كيف يؤثر رفع أسعار الفائدة الأمريكية على أسواق العالم؟
تترقب الأسواق العالمية دائما قرار الاحتياطي الفيدرالي "البنك المركزي الأمريكي" الخاص بأسعار الفائدة.
خاصة ان القرار دائما ما يلقى بظلاله على اقتصاد دول عدة، وعلى جميع الأسواق سواء أسواق المال أو معدلات التضخم كذلك معدلات النمو.
في هذا التقرير نشرح ببساطة تأثير قرار رفع الفائدة الأمريكية على الأسواق وعلى المحفظة الشخصية للأفراد.
الدولار والسندات من شأن تشديد السياسة النقدية، وأداته الرئيسية رفع أسعار الفائدة، أن تزيد من قوة الدولار الأمريكي، الذي يعتبر العملة الرئيسية في العالم.
وأيضا رفع عائد السندات التي تبيعها الحكومة الأمريكية لجمع التمويل اللازم للموازنة وخطط التحفيز الضخمة، وهي بمئات مليارات الدولارات في كل إصدار.
الذهب في العادة يستخدم الذهب، الذي لا يدر عائدا ويعتبر حافظا للقيمة، كأداة تحوط من التضخم، وهو في نفس الوقت ملاذ آمن خلال الأزمات.
ومن شأن ارتفاع عائد السندات أن يرفع كلفة الفرصة البديلة للذهب، إذ يبتعد المستثمرون عن هذا المعدن ويقبلون على السندات للحصول على عوائد.
أيضا، فإن عقود الذهب، سواء الفورية أو الآجلة، مقومة بالدولار، ومن شأن ارتفاع قيمة الأخير أن تزيد من كلفة اقتناء الذهب على حاملي العملات الأخرى، إذ يحتاجون إلى كمية أكبر من عملاتهم لشراء الدولار لدفع ثمن حيازاتهم من الذهب، ولهذا يفقد الأخير جاذبيته كلما زادت قوة العملة الأمريكية.
النفط والنفط أيضا كالذهب، عقوده مقومة بالدولار، لهذا فإن ارتفاع الدولار نتيجة تشديد السياسة النقدية، يرفع من كلفة التعامل بالنفط، لهذا يتراجع إقبال المستثمرين عليه، ما يشكل ضغطا على الاسعار.
بسبب التأثير السلبي لرفع الفائدة على معدلات النمو، فإن الطلب على النفط يقل، فتتراجع الأسعار.
الاستهلاك من شأن رفع أسعار الفائدة التأثير في حجم الاستهلاك، وذلك في اتجاهين.
الاتجاه الأول، رفع الفائدة وهو ما يغري الناس باستغلال فرصة الحصول على عائد لأموالهم، سواء من السندات أو الاحتفاظ بها على شكل وديعة لأجل.
والاتجاه الثاني أن الاستهلاك في كثير من الأحيان يمول بقروض، وهي لا تعود مفضلة بسبب ارتفاع كلفتها، وهذا يدعوهم لتأجيل الانفاق على مشترياتهم إلى ان يصبح التمويل اقل كلفة.
القروض ورفع أسعار الفائدة يعني ارتفاع كلفة الاقتراض، بحيث تصبح بحاجة إلى تخصيص مبالغ أكبر لخدمتها "أقساط وفوائد"، وهذا يكون على حساب الأنشطة الأخرى، سواء الاستثمار أو الاستهلاك، كما أنها تقلل من اتجاه الناس للحصول على قروض جديدة.
النمو والبطالة بسبب دور الفائدة المرتفعة في خفض الاستهلاك، وحاجة الحكومات والشركات والأفراد إلى تخصيص أموال أكثر لخدمة ديونهم، والإحجام عن القروض الجديدة، وبالتالي تراجع الاستهلاك، فإن معدلات النمو تتباطأ، وفي مراحل وظروف معينة، قد تدخل اقتصادات الدول في حالة انكماش، ما يعني زيادة في البطالة وتراجعا في باقي مؤشرات الاقتصاد الكلي، وأي اقتصاد ينكمش لفصلين متتالين أو أكثر، فإنه يدخل في مرحلة ركود.
أسواق الأسهم أحدثت بيانات التضخم الأمريكية الأخيرة، صدمة في أسواق الأسهم العالمية، إذ أذكت التوقعات بتسريع وتيرة رفع الفائدة، ما يعني ارتفاع كلفة التمويل على هذه الشركات، وأيضا تأثر أنشطتها سلبا باحتمال أن يؤدي رفع الفائدة إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في مختلف دول العالم.
الأسعار تهدف البنوك المركزية من وراء رفع معدلات الفائدة إلى كبح التضخم، وبالتالي خفض الأسعار، خصوصا للسلع الأساسية كالطاقة والغذاء.
لكن هذا ليس مضمونا، بل ومستبعدا، للدول التي تعتمد إلى حد كبير على الاستيراد بهدف تغطية احتياجاتها من السلع الأساسية.