الرسالة الملكية وما بعدها
زهير العزه
أرسل الملك رسالة واضحة الى الداخل والخارج ، مفادها ان من يهدف الى زرع الفوضى في البلد لن يجد من الملك والشعب الا رسالة واحدة وهي أن مصلحة الأردن والأردنيين اكبر من كل الشخصيات او القوى التي عملت او ستعمل على العبث بأمن الوطن ، وبالتالي ستواجه بما تستحق من إجراء وفق الحالة او التصرف الذي ارتكبه او ارتكبته هذه الجهة فرداً كانت أو مجموعة من الافراد وهذا ما ينطبق على ما جرى مع الأمير حمزة ، ولعل وضوح الرسالة يأتي في مقدمتها التي بدأها الملك بالقول "أكتب إليكم آملاً بطيّ صفحة مظلمة في تاريخ بلدنا وأسرتنا."
اليوم وبعد ان تم انهاء هذا الملف وطي الصفحة المظلمة ، فإن المنظومة السياسية مطالبة بالذهاب نحو تنفيذ ما جاء من إصلاحات لجنة اصلاح المنظومة السياسية التي اتخذت كافة المسارات الدستورية ، ولم يتبقى الا السير نحو وضع الاصلاحات على جدول اعمال كافة المؤسسات الوطنية ، فالقوى والشخصيات اوالاشخاص اوالرداحين اوالغاضبين اوالمنتقدين والمتضررين من استحقاق الاصلاح كُثر ، وفي طليعتهم الفريق المتكسب من بقاء الحال على ما هو عليه ، الذي يعرف تماماً أن الإصلاح لن يكون في مصلحته ، خاصة وأن الأداء الرسمي في السنوات الاخيرة كان فاشلاً ومحبطاً ويصب في مصلحة المعطلين للإصلاح ومنهم على وجه الخصوص وفي المقدمة اصحاب الصالونات التي تسمى" سياسية" وما هي بالواقع إلا "مقاهي حكواتية" هدفها التسلية بإثارة البلبلة بالإشاعات لصالحها وعلى حساب الوطن والمواطن .
اليوم أرى أن الفريق المدعوم بالرعاية الملكية والذي يمكنه تحريك جبهة الاصلاح ويمسك بأمنها معروف ، خاصة بعد أن باءت بالفشل كل العراقيل الدستورية والقانونية والشعبوية بإستخدام تأليب الشارع على اللجنة ورئيسها والأعضاء ، ويتمثل هذا الفريق برئيس مجلس الاعيان السيد فيصل الفايز ورئيس مجلس النواب عبد الكريم الدغمي ، ورئيس لجنة إصلاح المنظومة السيد سمير الرفاعي ورئيس الوزراء و من أعضاء اللجنة السادة سمير الحباشنة جميل النمري وحمزة منصور والسيدة عبلة ابو علبة وممثل عن الحزب الشيوعي وشخصيات اخرى من اللجنة ، كما ارى انه لا بد من الاستعانة بشخصيات من خارج اللجنة ومن خارج إطار مجلسي الاعيان والنواب والحكومة وبما لايزيد عدد الفريق مجتمعين عن 15 شخصية ، حيث ستكون مهمة الفريق مجتمعاً الدفع باتجاه انجاز الاصلاحات بالسرعة الممكنة ، لأن المواطن يحتاج الى انجاز وليس الى مشاريع قرارات او دراسات لا يتم تنفيذها على ارض الواقع.
إن الجميع معني اليوم بالعمل وفق عمليات ترسيم لمرحلة قادمة تحقق مبدأ العدالة في توزيع ثروات ومكاسب التنمية على جميع ابناء الوطن ، والمساواة بينهم بما لا يجعل فئة او مجموعة مهنية او اقتصادية تهيمن على مكاسب الثروة الوطنية او الوظائف العليا بالدولة كما هو حاصل الآن ، او تهيمن الشللية والمحسوبية في اختيار المناصب الرفيعة مهما كانت هذه المناصب والمواقع ، فالعدالة اساس الاصلاح وطريقه الذي ستمشي عليه الحكومات تنفيذا لمخرجات لجنة الاصلاح والتي تم اقتراحها ، فالأردن الذي واجه في مختلف مفاصل وجوده التي قطعها منذ نشأته ازمات كبرى أخطرها "صفقة القرن" يجد نفسه اليوم أمام مرحلة هامة من مراحل الدولة التي لا يمكن الاستمرار بالعمل خلالها وفق الآليات القديمة ، فتطور المجتمع ونضوج الشعب وخاصة قطاع الشباب الذي جعل كل الوسائل القديمة والنهج السابق في التعامل معه عاجزاً، سواء على الصعيد الاعلامي المتحجر والمتهالك او على صعيد الخطاب السياسي العاجز عن إيصال رسالة الوطن وفق رؤية حديثة تقوم على لغة المصارحة والمكاشفة والدفع بالحقيقة كاملة الى سطح المشهد الوطني ، وليس اخفائها كما هو حاصل الآن , ما أدى الى استسلام الشباب الى مصادر أخرى وخطاب آخر قد يكون صحيحاً في بعضه , ولكن جميعنا ندرك أن في بعضه الآخر سمّ قاتل أصاب الوطن كما أصاب عقول الابناء من الشباب المتعطشين للحقيقة .