الإسلام السياسي متسول للحياة ..
سليم النجار
ظلت في ذاكرتي صورة ذلك المتأسلم في شكل المتسول، بوصفه أحد أشد المشاهد التي رأيتها بشاعة في حياتي كلها، وكان هذا المتسول يخيفني بحق.
.
بينما كنت افكر في هذا المتأسلم البائس أخذت افكر من غير قصد كيف يفسر قوانين الحياة؟ وعندما يعجز عن تفسير شيء يتوافق مع نواميس الطبيعة والحياة، يبحث عن تفسير مقصود، وعند عجزه عن تقديم تفسيرات تتوافق مع الفطرة الإنسانية، ويعجز أن يقدم تفسيرًا للأمراض والكوارث الطبيعية، أرجعها إلى فاعلين أشرار وينعتهم بالكفار.
ومع نمو فهمنا العلمي للعالم، تقلًّصت الحاجةُ إلى استحضار الساحرات والجنيّات والشياطين وغيرهم من الفاعلين فوق الطبيعين لتفسير مظاهر العالم الطبيعي، ونلاحظ في هذا السياق ان المتأسلم السياسي الذي مرجعيته الإسلام السياسي يحتكم على نحو غامض وغير مفهوم للإغلبية من البشر، إنه يتمتع بقدرة وعلم لا لوجود لهما إلا له على وجه التحديد، وأن الخير الذي يمتلكه يفوق نطاق فهمنا.
وعادةً خيره ما يتجلى في ابشع صوره عندما يتعرض شخص ما مثلا إلى مرض عضال، ويطلب من هذا المتأسلم الدعاء له بالشفاء، فيبدأ بالدعوات والإستجداء، وفي هذه الرحلة يحرص على تسربب مفاهميه الخاصة به، كالدعاء على الكفار، وهذا مصطلح مطاط، لكن إذا ما دققنا قليلا نكتشف ان كل من يختلف معه فهو كافر، علاوة على ذلك، عندما يروي مرويته الدُعائية يشعر من يستمع له ان الله ملكية خاصة له!
هذه الملكية هي التي تسمح له وهب الحياة لمن يريد، وكذلك منعها عن المختلف معه، ويجعله هدفاً لإصطياده كأنه فريسة!
طبعا لن يستغرق الأمر سوى برهة من التفكير حتى تدرك أنه يمكن تقربيا استخدام المناورة نفسها لشرح السبب وراء قتل الكافر حسب معتقده.
إن هذه السلوكيات للمتأسلم السياسي، الذي ولد من رحم ثقافة الإسلام السياسي، تشي بمرض سلوكي وكما تكشف النقاب عن نوع من التصرفات غير الاعتيادية، وسلوكيات بمنتهى الغرابة.
إذاً ليس من الغريب أن تكون الحياة بالنسبة لهذا المتأسلم وعموم من يؤمن يمارس هذا النوع من ثقافة الإسلام السياسي أن يكون ممن يستجدون الدنيا، ويتسولون على حساب معتقدات ذات قيمة أكبر بالنسبة لنا نحن البسطاء في هذه الحياة.