إبراهيم النابلسي
لم يكن نبتا إنسانياً بلا جذور، ولم يهبط على ظهر النضال وأفعاله بالبراشوط، بل كبر وصعد من حاضنة عائلية وجذور متصلة، والده أسير محرر وعمه كذلك، وأخواله أشقاء والدته أسرى محررون.
تربطه برفاق دربه كتيبة نابلس الفتحاوية: الشراكة، والعمل الكفاحي، والإقدام على الفعل في مواجهة الاحتلال، كان مطارداً مثلهم قبل اغتيالهم يوم 8 شباط فبراير 2022، وبقي مطارداً طوال الأشهر الماضية، حتى يوم رحيله في 9 آب أغسطس مع رفاق له آخرين، وتم دفنه وفق وصيته في المقبرة الشرقية بنابلس، بجانب رفاقه الثلاثة الذين سبقوه: أدهم مبروكة، ومحمد الدخيل، وأشرف المبسلط، وقد تحقق له ما كان يريد.
سلسلة الاغتيالات والتصفيات والإعدامات الإسرائيلية للقيادات الوطنية الفلسطينية، تتم بناءً على الرصد الالكتروني، والتقنية الفنية رفيعة المستوى، فالطائرات المسيرة تضع مشاهدها الحرفية وتنقلها إلى غرفة العمليات الإسرائيلية بدقة متناهية، ولهذا ليس صحيحاً أن العمل الاستخباري واختراق العملاء، رغم أهميته أنه سبب كشف مواقع المطاردين المناضلين، بل توظيف التكنولوجيا المتفوقة هي الأداة، وهو نفس الفعل والأداء الأميركي، في اصطياد قيادات القاعدة وداعش وغيرهم من خصوم واشنطن وأعدائها.
سلطات المستعمرة وأجهزتها تعمل على تسريب إعلامي منظم أن وراء عمليات التصفية قدرات استخبارية، في محاولة لزرع الشك وعدم الثقة بين صفوف الفلسطينيين، والحقيقة أن القدرات التكنولوجية هي العامل الأول في تنفيذ المهام القذرة، وهذا ما يُفسر وجود الطائرات المسيرة المرافقة لكل عمل إسرائيلي يستهدف فيه ومن خلاله نشاط المقاومين الفلسطينيين، وهذا ما يجب أن يدركوه وينتبهوا له ويتحاشوه.
الدرس الوحيد، والرافعة الوحيدة، والمظلة المفقودة للفعل الكفاحي الفلسطيني في مواجهة تفوق المستعمرة، هو الوحدة الوطنية على أساس ثلاثة عناوين: 1- برنامج سياسي مشترك، 2- مؤسسة تمثيلية موحدة وهي منظمة التحرير وأداتها السلطة الفلسطينية، 3- أدوات كفاحية متفق عليها، وهي عناوين مفقودة غائبة: لا برنامج مشتركا، لا مؤسسة موحدة، لا أدوات متفقا عليها، وهم بذلك يقدمون خدمة مجانية لعدوهم الاحتلالي المستعمرة، بفقدان الوحدة الوطنية وعناوينها الثلاثة.
لقد تمكن الفلسطينيون من هزيمة الاحتلال بفعل الانتفاضة الجماهيرية الأولى، وبفعل الانتفاضة الثانية، ولكن الاحتلال عاد وتراجع عن كل التراجعات التي قدمها بعد سيطرة اليمين واليمين الإسرائيلي المتطرف، على قرار المستعمرة وبرلمانها وحكوماتها، وبذلك لا حل ولا تسوية تشمل القدس والضفة، الحل سيشمل فقط قطاع غزة، والأفعال الجارية تشير على هذا التوجه وتدلل عليه، أي على الحل الإسرائيلي للقضية الفلسطينية، ولا حل آخر بديل طالما أن الانقسام هو السائد ويتم تغذيته من قبل المستعمرة، ليبق هو العنوان: سلطة رام الله والتنسيق الأمني، وسلطة غزة مع التهدئة الأمنية.
الحل الفلسطيني وفرضه وهزيمة المستعمرة الاحتلالية لن يكون ولن يتم إلا بأدوات فلسطينة وبرنامج فلسطيني، وهذا هو المطلوب.