تدخل نيابي مطلوب

حمادة فراعنة
 
مبادرة طيبة في وقتها، وضرورية للمصلحة الوطنية، تلك التي بادر لها النائب خميس عطية وعمل من أجلها، وجمعه عدداً من النواب، وبلورة خطوات، واللقاء مع رئيس الحكومة، بهدف معالجة إضراب المعلمين الذي زاد عن حده، وتحول إلى حالة مؤذية تعليمياً ووطنياً، ووصل الحوار والمفاوضات بين النقابة والحكومة إلى طريق مسدود، وبات الإضراب غير مقبول مهنياً وسياسياً، ولم يعد أحد يقبل استمراره ويتحمل تبعاته.
كل الأردنيين بما فيهم الحكومة ورئيسها، متعاطفون مع المعلمين بلا مزايدة، نظراً لتواضع رواتبهم، وظروفهم ليست مقتصرة عليهم، بل تشمل كل الأردنيين العاملين في القطاع العام الحكومي، باستثناء الوزراء والأعيان والنواب والسفراء ومدراء المؤسسات ومندوبي الحكومة لدى مجالس الإدارات المختلفة، وهؤلاء تتراوح أعدادهم ما بين خمسمائة إلى الف موظف بأحسن الأحوال، ودون ذلك وغيرهم يحتاجون كما المعلمين للعلاوة وتحسين الرواتب إلى الأكثر من الخمسين بالمئة التي يطالب بها المعلمون الذين يعملون في ساعات أقل من الآخرين، ولتسعة أشهر فقط، مما يسمح لهم ولعدد واسع منهم للعمل خارج الدوام الرسمي وخلال العطلة الصيفية.
أوضاع شعبنا الاقتصادية صعبة ومتعبة وحاجة العاملين في تحسين مداخيلهم ملحة ومشروعة، في ظل الغلاء وضيق الحال وانغلاق الفرص، المحلية والإقليمية خاصة لدى بلدان الخليج العربي التي شكلت رافعة للأردن على الدوام وهي تواجه اليوم تعقيدات سياسية واستنزاف بسبب الحروب البينية العربية.
تجاوزات بعض المعلمين، والادعاء بالطهارة عن باقي المهن، وأن مهنة التعليم أفضل وأرقى من أي مهنة أخرى، غير مقبول، فهذا ادعاء يفتقد للمصداقية، لأن المعلمين من الموظفين المتفرغين مثلهم مثل الأطباء وعمال النظافة وما بينهم، كل يؤدي دوره ومهنته مقابل الأجر مصحوباً بالاحترام والتقدير، بما يستحق، وليس منهم من يعمل متطوعاً بلا مقابل، وحينما تُطالب الحكومة برفع سوية مهنة التعليم وربط العلاوة والمكافأة بالأداء الوظيفي والمهني، ذلك لأن طلاب الجامعات والذين تخرجوا من المدارس يكتبون كلمة « شكرن» بدلاً من كلمة « شكراً « ويكتبون كلمة « طبعن « بدل كلمة « طبعاً « وهذا ليس إلا نتاج التردي التعليمي ويتحمل مسؤوليته قطاع المعلمين، وقد ذكّرهم وزير التعليم السابق محمد ذنيبات باجتماع مهم حقيقة العملية التعليمية وخلال لقاء مغلق مع مدراء التعليم وأبلغهم في حينه أن هذا الوضع غير مقبول ولن يستمر.
نتعاطف مع المعلمين ونقف إلى جانبهم لأنهم من شعبنا وشريحة تواجه أوضاعاً صعبة وليست بصفتهم المهنية المتميزة التي تتفوق عن باقي المهن، فهم لا يقلون ولا يتفوقون عن غيرهم من أصحاب المهن، لا أكثر ولا أقل.
الحكومات المتعاقبة تتحمل مسؤولية ما نحن فيه من أزمة وضيق الحال، لأن أغلبية الرؤساء وحكوماتهم عملوا على رمي سوء إداراتهم للمأزق الاقتصادي على من يأتي بعدهم، ولم يملك بعضهم شجاعة المعالجة حتى لا تتفاقم، وحينما وصف الرئيس عبد الرؤوف الروابدة أن وضعنا الاقتصادي في غرفة الإنعاش، لم يتقدم أحد لمعالجة مرض العجز في الموازنة وتفاقم المديونية بدون الاعتماد على جيوب الأردنيين، بل بالبحث عن فرص زيادة الإنتاج وزيادة الاستثمار وطرق التنمية.
مبادرة النواب ضرورة، لأن مجلس النواب دستورياً شريك الحكومة في تحمل تبعات متاعب الأردنيين وأوجاعهم، ولأن مجلس النواب واقعياً وأردنياً حائط الصد للدفاع عن الحكومة لأنه بعد رأس الدولة هو الذي يمنحها الثقة والاستمرارية.