روسيا وإسرائيل

الازمة الدبلومسية الروسية / الاسرائيلية مرشحة للتفاقم ، وكما يبدو فان مفاعيل ازمة اوكرانيا وتدخل الناتو اوصلت العلاقة بين البلدين الى حد فاصل .

في الازمة الاوكرانية اللاعبون يدفعون باتجاه التموضع على المسرح العالمي ، وبعدما فكت عذرية القطبية الامريكية وانجبت ثنائية وثلاثية في النظام العالمي الجديد .

في توابع ازمة اوكرانيا ، الرابطة العضوية بين اسرائيل والغرب كانت اقوى ، وحملت تل ابيب للانضمام الى الحلف المضاد لروسيا ، ويبدو ان سباق الصراع الاوكراني يجب ما قبله من علاقات تاريخية ودية وطيبة ، ودافئة بين موسكو وتل ابييب .

فوزير الخارجية الروسي لافروف لم ينطق عن الهواء في حديثه عن الاصول اليهودية لهتلر ، وربطها بالاصول اليهودية للرئيس الاوكراني زيلنسكي وتحالفه مع النازيين الجدد .

العلاقة الروسية / الاسرائيلية اشتدت بعدما توسع نفوذ روسيا في الشرق الاوسط عام 2015 والتدخل في الازمة السورية ، وتفاوضت اسرائيل مع روسيا على اطار تنسيقي بما يتعلق في حزب الله والقوات الايرانية «الحشد الشعبي « الموجود على الاراضي السورية ، والسماح لاسرائيل بقضف مواقعها باتفاق مسبق مع روسيا .

و فيما يتشد ويتفاقم التوتر في العلاقة الدبلوماسية بين البلدين ، فهل ستسمح موسكو لتل ابيب في مواصلة ضرباتها الجوية لاهداف داخل الاراضي السورية .؟

وفي بداية ازمة اوكرانيا طرحت اسرائيل نفسها وسيطا ، وحددت القدس المحتلة مقرا للتفاوض ، وسبقتها ايضا تركيا الى لعب هذا الدور باستضافة حوار مباشر في انطاليا بين وزيري خارجية روسيا واوكرانيا .

الوساطتان التركية والاسرائيلية اختفتا ، ولم ينجم عنهما اي بوادر تلوح في الافق لحل سياسي ودبلوماسي لازمة اوكرانيا المتفاقمة . واسرائيل لاول مرة في تاريخها تطرح نفسها وسيطا سياسيا لحل ازمة بين بلدين . ولربما ان هناك مفارقة في دعوة رئيس الحكومة الاسرائيلي للفرقاء الروس والاوكران الى القدس المحتلة ، دعوة سلام و تصالح من ارض سلام دون النظر الى الدماء والقتل والتهجير ، والتشريد اليومي لفلسطيني القدس والضفة الغربية .

العلاقة الاسرائيلية / الامريكية اقوى ولا تقارن مع روسيا . وما يربط اسرائيل بامريكا اكثر من استراتيجي . ولذا ، فليس من المعقول والممكن ان تنجذب تل ابيب الى موسكو ، وتتخلى عن راع وحام لتفوقها الاسراتيجي والعسكري في الشرق الاوسط ، والذي تعهد رؤساء امريكا منذ نصف قرن على ضمانه وحمايته الى ابد الابدين .

ازمة اوكرانيا سيكون لها تداعيات ونتائج على الشرق الاوسط . وبحكم تجربة الاقليم وتاريخ الصراعات الدولية فان دول الاقليم ستدفع ثمنا من فاتورة الازمة الاوكرانية ونيران الحرب المشتعلة .

سوف تنتهي ازمة اوكرانيا ، وثمة راي يقول : انه في لحظة ما من عمر الازمة سيفرض تسوية سياسية . ومبدئيا الربح والخسارة منطق مدوي في الازمة الاوكرانية ، ورئيس الوزراء الباكستاني الاسبق عمران خان خسر معركته مع حلفاء امريكا في باكستان ، ودفع عمران خان ثمن موقفه من الحرب الاوكرانية ، ومحاولة خان باخراج باكستان من العباءة الامريكية .

و لربما كان الموقف الباكستاني ، وما تلاه من مواقف لدول اخرى بداية لقراءة في حسابات مختلفة لموازين القوى المتحولة والمرشحة ايضا لتغيرات بعد انفكاك الازمة الاوكرانية وانقشاع غمامة الحرب .

الشرق الاوسط والعالم مقبلان على ضبط جديد للبوصلة ، وقراءة متغيرات في الخرائط المتحولة والمتقلبة ، وما وراء المصالح وتقلبات قواعد اللعبة الاقليمية والدولية ، واستكشاف غد مختلف ومغاير في اقليم منكوب ، ولم يعرف يوما الاستقرار والخروج من عنق الحروب والصراعات ، والنزاعات المدمرة .