حسن صفيره يكتب : المجتمع الاردني المصدوم المهزوز ..!!
خاص- حسن صفيره
هل نحن شعب مهزوز فيما نحن نقرأ عناوين صادمة عبر اعلامنا ومنصات التواصل الاجتماعي تحت عنوان (جريمة تهز المجتمع الأردني) أحداث جسام عايشها الأردنيون خلال الفترات الماضية اتخذت طابعا قياسيا لجهة توالي الحوادث وأثرها على الشارع وقبلا لجهة تفاقم وارتقاع العبء الأمني على جهاز الدولة أفرادا وإمكانيات وأرواح.
الطابع القياسي اخذ الأردنيين لجرائم محمومة صاعقة للحد الذي شكلت فيه كل حادثة قضية رأي عام شغلت الأردنيين وحازت على تركيزهم لا اهتمامهم فحسب على الرغم من ان الأردنيين لديهم ارهاصاتهم وضغوطاتهم الحياتية بطبيعة الحال من تردي واقع اقتصادي وأزمات مالية مع ما يتخلل ذلك من حالة سخط لا ننكر ازاءها بأنها اخذت طابع الديمومة في المناخ الأردني العام.
من كان يتخيل أن تكون الرصاصة عنوان لتفريغ الأحقاد والعقليات غير السوية، كما في جريمة التطبيقية وإزهاق روح ملائكية سُلبت حق الحياة دون سابق انذار، وما تبعها من جريمة قتل زوج لزوجته في اربد واخرى خارج الاردن واخر وبدم بارد تحت مسمى لوثة عقلية يتخلص من طفلتيه واخر مارس نزواته في محراب العلم، واخر كما حدث قبل ساعات حين اقدم سبعيني واثر خلافات مالية مع ابناءه في محافظة عجلون على اطلاق النار عليهما مما ادى لوفاتهما !!
نجن بحاجة وقفة غير اعتيادية امام كل هذه الفوضى الكارثية، بحاجة ان نعيد برمجة اخلاقنا ومبادئنا ومعتقداتنا، وقبلا نحن بحاجة العودة سريعا لنواة الانسان الاردني الذي عرفناه وعرفه اباؤنا واجدادانا في حقبة ليس ببعيدة، فعندما نتكلم عن بٌعد زمني لا يتجاوز عمر جيل فنحن نتحدث عن قيم جيل تم توريثها حتما للجيل الحالي.
اين قيم التسامح اين وصايا رب العباد بكتابه الكريم والكاظمين الغيظ، اين تعاليم السماء بان البنون زينة الحياة الدنيا، اين وصايا سبحانه وتعالى وانبياءه عليهم السلام بأنهن سكنى لكم ورفقا بالقوارير، اينك ايها الانسان !؟
لنعترف أمام أنفسنا أننا وضعنا القيم في مربع المؤجل، وضعنا الأخلاق في حديقة خلفية لضميرنا، أسقطنا مفهوم الأمانة في البيت والعمل والشارع، وذريعة تقصير الدولة والحكومة ليست سوى غطاءُ واهيا نتدثر به أمام سوءتنا ، فكم الجرائم الحاصلة هي مسؤوليتنا قبل لوم الدولة واجهزتها التي ليس بوسع ناكر ان ينكر دورها ، فقط تخيلوا دولة دون جهاز امني ماذا عسانا سنشهد !!
ما يجري ليس بالأمر الهين ... قتل نفس التي حرم الله قتلها الا بالحق، حوادث انتحار شبه دورية، انتهاك ارواح واعراض وسرقات ، حوادث سير وضعت الاردن بالمرتبة الرابعة عالميا وهي مرتبة كارثية بالمقارنة مع حجم السكان ومساحة الاردن مع غيره من دول العالم، أين صوت العقل أمام تلك الاحداث الكوارثية؟ أين المختصين من علماء الإجتماع وعلم النفس ودكاترة الجامعات وشيوخ المنابر والمرشدين التربويين ومن لهم باع في وضع الحلول بدلاً من التحليلات العشوائية وصب اللعنات .
لماذا يتحول الجميع لناقم ومحلل ومبِرر ومحقق "كونان" في حين يطوي صفحة المنطق والاحتكام لأمر الدين والعلم والمعرفة، لماذا ترفع الأقلام وتجف الصحف وتتجمد الأفعال وتُدحر نوايا التغيير وقل (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ . الرعد 11).
دعونا نفرد أوراقنا ونشذب المتهالك فيها، ندحر المتسخ منها في حفرة العدم، ننقيها من شوائب اللغو والفزلكات، دعونا نغربل سلوكياتنا ونتبع بوصلة القيم والاخلاق التي نادت بها الأديان والتعاليم السماوية جميعها ( وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. الحشر .9)
دعونا نلتفت الي بيوتنا وأطفالنا نحميهم من شرور أنفسهم ان شبوا عن الطوق، نحميهم من شرور ثقافات غزتنا واهلكتنا، شرور المخدرات ورفاق السوء، شرور من لا يتق الله فينا اباء وابناء، فليس من وقع في براثن التعاطي هو الصحبة فحسب ونحن نتحدث عن استشهاد خيرة شباب جهازنا الامني من امن ومكافحة مخدرات خلال عمليات امنية من مداهمات او اشتباكات مع المهربين على الحدود.
آن لنا حقيقة ان نصطف مع انفسنا لنستطيع ان نصطف مع الوطن واجهزته، فالوطن مكملاً لنا ولذواتنا ومستقبلنا شئنا أم ابينا .. واخر دعوانا (رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) .