سؤال لمجلس التربية والتعليم الموقر

الأستاذ الدكتور: رشيد عبّاس
سؤال لمجلس التربية والتعليم الموقر يتمحّور حول ما هي (النتاجات) التي ينبغي أن يكون الطالب قادراً على أداءها والقيام بها فعلياً في نهاية المرحلة الثانوية بعد دراسة مادة الفلسفة المطروحة؟ راجياً من هذا المجلس عدم الإجابة بأهداف مثالية بعيدة عن التطبيق الواقعي الذي نعيش فيه, وبالتحديد ما هي الأشياء التي لم يكتسبها قوافل وأفواج الخريجين من الطلبة منذُ السبعينات إلى يومنا هذا ويريد مجلس التربية والتعليم اليوم من جديد أكسابها لهم, سؤال الإجابة عليه بوضوح يجعل المجتمع الأردني بكافة أيدولوجياته متقبلين لمثل هذا المشروع الجديد.
الأهداف المنشودة لمادة الفلسفة في التعليم المدرسي ستنقل بعض أيدولوجيات المجتمع الأردني من دائرة الشك إلى دائرة الرفض المطلق, كيف لا وبعض أيدولوجيات المجتمع الأردني متحسسة إلى درجة التخوّف من ما يسمى بتطوير المناهج في إطار اجتياح العولمة الفكرية للعالم بأسره, وستبقى عوامل إلغاء مادة الفلسفة في التعليم المدرسي منذُ سبعينات القرن الماضي من قبل بعض الأيدولوجيات قائمة ما لم يتم تحديد (النتاجات) النهائية من دراسة مادة الفلسفة للطلبة في نظام التعليم المدرسي.
اعتقدُ جازماً أن طرح أهداف تدريس مادة الفلسفة بالطريقة التقليدية, غير كافٍ لأقناع بعض الأيدولوجيات المؤثرة في المجتمع الاردني, وهذا هو ما حصل بالضبط عند الغاء مادة الفلسفة من نظامنا التعليمي المدرسي في سبعينيات القرن الماضي, وأن المخرج الوحيد من هذه الدائرة المغلقة يكمن من وجهة نظر المختصين فعلاً بتصميم المناهج المدرسية في الإجراءات الآتية:
أولا: أن يتم إعادة صياغة مصطلح (إهداف) تدريس مادة الفلسفة,.. إلى مصطلح (نتاجات) تدريس مادة الفلسفة, حيث الفرق الشاسع ما بين الأهداف كشيء منشودة ومأمول وغير قابل للقياس, وبين النتاجات كشيء أدائي واقعي قابل للقياس.
ثانياً: تحديد (نتاجات) تدريس مادة الفلسفة, والتي ينبغي أن يكون الطالب قادراً على أداءها والقيام بها فعلياً في نهاية المرحلة الثانوية.
ولكي تتضح الصورة أكثر لا بد من إعطاء مثال لا للحصر على الهدف والنتاج والفرق بينهما.
*الهدف: أن يستعد الطالب للانخراط في حزب سياسي في نهاية المرحلة الثانوية.
*النتاج: أن يكون الطالب قادراً على الانخراط حزب سياسي في نهاية المرحلة الثانوية.
في حالة (الهدف) الاستعداد منشودة ومأمولة لاحقاً بعد نهاية المرحلة الثانوية ويكون غير قابل للقياس, أما في حالة (النتاج) القدرة الفعلية كأداء حقيقي في نهاية المرحلة الثانوية ويكون قابل للقياس, فاذا انهى الطالب مثلاً المرحلة الثانوية مروراً بمواد الفلسفة وهو غير مستعد لانخراط الفعلي في أي حزب سياسي, فإن دراسته لمادة الفلسفة تكون مضيعة للوقت وهدر تعليمي لا فائدة منه على الإطلاق.
بعض الأيدولوجيات المؤثرة في المجتمع الأردني لا تريد عرض أهداف منشودة صماء, إنما تريد أن يكون الطالب في نهاية المرحلة الثانوية قادراً على الأداء الحقيقي لأي مهام توكل له, وعليه نقول على مجلس التربية والتعليم الوقوف على بعض الحيثيات في إطار تدريس مادة الفلسفة, حيث أن مادة الفلسفة سلاح ذو حدين , مؤكداً هنا على أن تدريس هذه المادة ضرورة مُلحة ومتطلب لهذا العصر, شريطة أخذ أسباب الغاء هذه المادة في سبعينات القرن الماضي بعين الاعتبار, على أن تطرح المادة بلغة (النتاجات) وليس بلغة (الاهداف).
وبعد.. 
سؤال ما هي (النتاجات) التي ينبغي أن يكون الطالب قادراً على أداءها والقيام بها فعلياً في نهاية المرحلة الثانوية بعد دراسة مادة الفلسفة؟ سيبقى عالقاً أمام مجلس التربية والتعليم الموقر, ما لم يتم الإجابة عليه, وأن التغافل عن هذا السؤال هو الخطوة الأولى في تصدي بعض أيدولوجيات المجتمع المحلي لمثل هذا المشروع الرائد.