رسالة من ولي أمر إلى نقابة المعلمين

صالح طلال جبارات
ليس منا من لا يؤيد المعلم و لا غيره من موظفي القطاع العام في المطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية من رواتب و خدمات بل كلنا نريد ذلك ، فيكاد يكون في كل بيت في وطننا الحبيب فرد يعمل في القطاع العام ، و لذا فان أي تحسن في مستوى المعيشة لموظفي القطاع العام ينعكس بالتالي إيجابياً على كامل المجتمع و قطاعاته المختلفة  .
المعلم هو جزء أصيل من بناة المجتمع الأردني إن لم يكن رائد البناء و قد أيد جل الأردنيين مطالب المعلمين المتمثلة بتحسين أوضاعهم المعيشية على رأسها الرواتب رغم الضرر الواقع على أبنائنا الطلبة بسبب الإضراب الذي هو في حقيقته إضرار بمصلحة الطلبة  ،و لا يقل حكمه الشرعي عن التحريم و مع ذلك غطى شعورنا و تعاطفنا مع المعلمين على كل ألم و مرارة .
التعنت ينسف اي تفاهم  و هذا ما تفعله نقابة المعلمين عندما تصر على الإضراب للأسبوع الرابع على التوالي مما سيزبد من الضرر الواقع على الطلبة و من معاناة أولياء الأمور ويزيد المخاوف من ضياع الفصل الدراسي بأكمله .
لو كانت النقابة أحرص من الدولة على مصلحة الطلبة لقبلت بالعروض المالية التي قدمتها الحكومة مساء السبت وقبلت بالتنازلات التي قدمها رئيس الوزراء بعدم بالتمسك  بالمسار المهني الذي طالما عبرت نقابة المعلمين عن رفضه ، لكنها لم تفعل ذلك بل استمرت في عملية الإضراب و بإصرار أشد من السابق لتضرب عرض الحائط بواجب المعلمين المقدس و مصلحة أبنائنا الطلبة .
الملفت للنظروالأدهى من ذلك هو تحول مطالب المعلمين من مطالب مهنية إلى مطالب سياسية خرجت بهم عن المألوف و اتجهت بوصلتهم إلى الجهة الخطأ ، فلم تعد المطالب المادية هي وحدها المطروحة و لم يعد حتى أسلوب الطرح أسلوب مهني و ظهرت لغة التحدي و الوعيد و التهديد و كأن أياد خفية بدأت تحرك المشهد ولا ندري أهو حدث طاريء أم مخطط له من البداية .
لا بد من صحوة تبدأ من الشعب الذي تعاطف بكل فئاته مع توجهات النقابة رغم الألم ، و الابتعاد عن الإنجرار خلف المجهول ثم نهيب بالمعلمين الذين هم أولى منا بالتبصر و البصيرة لتمييز الغث من السمين و التنبه لما آلت إليه الأمور من الإنسياق خلف دعوات حزبية حادت عن الطريقة المهنية مستغلة حاجة المعلمين و مطالبهم المشروعة إلى مطالب سياسية تضر و لا تنفع
الحكومة الأردنية بادرت بإقرار زيادة علاوة الرتب المختلفة للمعلمين من طرف واحد لبيان حسن نيتها مع اعترافها بأن المعلم يستحق أكثر من ذلك لكن هنالك فرق كبير ما بين المأمول و المتاح و هذا ما استطاعت أن تقدمه الحكومة حالياً و كلنا نعلم ما يمر به الأردن من ظروف اقتصادية صعبة هي أثقل مما يتحمله و مع ذلك وجه رئيس الوزراء لتحصيل قيمة الزيادة و لو بالاقتراض .
 لماذا تصر النقابة على مطلبها الذي لا تتحمله دولة في حال افضل من حالنا  علما ان وضعنا الاقتصادي و حاجاتنا للدعم الخارجي ورقة ضغط تحاول عدد من الأطراف الخارجية مساومتنا من خلاله على مواقفنا الوطنية و العربية و الإسلامية و العالمية المتزنة .
لماذا كل هذا التعنت من قبل مجلس النقابة و العمل كطرف إضافي ضاغط و ما هي المصلحة من ذلك و هل الهدف المال و هم يعلمون علم اليقين بعدم مقدرة الحكومة في الوقت الحالي على تلبية مطلبهم أم القصد التأزيم و التجييش لتحقيق مآرب أخرى وهل سيبقى الاهالي والطلاب والعملية التعليمية ضحايا التعنت .
وجب على الحكومة الأخذ بزمام الأمور و تحييد المخالفين الخارجين عن المطالب المهنية و العمل بروح المسؤولية و العمل بالولاية العامة و لو اضطرهم ذلك إلى مقاضاة النقابة و حل مجلس النقابة عسى أن يبعد ذلك الغشاوة التي غطت وجوه المعلمين لان النقابة تدعي الألم على حال الطلبة فكيف يكون ذلك و الدواء بين أيديهم  .
اللهم لك المشتكى و منك الفرج .
صالح طلال جبارات
والد الطالب طلال جبارات