النائب ماجد الرواشدة يكتب : علي بائع الجمل مطلوب حيا او ميتا..
أبحث يا سادة وتبحث معي بعض الجهات، عن علي الذي باع الجمل ولم يكتف بالجمل، بل اتبعه بالنعجة والحَمَل، واستمع الى كلام المطربة المشهورة سميرة توفيق وهي ترجوه ان يبيع جمله الذي كان يحمل اثقاله التي ينوء بها ظهره المتعب، وكان يدخره لشدائد الأيام وعثرات الزمان، ولأن والد المزيونة كان طماعا جدا لم يكتف بالمهر الباهظ (جمل علي) الا انها اردفت بطلب بيع النعجة والحمل، فكرمها قد نضج بما فيه الكفاية، وابقت علياً صفر اليدين لا يملك من حطام الدنيا سوى المزيونة التي تملأ البيت عليه جمالا (بفتح الحاء والميم) وتهديه على طالع كل حول، طفلا يستنزف ما تبقى لديه من جهود وباقي أملاك، وبهذا اسلم علي ذقنه غير الحليقة، لمن يحلقها على الصفر، ويبقيه لا حول له ولا قوة ولا يملك حتى قرار حلاقة ذقنه بالشفرة ام بآلة الكهرباء. وهكذا يا سادة اصبح علياً مطلوبا بدين اكبر من قدرته على السداد، فجمله الذي كان يستخدمه كمصدر للدخل اصبح خارج الخدمة، ونعجته البالغة المؤمل لها ان تعطيه من الحِملان ما يجعل لديه قطيعا من الماشية، أصبحت في حظائر غيره تلد وتنجب، وينظر اليها ملوما محسورا، حتى حَمَله الصغير ضحى به من اجل ذات العيون الرشيقة وصاحبة الغمزة الشهيرة، فقد اضعفه العشق حتى بات اسيرا له دونما تفكير، ووقف علي على اطلال خيبته يضرب اخماسا في اسداس ليكتشف انه وقع ضحية اغراءات لم تكن الا سرابا بلقعا حسبه ماءً لشدة ظمأه، فأضاف الى عطشه وجوعه عطشا اشد وجوعا اكثر عمقا في الجسد والروح معا.
ونقف يا سادة نحن وخيبة علي لطرح الأسئلة المهمة، وهي في معرض محاكمة علي عن خيبته وعن قلة تدبيره، فهل كان قرار علي الواقع تحت تأثير الاغراءات البراقة والوعود الخبيثة، قرارا يستحق ان نتخطاه بسهولة؟ وهل نترك علي يستمر في بيع جماله واحلام اهله الفقراء الذين تُركوا دونما رصيد كاف لعثرات الزمان وسوء الأحوال؟ هل كان قرار علي قرارا فرديا ام مؤسسيا بناء على دراسات مسبقة وتقديرات صائبة؟ ام مجرد اندفاع وجريا وراء العشق دونما تريث وتبصر؟
فهل ترون معي يا سادة يا كرام اطال الله اعماركم وجنبكم علي وامثاله، ممن يدبرون للامة شؤونها وقراراتها، المسؤولون عن خيبات الامل والتردي الحاصل في بيع المقدرات والتضحية بكل ما نملك من اجل زوجة من النساء ذوات الضحكات والغمزات الجميلة؟ هل ترون معي ان تنصب لهم موازين العدل والمحاكمة عن أي تصرف بثروات ورصيد لا يملكه أحدهم واهدار مقومات اقتصاد الفقراء تحت الرغبة السريعة وسوء التفكير والتدبير؟ فمن استمع لنصيحة المطربة ذات الغمزة المشهورة الى بيع الجمل وملحقاته يستحق ان يقدم لمحاكمة عادلة لعلها تعيد لنا الامل في ان نسترد جزءا مما اضاعه علي وامثاله، فقد أصبح علياً الآن يستجدي من يد مشتري جمله وظيفة لابنه، ومصروفا لجامعة ابنه، وعلاجا لزوجته العليلة، واصبح يستجدي قطرة ماء يروي بها ظمأه، واصبح يسير فوق طرقات اعتراها الهزال واصبحت مسالك وعرة لا تقوى على حمل السائرين وزاد عليها التعثر في كل ساعة.
وكل ما اخشاه ان يكون من فكر بالخصخصة، مع الاحترام، قد استمع لنصيحة المطربة السمراء وسار على خطى علي وامثاله ممن اساءوا التدبير في الشأن الاقتصادي؟ ارجو ان أكون مخطئا في اعتقادي، لأن المذياع ما زال يردد بجانبي بيع الجمل يا علي، و(شو) ما عندك يا علي بيع، وبإلحاح طبعا.