كلف القطاعات الاقتصادية، وإحجامها عن إقامة المشاريع له انعكاسات على النمو الاقتصادي ومعدلات البطالة، وعلى الايرادات الحكومية أيضا، الأمر الذي يرتب مصلحة للحكومة والبنوك والقطاعات الاقتصادية المختلفة على التكاتف لاتخاذ قرارات تحفيزية، كتعزيز القروض الإنتاجية الميسرة التي يقدمها البنك المركزي، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ودراسة إمكانية مراجعة الهامش على سعر الفائدة بين الفائدة المقدمة على الإيداع والفائدة المطلوبة على الاقتراض، والتي تخضع لمتغيرات وشروط عدة، إضافة إلى مراجعة جديدة لكلف القطاعات الاقتصادية بما فيها الصناعات والصادرات والقطاعات التجارية بما يمكنها من الاستمرار في تأدية ونمو نشاطها الاقتصادي واستيعاب أثر الزيادة في الفائدة.

وأكد ضرورة دراسة الإجراءات اللازمة لعدم تأثر أصحاب الدخل المحدود والمقترضين لغايات السكن من آثار ارتفاع الفائدة من خلال إطلاق برامج خاصة، والسعي إلى تعزيز الحصول ما أمكن على قروض ميسرة لتمويل الاحتياج الحكومي المطلوب، والاستخدام الأمثل للموارد، خاصة وأن المعلومات المتداولة تشير الى احتمال أن يتخذ الفيدرالي الأميركي قرارا آخرا برفع الفائدة في الأشهر المقبلة.