جدل حول انتشار كنائس داخل بيوت سرية في المغرب
تحت عنوان "انتشار كنائس داخل بيوت سرية في المغرب تدعم مسيحية مهاجرة”، قالت صحيفة "لاكروا” الفرنسية في تحقيق لها بالمغرب إنه منذ عشرين عامًا تقريبا نشأت في المملكة مجتمعات إنجيلية صغيرة بفضل موجة من المهاجرين الأفارقة القادمين من جنوب الصحراء واختاروا الاستقرار على تراب المملكة.
وأضافت الصحيفة أنه بما أن المغرب يفتقر إلى دور عبادة للمسيحيين، قرر هؤلاء التجمع في شقق أو منازل. من هنا قرر معهد "الموافقة” لعلم اللاهوت بالرباط تقديم دورات تدريبية مجانية لبعض المسؤولين عن هذه الجالية، مع العلم أن المعهد افتتح تجسيدا لصورة المغرب كأرض للحوار بين الأديان.
الطائفة المسيحية من المهاجرين الأفارقة، لا تنسى الترحاب الذي حظيت به في المغرب، وأنها تصلي من أجل شعب المملكة، سواء كانوا مسيحيين أم لا، كما يدعون بالبركة للمغرب، ولملكها أيضا
وتنقل الصحيفة عن يانيك باكالا وهو مهاجر افريقي مسيحي ينحدر من الكونغو برازافيل، قوله إن "الطائفة المسيحية الأفريقية من المهاجرين، لا تنسى الترحاب الذي حظيت به في المغرب، وأنها تصلي من أجل شعب المملكة، سواء كانوا مسيحيين أم لا!، كما يدعون بالبركة للمغرب، ولملكها المبارك أيضا!”.
وأوضحت الصحيفة أن يانيك باكالا وعددا من المسيحيين من أمثاله يمارسون شعائرهم في كنيسة تسمى "كنيسة إلوهيم” أقيمت في إحدى الشقق في الطابق الأخير من عمارة في حي شعبي في شارع يعقوب المنصور بالرباط، تحت إشراف القس الكاميروني ديدييه نجيكاب، وكل من يصلون في كنيسته ينحدرون من أفريقيا جنوب الصحراء.
وتشير الصحيفة إلى أن كنيسة إلوهيم هي واحدة من مئات "الكنائس المنزلية” الإنجيلية التي ظهرت في المغرب على مدار العشرين عامًا الماضية مع ترحيب المغرب بالطلاب أو العمال أو المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، فقد استقروا في أحياء الطبقة العاملة في المدن المغربية الكبرى.
وتمضي الصحيفة موضحة أن "موجات تسوية أوضاع المهاجرين الأفارقة في المغرب سنة 2010، ساعدت في اتساع الحجم السكاني لهذه الفئة في المملكة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بعد فترة من القمع القاسي للمهاجرين غير القانونيين”، وأن "هذه الكنائس التي أنشأت سرا في شقق هنا وهناك في المغرب، تضاف إلى عدد من الكنائس "التاريخية” الموجودة منذ فترة الحماية الفرنسية على المغرب، والمعترف بها من قبل ملك المغرب هي: الكنيسة الانغليكانية، والكنيسة الإنجيلية والكنيسة الكاثوليكية”.
ويقول القس جان ماسمبيلا المنحدر من جمهورية الكونغو الديمقراطية، إن الكنائس الرسمية لها تسلسل هرمي صارم إلى حد ما، وهو ما يجعل من الصعب العثور على مكان فيها”، يضاف إلى ذلك الصعوبات الأمنية وتكلفة الوصول إلى هذه الكنائس بالنسبة إلى الجالية المسيحية من المهاجرين. ويشير إلى أن "هذه الكنائس غير الرسمية، يتقاسم المؤمنون فيها تجاربهم ومعاناتهم من العنصرية والنزوح، والتي غالبًا ما تكون مصحوبة بحوادث درامية”.
المهاجرون المسيحيون يخلقون لاهوتًا حقيقيًا للهجرة هناك، يساعدهم على الاندماج في المجتمع، ولكن يمكن أن يكون له أثر معاكس، إذ يتخذ بعض القساوسة أحيانًا خطابًا متطرفًا، لا سيما تجاه الإسلام
وتنقل الصحيفة عن صوفي بافا، عالمة الأنثروبولوجيا اعتبارها أن هؤلاء المهاجرين المسيحيين يخلقون لاهوتًا حقيقيًا للهجرة هناك، يساعدهم على الاندماج في المجتمع، ولكن يمكن أن يكون له أثر رجعي ومعاكس، إذ يتخذ بعض القساوسة أحيانًا خطابًا متطرفًا، لا سيما تجاه الإسلام.
من أجل مواجهة هذا التحدي، تم إنشاء معهد "الموافقة” لعلم اللاهوت عام 2012 من أجل تدريب القساوسة وقادة الكنائس الموجودة في بيوت هنا وهناك.
وتوضح الصحيفة أنه تم تدريب ما يقرب من 150 من قادة الكنائس المنزلية مجانًا منذ إنشاء المعهد في الرباط والدار البيضاء. وتقول إنه إذا لم يتم الاعتراف بالكنائس المنزلية، فسيتم التسامح معها بشكل عام مع الحفاظ على السرية، وذلك لأن المغرب يعتمد الإسلام كدين للمملكة، والأغلبية العظمى من المغاربة مسلمون، والحرية الدينية ليست مضمونة. لكن جان ماسمبيلا أحد المشرفين على المعهد يقول إن الدستور المغربي لا يعترف إلا بحرية العبادة، لذا يسهر المعهد على تشجيع الحوار في الطريق نحو تجسيد كنيسة جامعة.