تضخم فوائد الدين يهدد استقرار الاقتصاد
منذ أن تسلمت حكومة د.عمر الرزاز مهامها منتصف العام الماضي لم يتوقف مؤشر الدين العام عن الارتفاع فيما تضخمت فوائد الديون بوتيرة وصفها خبراء بـ”الخطيرة” وأشار آخرون إلى أنها تخطت مرحلة "ما بعد الخطر”.
ويؤكد خبراء أن خطر تضخم الفوائد أصبح اكثر تعقيدا بعد أن لجأت الحكومة إلى تخفيض الإنفاق الرأسمالي وبالتالي تقليص الإنتاج وتراجع واردات الأموال إلى الخزنية ومن ثم اللجوء إلى الحلقة المفرغة نفسها "الاستدانة من جديد”، وفقا لتقرير نشرته يومية الغد.
ويرى خبراء أن استمرار هذا الأمر بهذه الوتيرة سيؤدي حتما إلى تراجع الاقتصاد الوطني إلى الوراء خطوات عديدة بينما الناس في أمس الحاجة لانتعاش اقتصادي ينهض بمستواهم المعيشي.
وأصبحت قيمة خدمة الدين العام (داخلي وخارجي ) تبلغ نحو 1.77 مليار دينارفي نهاية الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي في حين أن قيمة الإنفاق الرأسمالي أصبحت تبلغ 405 ملايين دينار ومن المرشح أن تتلقص هذه القيمة أكثر بعد قرار مجلس الوزراء بتخفيضها نتيجة تراجع الإيرادات الضريبية.
ولفت الخبراء إلى أن خدمة الدين العام التي تعتبر إنفاقا غير إنتاجي تتضاعف من أجل انفاق حكومي فقط غالبيته العظمى رواتب، مقابل تقلص الإنفاق الرأسمالي الإنتاجي والذي يولد فرص عمل ويحفز الاقتصاد.
وأشاروا إلى ضرورة تنبه الحكومة لهذا المؤشر الذي يجب ألا يستمر بالنمو بهذه الوتيرة كونه يقتل القدرة على الاستثمار الرأسمالي الذي يحفز النمو، مؤكدين ضرورة تحفيز القطاع الخاص من أجل توفير فرص العمل عن طريق اعفاءات ضريبية.
وقرر مجلس الوزراء أخيرا، بناء على طلب من وزير المالية ، بالموافقة على إيقاف جميع المشاريع الرأسمالية التي لم يتم البدء بها ما أمكن ذلك باستثناء المشاريع المرتبطة بالمنح والقروض والمشاريع ذات الأولوية.
وزير المالية الأسبق سليمان الحافظ أكد أن "أموال الدين العام لا تنفق على مشاريع رأسمالية كون الحكومة تقترض من أجل نفقاتها الجارية والتي معظمها رواتب”.
وبين الحافظ أنه إذا قسمنا قيمة الإيرادات المحلية والتي وصلت أخيرا إلى 4.1 مليار دينار على قيمة النفقات الجارية والتي وصلت إلى 4.6 مليار نجد أنها بلغت 89 % وهذا يعني أننا يقترض نحو 11 % من أجل تغطية نفقات جارية وليس من أجل مشاريع رأسمالية.
وقال "صحيح أن الحكومة تكبدت ديون نتيجة خسائر شركة الكهرباء الوطنية ولكنها ظلت تنفق في بند غير منتج للاقتصاد الوطني”.
وأكد الحافظ أن الحكومة وعدت بتغيير أسلوبها في برنامج التصحيح الاقتصادي وألا يكون الدين من أجل سد العجز، ولكنها قررت أخيرا تخفيض الإنفاق الرأسمالي بعد أن وصلت لطريق مسدود.
وأشار إلى خطر استمرار المؤشر هذا بنفس الوتيرة كونه يضغط على النمو ويجب على الحكومة البحث عن طريقة من أجل تخفيض الدين العام، مؤكدا أن هذا الموضوع لا ينجز بسرعة وإنما يحتاج لعدة سنوات.
وبلغ معدل النمو في الربع الأول من العام الحالي 2 % مقارنة مع 1.9 % في الربع الأول من العام 2018.
بدوره قال خبير الاستثمار وإدارة المخاطر الدكتور سامر الرجوب إن "الحكومة تقترض من أجل تمويل إنفاقها وليس من أجل إنفاق رأسمالي يولد فرص عمل ويحفز النمو الاقتصادي”.
وبين الرجوب أن خدمة الدين العام التي تتضاعف تعتبر إنفاقا غير انتاجي، وفي المقابل الإنفاق الرأسمالي هو إنفاق إنتاجي ولكنه أصبح ضعيفا جدا مما أثر على معدلات النمو.
وقال "على الحكومة أن توجد دخلا في الاقتصاد يكفي الدولة لمعادلة موازنتها” مشيرا إلى عدم قدرة الدولة على التغيير في بند النفقات الجارية كونه ثابت.
وأضاف الرجوب أن "نسبة التوظيف في القطاع العام يجب أن تكون محددة من قبل الحكومة بالتزامن مع تحفيز القطاع العام على التوظيف بدعمهم ومنحهم اعفاءات وتخفيض الكلف عليهم”.
الخبير المالي مفلح عقل قال إن "الفوائد قتلت القدرة على الاستثمار الرأسمالي وتوليد فرص العمل وتحفيز النمو”.
وبين عقل أن استمرار هذا المؤشر الخطير يعني القضاء على الاستثمار الحكومي في الاقتصاد.
وتطرق إلى سياسة الحكومة في تخفيض الإنفاق الرأسمالي والاقتراض من أجل تغطية نفقات جارية.
ولفت عقل أنه "حتى الدين الذي تقوم الحكومة بدفعه هي تقوم باقتراضه في اليوم التالي مضافا إليه قيمة العجز”.
وعلى صعيد العجز في الموازنة العامة، فقد قدر عجز الموازنة العامة بعد المنح الخارجية في مشروع قانون الموازنة للعام 2019 بـ646 مليون دينار أو ما نسبته 2 % من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع للعام 2019، وذلك بالمقارنة مع عجز بلغ 813 مليون دينار أو ما نسبته 2.7 % حسب بيانات إعادة التقدير للعام 2018. أما قبل المنح الخارجية فقد قدر لعجز الموازنة في مشروع قانون الموازنة للعام 2019 أن يبلغ 1246 مليون دينار أو ما نسبته 4 % من الناتج المحلي الإجمالي للعام 2019 مقابل 1728 مليون دينار أو ما نسبته 5.7 % من الناتج حسب أرقام إعادة التقدير للعام 2018.