موسم البندورة وذكريات " نبيل عماري "
ارتبط بداخلي موسم البندورة بأمي وعمتي ومرة عمي وجدتي ، وحتى الحارة وخاصة جيراننا دار عمي ابو العباس وبكل الأيام الجميلة التي تمر ولا تعود، ذكريات الطفولة، والآن يأتي موسمهما , وكلهم رحلوا ، كانت أمي تمارس طقوسا محببة حين يبدأ موسم البندورة وهو غالباٌ ما يأتي في شهر تموز بندورة بعلية وجبلة لها مذاق رائع وهو شهر عصر البندورة وتجهيز تلك الزجاجات الفارعة واغطيتها والتي نجمعها من اغطية الببسي والميرندا . وكانت البندورة الحمراء تعصر بواسطة عصارة يدوية حتى تمتلىء الأواني المتعددة الأحجام والأشكال بعصير البندورة لتنتشر رائحة رائعة في الأرجاء . وهنا تطلب مني امي الذهاب لدار عمي لأحضار المدقة الحديدية وهي عبارة عن ماسورة صغيرة مصنوعة عند الحداد لغاية تثبيت غطاء الزجاجة بعد تعبئتها بعصير البندورة الشهي الطازج ذو الرائحة الطيبة النافذة ووضع الزجاجات في براميل حديدية بها ماء وغليها تحت الحطب لتمنع تعفن مادة العصير واستمراريتها لموسم شتوي قادم , وهنالك طريقة ثانية للحفظ
وهي غلي البندورة وأضافة الملح حتى تتكثف ووضعها بأواني وسدور ونشرها تحت أشعة الشمس وتكاد كل سطوح مدينة الزرفاء والمدن والقرى الأخرى تتناثر مثل البقع ع كل سطح حتى يخال لك أن السطوح دهنت باللون الإحمر , تمهيداً لوضعها في قطرميزات تحفظ لشتاء قارص لطبخة باميا او محاشي وفاصوليا وغيرها , لتكون مادة اساسية للغذاء والتي من الممكن أن لا تبقى سالمة بسبب التذوق منها على الرايحة والجاية , أما مازاد من حبات بندورة فيعمل منه عملية تجفيف عن طريق شقح حبات البندورة إلى دوائر (تسطيح ونشرها بالشمس على أطباق بعد أضافة مادة الملح الخشن وتلك لم نوفرها بوضها مع سندويشات اللبنة والمرتديلا يونيوم او سنيورة والتي كانت شهية في وقتها , راحت تلك المواسم كأنها حلم وراح صوت بائع البندورة وهو ينادي حمرا يا بندورة من أرحابا وبعلية يا بندورة ولكن بقيت الذكرى وصوت أمي وشغل امي في تدبير مونة الموسم ف المواسم متلاحقة !!!