إسرائيل وأريتريا: علاقات دبلوماسية مأزومة…
كشف في إسرائيل، اليوم الإثنين، عن قرار رئيس حكومتها ووزير خارجيتها السابق يائير لبيد بإغلاق سفارة الاحتلال في إريتريا، بعدما كانت السفارة داخل عمارة فارغة، جراء رفض السلطات الإريترية اعتماد أوراق السفير الإسرائيلي واستقباله في أسمرة.
وتحت عنوان "نهاية المذلّة الإريترية لإسرائيل” قال موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت” إنه منذ عامين ترفض السلطات الإريترية المصادقة على اعتماد السفير الإسرائيلي، واستقباله في أسمرة، مما أدى لبقاء العمارة فارغة، وبقاء السفير المعينّ في القدس المحتلة، حيث عمل من خلال مكتب في مقر وزارة الخارجية الإسرائيلية. وحسب "واينت” فقد أوصت الخارجية الإسرائيلية بإغلاق عمارة السفارة الإسرائيلية الشاغرة في أسمرة، وعوضاً عنها افتتاح سفارة للاحتلال لدولة موزبيق. وقد تبنى رئيس الحكومة الإسرائيلية ياير لبيد التوصية، وعللت الخارجية الإسرائيلية ذلك بالقول إن حكومة إريتريا ترفض وصول السفير الإسرائيلي للعاصمة أسمرة، رغم المصادقة على تعيينه.
حاولت إسرائيل طيلة العامين الأخيرين إقناع أريتريا الموافقة على وصول السفير المعتمد، وهو فلسطيني من بلدة الخوالد البدوية في الجليل اسماعيل خالدي، ولكن دون جدوى.
ويقول "واينت” إن السفارة الإسرائيلية في أسمرة مغلقة منذ نيسان/أبريل 2020، وتسدد خارجية الاحتلال عشرات آلاف الدولارات شهرياً مقابل استئجار العمارة، ولقاء رواتب للسفير ولعدد من الموظفين ممن لا يعملون وينتظرون داخل بيوتهم.
وكان السفير الإسرائيلي الأخير قد غادر أسمرة في تشرين أول/اكتوبر 2018، ومن وقتها لا يوجد سفير لإسرائيل فيها، وقد حاولت الأخيرة طيلة العامين الأخيرين إقناع أريتريا الموافقة على وصول السفير المعتمد، وهو فلسطيني من بلدة الخوالد البدوية في الجليل اسماعيل خالدي، ولكن دون جدوى. وكانت السلطات الإسرائيلية قد عينّت اسماعيل خالدي سفيرا في أسمرة في تموز/يوليو 2020، لكنه لم يتمكن من الذهاب إلى هناك لممارسة وظيفته لأن السفراء يصلون إلى العواصم التي عيّنوا فيها بعد موافقة الدولة المضيفة، واعتماد أوراقه رسميا، وهذا ما لم يحصل في إريتريا.
جائحة الكورونا
وكشف موقع "واينت” أن الخارجية الإسرائيلية أرسلت دبلوماسية من قسم إفريقيا بهدف تشجيع السلطات الإريترية على المصادقة على تعيين السفير وقبوله، لكنها رفضت، وفي المدة الأخيرة استقبل رئيس إريتريا عدداً من السفراء الأجانب ممن قدموا له أوراق اعتمادهم، فيما بقيت إسرائيل خارج القائمة، فاضطر السفير خالدي للعمل من مكتبه داخل الخارجية الإسرائيلية في القدس المحتلة. ويوضح "واينت” أن السلطات الإسرائيلية قد أفرغت سفارتها في أسمرة خلال أبريل/نيسان2020 بعد تفشي جائحة الكورونا. وكان ضابط أمن السفارة الإسرائيلية في أسمرة هو الممثل الإسرائيلي الوحيد فيها، لكنه لم يكن قادراً على أداء أي مهمة دبلوماسية بطبيعة الحال، وكانت وظيفته الحفاظ على "طرف خيط” مع السلطات الإريترية. منوها أن الخارجية الإسرائيلية كانت قد استأجرت ثلاث عمارات في أسمرة؛ الأولى للسفارة، والثانية للسفير، والثالثة لضابط الأمن، مشيراً إلى تشغيل موظفين محليين، من بينهم حراس، وجميعهم بقوا داخل منازلهم، عدا موظفين اثنين وسكرتيرة السفير وسائقه.
أسمرة لم تنظر بعين الرضا إلى العلاقات المتصاعدة بين إسرائيل وبين السودان
الحرب في إثيوبيا
ويقول "واينت” إن أحداً في إسرائيل لا يعرف لماذا لا تصادق إريتريا على استقبال السفير الإسرائيلي لديها، وسط وجود ترجيحات مختلفة منها أن أسمرة لم تنظر بعين الرضا إلى العلاقات المتصاعدة بين إسرائيل وبين السودان، وربما بسبب الحرب في إثيوبيا. وهناك أوساط إسرائيلية ترجّح أن جهات إريترية تشك بأن إسرائيل تدعم الجبهة الشعبية لتحرير منطقة "تغراي” المناهضة لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد. ومن ضمن السيناريوهات المطروحة هو الشكوك بأن السلطات الإريترية تضع إسرائيل والولايات المتحدة في سلة واحدة، علما أن واشنطن تقاطع أسمرة دبلوماسياً منذ 12 سنة، ويضيف: "لكن لا يوجد تفسير حقيقي لهذا السلوك الإريتري الذي يكاد يكون مذلّا لإسرائيل”. كذلك يشير "واينت” لاحتمال ارتباط الرفض الإريتري هذا بسلامة المصالح الأمنية الإسرائيلية في القرن الإفريقي، وهو مكان استراتيجي تملك فيه إسرائيل قواعد استخباراتية وغواصات، طبقا لمصادر إعلامية أجنبية.
هناك سفارة أريترية في تل أبيب تعمل بالأساس من أجل تصريف شؤون عشرات آلاف العمال الإريتريين في البلاد.
سلّة مصالح إسرائيلية
ويقول "واينت” إن هناك مصالح كثيرة لإسرائيل في المنطقة، ولكن حسب تقارير شبه رسمية، فقد تراجعت أهمية أريتريا بالنسبة لها بسبب تسخين العلاقات الدبلوماسية مع السودان وجيبوتي، علما أن هناك سفارة أريترية في تل أبيب تعمل بالأساس من أجل تصريف شؤون عشرات آلاف العمال الإريتريين في البلاد. ونقل موقع "واينت” عن مصادر دبلوماسية إسرائيلية احتجاجها وغضبها على إريتريا، وقولها إنهم كـ "الجدار الحجري”. ويخلص "واينت” للقول إنه بين هذا وذاك فقد قررت الخارجية الإسرائيلية تغيير التعامل مع إريتريا و”إنهاء القصة” معها بالتوصية بإغلاق السفارة في أسمرة، وإخلاء سبيل الموظفين فيها، وافتتاح سفارة في موزمبيق للمرة الأولى، ولكن يبقى مصير السفير المعين في أسمرة اسماعيل خالدي مجهولاً.