الدولة القوية بين أحوال الناس وكتاب التسلق والتنفيعات ..!!
زهير العزه
إصابة البلاد بوباء الغلاء الشامل في ظل تراجع مداخيل غالبية المواطنين وتعدد المشاكل والازمات التي تواجههم، تستدعي دق كل النواقيس، وتجاوبا كاملا من جميع المعنيين في متابعة احوال الناس... الناس الذين يحملون أسمى رتبة في بلاد العالم المتقدم وهي رتبة المواطن،حيث تسخرالمنظومة الحاكمة كل إمكانيات الدولة من "رأسها الى ساسها" وما في باطنها الى ما فوقها لخدمته، وهذا بعكس الحالة عندنا حيث الدولة تأخذ كل إمكانياتنا وتضعها في خدمة المنظومة الحاكمة،ويسحق المواطن من فوق الارض ويدفن في باطنها اذا تنفس بأكثر مما يسمح له من اكسجين يبقيه حيا.
سنوات وسنوات مرت وتمرعلى حرق أعصاب المواطن، الذي ظل ظهره مكشوفا لكل خناجرالضربات الحكومية التي خلقتها الحكومات المتعاقبة والقادمة من القرارات التي تتخذ في الغرف المغلقة وبعيدا عن مصلحة الشعب، مع غياب تام للحلول التي توازي الحضورالدائم للتأزم الاقتصادي والمعيشي والإجتماعي منذ أن اعتمدنا على "النيوليبرالية" بالتحكم بالقرارالوطني،وبما وفرلأي شخص ممن تولوا السلطة على هذا النهج النيولبرالي الحماية من المساءلة والمحاسبة بإعتبار أن هؤلاء مرفوع عنهم الحجاب ، وسارت البلاد نتيجة ادائهم نحو عمق الازمات وظلت الحكومات في غياب عن تقديم أي معيار يحمل رؤية لحماية الناس وخدمتهم وخاصة في الموضوع الاقتصادي الذي يمثل شرا مستطيرا لحياة العائلة الاردنية .
بعض رؤساء الحكومات كان يوصف الحالة الاقتصادية دون ان يتخذ قرارا واحدا لايجاد الحلول لهذه الازمات كما فعل رئيس الحكومة الاسبق عبد الرؤوف الروابدة، الذي أعلمنا ذات يوم ومن موقعه المتقدم وظيفيا، ان اقتصادنا في غرفة الانعاش ،وهوللاسف مستمر لغاية الان بالعيش بهذه الغرفة، ومرت على الغرفة حكومات متعاقبة.
اليوم ونحن نسمع بعض الاصوات المستفيدة والمتكسبة من ما وفرته وتوفره المنظومة الحاكمة لهذه الاصوات من وظائف او مراكز او حتى مناصب في الاعيان وغيرها من مواقع وهي تتحدث عن الدولة القوية وعن منعتنا الاقتصادية ، نطرح تساؤلات عديدة لعل تجيبب عليها هذه الاصوات ومنها : هل الدولة القوية هي تلك التي لاتوفر مقعدا دراسيا لطالب ؟ هل الدولة القوية التي تبيع مقدراتها الوطنية وثرواتها الاستراتيجية ؟ هل الدولة القوية التي يقول أحد رؤساء حكوماتها قبل ما يقارب العشرين عاما ان الاقتصاد في غرفة الانعاش، والى الان هو مستمر بالعيش في هذه الغرفة دون ان نجد طبيبا واحدا قادرا على اعادته للحياة الطبيعية ؟ هل الدولة القوية هي من تلاحق طالبا او فتاة عبرعن رأي مخالف للمنظومة المتنفعة من خيرات البلاد ؟ وهل الدولة القوية التي تنتصر فيها اجهزتها لابن مسؤول على حساب ابن الفقير؟ وهل الدولة القوية هي التي تمكن موظفا كبيرا في الديوان ان يحصل هو وابنته على منافع كبيرة من خيرات الوطن فيما ابن أو بنت المواطن العادي والذي أعطى للوطن ضريبة المال والدم لم يحصل على أية مكتسبات من ما يقال عنها مكتسبات التنمية "ان وجدت "،؟وهل الدولة القوية هي التي يسافر فيها المسؤولين وزوجاتهم للعلاج خارج البلاد فيما مسنوه مشردون على ابواب المستشفيات؟ وهل الدولة القوية هي التي تحول فيه السواد الأعظم من الناس الى فقراء معدمين بسبب نهج الجباية؟ وهل الدولة القوية هي التي تتوسع فيها هوامش الفقر والبطالة دون أن تنهض المنظومة المتحكمة بالقرار بالبحث عن سبل للعلاج ؟ فهل تكفي هذه الصور لنلمس لمس اليد ما ارتكب بحق المواطن ؟ وهل بهذه الانجازات يمكن بناء وطن قوي ؟
إن الاردني يتوق الى الخروج من الازمات المستمرة منذ سنوات وسنوات ، وشبع من اضاعة الوقت والفرص، ومل من محاولات " التشبيح " عليه من هذا المتنفع او المتكسب من إمكانيات الدولة ،انه يريد أن تكف المنظومة عن ضرب المعايير الواحدة التي تساوي بين الاردنيين، وهويريد ان يتخلص من المعطيات السلبية التي تتراكم وتتدافع على جيبه وتحول حياته الى جحيم ، اذ ليس من السهل الان على الإطلاق إقناع الاردنيين بأن ما تدعيه الحكومة وما ادعته الحكومات المتعاقبة من وجود الامن القوي هو إنجاز بالرغم من أهميته للوطن والمواطن ، لكن الاهم هو أن يرى المواطن انجازات تسد جوع اطفاله وتجعلهم يشبعون ،ويرى تعليما وصحة وأدوية ، ويرى شبابه يعملون بوطنهم بدلا من "تسليعهم" للعمل في الخارج، وهو يريد أن يرى وطنا فيه الشباب يقيمون على ارضهم لا مهاجرين في أصقاع الارض بحثا عن وطن يوفر لهم حياة افضل ..!
المهم اليوم ان التجربة لابد ان تعلم الصاعدين على سطح النفعية السياسية والاجتماعية المدفوعة بدعم من مؤسسات تابعة للحكومة "ولو صوريا" بأنه لا يمكن فرض ديكتاتوريةٍ " قلم او منبر" مصنعة في غرف التنفع او التسلق تطالب بإعدام كاتب ومحاسبته فقط لانه عبرعن رأي محالف حتى لو كانت هذه المطالبة تتم تحت ضغط قانون مرفوض شعبيا ، او تتم من خلال هجمات إعلامية مكشوفة المصدروالمكان ، أومن خلال "نكزه "او "نرفزة" حكومية مزنرة بحماية امنية .
والمهم أيضا أن يرى من يتصنعون حب الوطن ويأخذون ما تيسر من اموله نهبا أو تكسبا ثم يتحدثون عن العفة ،هول الكارثة الاقتصادية التي حلت بغالبية أبناء الوطن، اذ لا يمكن لاهل المنظومة ان يهنأوا الآن بعدما أحرقوا كل مراكب الثقة مع الناس، وسدوا كل منافذ إصلاح الأحوال التي تمخضت عن وعود لا تسمن ولا تغني عن جوع ، فالوطن القوي هو الذي يحمي المواطن من العوز والجوع والفقر والبطالة ويوفر له سبل الحياة الكريمة .