أخطار (الهلال الشيعي) وحلف الناتو (الشرق اوسطي) والموقف الذي لا نُحسد عليه ...
خاص- حسن صفيره
احدى عشر عاما على اندلاع الأزمة السورية وضعت الأردن في موقف لا يحسد عليه لجهة تفاقم الأعباء الأمنية والجيوسياسية ، واستطاع الأردن عبر قيادته الحكيمة في صد تداعيات القلاقل السياسية الشرسة جراء الحرب في سوريا والعراق والتي تعد من أبرز مناطق الصراع والأزمات في منطقة الشرق الأوسط، ونحن نتحدث عن حرب وقلائل سياسية قائمة على اراضي دولتين مجاورتين تهيمن فيهما وعليهما التدخلات الإيرانية عسكريا وسياسيا ما يفاقم حجم الاخطار التي وجد فيها الأردن وهو امام تحديات ايضا تهدد أمنه واستقراره على الحدود الشمالية والشرقية معا.
يتفق المراقبون السياسيون على أن الأردن نجح في تفادي كوارث تداعيات الوضع الراهن والقائم لدى الجارتين سوريا والعراق، ولم ولن يقبل الأردن بطبيعة الحال أن يكون جزءا من فاتورة الحسابات الإيرانية التي تحاول خلالها طهران من فرضها على دول المنطقة ومنها الأردن، ما استدعى خروج فكرة حلف الناتو الشرق اوسطي ، مع تزايد الخطر الايراني على المنطقة لا الاردن فحسب، لا سيما مع التسريبات التي تقول وتؤكد بوجود قوات ايرانية قريبه من حدودنا الشمالية مع سوريا.
فالخطر الإيراني على المنطقة عربيا، كان في صلب مباحثات الديبلوماسية الأردنية على اكثر من محور، والإشارة على خطره على الدولة الأردنية تناوله سيد البلاد بأكثر من محفل وعلى فترات متقطعة ماضية كانت مرهونة بقوة اشارة حجم ذلك التهديد على الدولة الأردنية، فقبل عام تحدث الملك في تصريحات صحفية لمنابر عالمية منها شبكة "سن إن إن" الإخبارية الأمريكية، عن اقتحام الأجواء الأردنية لمسيّرات إيرانية الصنع، حتى جاءت تصريحات جلالته في معرض الأخطار التي يتعرض لها الأردن في معرض رده على سؤال عن مدى تأثير خروج إيران من الاتفاق النووي على استقرار منطقة الشرق الأوسط.
الملك تحدث ايضا بأكثر من محفل عن تحذيراته بشأن "الهلال الشيعي"، وقال حرفيا "أود أن أوضح هنا أنني عندما تحدثت عن الهلال الشيعي، قصدت الهلال الإيراني من وجهة نظر سياسية".
اعباء الأردن على المستوى الأمني والعسكري تفاقمت بصورة ملحوظة بعد التدخل الروسي المعلن إلى جانب النظام في سوريا قبل نحو سبعة أعوام، وما تلاه من نشاط الالة العسكرية الايرانية كأداة لتنفيذ اطماعها في المنطقة ما دفع باتجاه تصريح الاردن لدعمه فكرة تشكيل تحالف عسكري في الشرق الأوسط، على غرار حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وهو الأمر الذي قال بشأنه سيد البلاد في تصريحات لشبكة الـ (سي ان ان) قبل نحو شهر "سأكون من أوائل الأشخاص الذين يؤيدون إنشاء حلفٍ في الشرق الأوسط كحلف شمال الأطلسي".
السؤال الأهم والأخطر والذي يطفو على سطح المشهد السياسي العربي والأردني، هل هذا ما تريده ايران حقيقة من تفتيت الموقف العربي على الصعيد الجمعي بين الدول العربية ذاتها وعلى الصعيد الداخلي على اراضيها؟ فعند القول عن تشكيل التحالف العسكري الشرق أوسطي، والذي جاءت فكرته بسبب تزايد مخاوف الأردن من تواجد "مليشيات" إيرانية على حدود المملكة من الجهة الشمالية والانباء المتواترة عن امتلاك هذا البلد للقنبلة النووية والاخصابات غير السلمية في مفاعلاتها الاربع وهو سبب مشروع للقول بفكرة التحالف، فماذا عن رد فعل الشارع عربيا واردنيا تجاه هذا التحالف على انظمة الدول الداعمة لفكرة انشاء الناتو المقترح؟
التحالف المقترح هو فعليا خارطة طريق سياسية دفعت به مستجدات غاية في التعقيد بفعل الأطماع السياسية للجمهورية الإيرانية، من تمدد وتوغل وتغول للمشروع الايراني ، وما حمله تصريح الملك بالقول عن دور إيران في المنطقة «لا أحد يريد الحرب، ولا أحد يريد الصراع»، اشارة واضحة الى ان ايا من الدول العربية وعلى رأسها الاردن لا تستهدف ايران كدولة او نظام لكن لا بد من اتباع سياسة الردع بانشاء مكون دفاعي موازٍ لمشروع إيران الساعية لامتلاك كميات كبيرة من السلاح النووي، الذي يشكل تهديدا صارخا للأردن اذا نظرنا الى خطر المشروع على دول لصيقة بالأردن أولها الحدود الأردنية - السورية.
الداعيين الى تفعيل اتفاقية "الأمن العربي - اتفاقية الدفاع المشترك" المنصوص عليها في جامعة الدول العربية، غير المفعلة بأن تكون البديل لفكرة الحلف المقترح سيصطدمون بجدار التعنت و"الصلف" الايراني، وهو ذاته الموقف الذي تمارسه ايران على مدى ثلاثة عقود منذ اندلاع الحرب الكونية على العراق مطلع تسعينيات القرن الماضي.
وعليه ووفق ما دعمه اعلام عربي مراقب لتطورات الخطر الايراني على المنطقة، فلا بد " من وجود منظومة ردع دفاعية أمام التهور الإيراني الذي أوصل المنطقة إلى مرحلة حرب خطرة، في حال وقعت، وهو الامر الذي ختمت به التحليلات السياسية بالقول (ومن هنا يمكن القول إنه إذا كانت تصريحات العاهل الأردني هذه مرتبطة بمشروع المنظومة الدفاعية في المنطقة، فهذا يعني أن منطقتنا على الطريق الصحيح، وأمام تحول استراتيجي حقيقي) .
مقترح الناتو الشرق أوسطي، ليس عرضا أردنيا، بيد أن جلالته وحين صرح بدعم فكرة انشائه، جاءت تصريحاته بمعرض السيناريوهات المقترحة لدرء اخطار المشروع الايراني عن جبهاتنا الشمالية والشرقية، فلا يعقل ان تقف اي دولة كانت موقف المتفرج فيما تُدك حدودها وتنتهك اجواءها ، فالأردن يملك حصيلة جيدة من الدوافع التي تدفعه باتجاه دعم انشاء الناتو الشرق أوسطي ازاء تمركز قوات عسكرية وترسانة ايرانية لا يستهان بها على حدوده الشمالية ؟؟ فهل يتوجب على الاردن ان يدفع فاتورة التهديد العسكري الايراني في المنطقة؟؟ وهل يجب عليه ان يدفع الثمن الاكبر والاخطر للتشدقات الايرانية بضرب تل أبيب على حساب استقرار أمن الأردن ؟؟؟
دعم الاردن لفكرة انشاء الناتو ضرورة استحقاق للوضع الملتهب الراهن على الساحة العربية، وضع يتطلب بالضرورة الاستعداد عربيا على الصعيد العسكري ازاء توجه البوصلة السياسية للولايات المتحدة وروسيا تجاه الحرب في اكورانيا وخلو الساحة السياسية العسكرية من اللاعبين الاكبر (امريكا وروسيا) ما يترك المجال فسيحا امام الدور الايراني والتركي و"الاسرائيلي" لتنفيذ مخططات التوسع في النفوذ والهيمنة، وهذه الأخيرة "اسرائيل" رأس حربة الصراع لا بد من الالتفاف شعبيا حول فكرة انشاء الناتو بصيغته العربية لا الشرق أوسطية فلا اختلاف على المسميات اذا كان الهدف منه اقتلاع رأس الحربة من الصراع العربي - العربي !! .