بايدن لن يتحدث عن تسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز” تقريرا لمراسلها في إسرائيل باتريك كينغزلي قال فيه إن الرئيس الامريكي جوي بايدن سيجد في أول زيارة للشرق الاوسط منذ دخوله البيت الأبيض منطقة مختلفة، من ناحية التحالفات وأولويات العلاقة مع الولايات المتحدة التي تحولت منذ آخر زيارة رسمية قبل 6 أعوام وعندما كان نائبا للرئيس باراك أوباما.
وسيبدأ بايدن زيارته في إسرائيل ويعرج على المناطق الفلسطينية المحتلة وينتهي بالسعودية، أهم حليف لواشنطن في منطقة الخليج والمنتج المهم للنفط. وبحسب الصحيفة مع أن التسوية السلمية بين إسرائيل والفلسطينيين كانت في مركز السياسة الخارجية الأمريكية إلا أن بايدن سيركز في زيارته المقبلة على تقوية العلاقات بين إسرائيل وحلفائها العرب ومواجهة التهديدات من إيران. وعندما زار بايدن إسرائيل في عام 2016 لم تكن على علاقة إلا مع بلدين عربيين هما مصر والأردن، لكنها أصبحت مرفقة في المجال الدبلوماسي للشرق الأوسط بعلاقات مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب والسودان. وسيلتقي في الضفة الغربية مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وربما أعلن عن حزمة من الدعم الإقتصادي، إلا أن المحللين والدبلوماسيين لا يتوقعون أي تطورات مهمة في العلاقات الإسرائيلية- الفلسطينية.
بحسب الصحيفة مع أن التسوية السلمية بين إسرائيل والفلسطينيين كانت في مركز السياسة الخارجية الأمريكية إلا أن بايدن سيركز في زيارته المقبلة على تقوية العلاقات بين إسرائيل وحلفائها العرب ومواجهة التهديدات من إيران
ونقلت الصحيفة عن القنصل الإسرائيلي العام السابق في نيويورك ألون بينكاس قوله: "لم تعد المشاركة الأمريكية، علاوة على الإتصالات الرئاسية في النزاع الإسرائيلي- الفسطيني أولوية”. وقال "تحولت الولايات المتحدة وعادت إلى عملية إدارة النزاع ولهذا السبب أصبح التحالف الإسرائيلي- الخليجي والتحالف المضاد لإيران أهم للولايات المتحدة من حل النزاع”.
ومن المتوقع أن يناقش بايدن ومضيفيه تقوية نظام التعاون العسكري بين إسرائيل وحلفائها العرب الجدد والجيش الامريكي. ويسمح هذا النظام، وهو أمر كان مستحيلا أثناء آخر زيارة لبايدن إلى المنطقة، للجيوش المشاركة بالاتصال في الزمن الحقيقي بشأن التهديدات الجوية من إيران وجماعاتها الوكيلة.
وتشير الصحيفة إلى أن التعاون الجوي هذا أثمر من خلال إسقاط عدد من المسيرات الإيرانية. ولكن هناك تلميح حول الدور السعودي في التحالف، فالرياض لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل لكنها تشترك معها بمعارضة إيران. وفي بودكاست استضافته صحيفة "هآرتس” الإسرائيلية قال السفير الأمريكي في إسرائيل توماس أر نايدز "لن نعلن عن التطبيع في العلاقات مع السعودية في هذه الزيارة”. ولكنها ستكون بداية عملية "ستظهر أهمية الأمن الإقليمي”. ومن الناحية التاريخية أكد السعوديون أنهم لن يقيموا علاقات دبلوماسية مع إسرائيل إلا في حالة قيام الدولة الفلسطينية. إلا أن سعوديين بارزين عبروا عن انتقادهم للقيادة الفلسطينية، وعبر معلقان سعوديان بارزان عن دعمهما للتطبيع. وتحدث الإعلام الإسرائيلي عن قنوات خلفية للتفاوض من أجل زيادة عدد الطائرات الإسرائيلية التي تحلق فوق الأجواء السعودية والحصول على موافقة إسرائيل لتغيير قوات حفظ سلام دولية في جزيرتين صغيرتين استراتيجيتين سلمتهما مصر للسعوديين عام 2017. وقال الوزير في الحكومة الإسرائيلية، عيساوي فراج إنه طلب من السلطات السعودية السماح للطيران المباشر وتسهيل رحلات الحجاج المسلمين داخل إسرائيل إلى الأراضي المقدسة. وقال السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن إيتمار رابونوفيتش "هناك تقارب جديد بين إسرائيل والخليج” و "السؤال: هل يمكن للولايات المتحدة بناء شيء جديد من هذه اللبنات المختلفة”.
وتعلق الصحيفة أن زيارة بايدن ستكون فرصة لإصلاح الجسور وردم الخلافات مع الحكومة الإسرائيلية، فيما يتعلق بطريقة التعامل مع النووي الإيراني. فقد تحسنت علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة منذ رحيل بنيامين نتنياهو التي اتسمت علاقته مع الديمقراطيين بالتشرذم والخلافات. ويتحدث الطرفان عن دفء في العلاقات ولم يحدث حتى الآن أي خلاف علني. ولا يزال التفاعل كما هو رغم انهيار الحكومة الإسرائيلية، وتعيين يائير لبيد كقائم بأعمال الحكومة لحين تنظيم الإنتخابات. ومع ذلك فهناك خلافات في المحادثات الخاصة حول جهود أمريكا لإحياء الإتفاقية النووية مقابل تخفيف العقوبات عن طهران. والهدف من زيارة بايدن هو التأكيد لإسرائيل أن الدعم الأمريكي لم يتغير. وقال نايدز "لا أحد سيذكر بمدى التزام وحب جوي بايدن لدولة إسرائيل” و "أمن إسرائيل هو في أعلى اهتمامات الولايات المتحدة”. إلا أن حديث بايدن مع الفلسطينيين سيكون محفوفا بالمشاكل. ففي آخر مرة زار فيها بايدن المنطقة كانت بعد انهيار آخر محاولة لإدارة ديمقراطية لتحقيق تسوية. ومن المستبعد إجراء جولة جديدة من المفاوضات وسط تراجع الآمال في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وتلاشي الإهتمام الأمريكي باستئناف المحادثات.
بضغط إسرائيلي لم تعد إدارة بايدن فتح القنصلية الأمريكية في القدس والتي أغلقها ترامب، ولا تزال البعثة الفلسطينية في واشنطن مغلقة بعد إغلاق ترامب له
ويؤكد المسؤولون الأمريكيون على التزام إدارة بايدن بحل الدولتين، إلا أن زيادة الإستيطان في الضفة الغربية والخلافات الفلسطينية وعدم اهتمام إسرائيل بمفاوضات السلام، يجعل من الدولة الفلسطينية أملا بعيدا. وأعادت إدارة بايدن تقديم مساعدات بحوالي 500 مليون دولار بما في ذلك دعم وكالة الأمم المتحدة لتشغيل اللاجئين الفلسطينيين كما وانتقدت عمليات الإستيطان التي تجعل من حل الدولتين مستحيلا. لكنها فشلت في عكس قرارات اتخذتها إدارة دونالد ترامب والتي رأها الفلسطيينيون محاولة للقضاء على محاولاتهم بناء دولتهم. فلم تلغي وزارة الخارجية قرار الإدارة السابقة باعتبار المستوطنات في الضفة الغربية شرعية رغم اعتبار كل العالم بأنها غير مشروعة. وبضغط إسرائيلي لم تعد إدارة بايدن فتح القنصلية الأمريكية في القدس والتي أغلقها ترامب، ولا تزال البعثة الفلسطينية في واشنطن مغلقة بعد إغلاق ترامب لها. وعبر الفلسطينيون عن غضبهم في الأسبوع الماضي بسبب تقرير وزارة الخارجية الأمريكية الذي اعتبر مقتل الصحافية الفلسطينية ـ الأمريكية حادثا غير مقصود ولم تضغط على إسرائيل لفتح تحقيق رسمي.
واتهمت السلطة الوطنية الفلسطينية إسرائيل بقتل الصحافية عمدا، وأن الخارجية تحاول حماية إسرائيل، وهو ما تنفيه واشنطن. وقال إبراهيم دلالشة، المنسق السابق بين الحكومة الأمريكية والقيادة الفلسطينية ومدير مركز "أفق” للأبحاث في الضفة الغربية "بالمحصلة، ومن منظور فلسطيني، لم تفعل الإدارة ما يجب فعله أو تحتاجه لإصلاح ما تم فعله”. ولن تغير إدارة بايدن هذه الدينامية. فلبيد يدعم شكلا من الدولة الفلسطينية، إلا أنه رئيس وزراء انتقالي ينتظر الإنتخابات المقبلة. ومع ذلك يأمل الفلسطينيون بأن تقنع الولايات المتحدة إسرائيل بتنفيذ مشاريع ليست بالكبيرة مثل إدخال نظام 4 جي إلى الضفة الغربية. ويرى دلالشة "ربما ليس هذا هو الوقت المناسب للدفع باتجاه الحل النهائي” مضيفا "الإدارة فشلت في إقناع الإسرائيليين لتقديم إجراءات بناء ثقة ذات معنى”.