نبض الحياة محددات نجاح السلام

عمر حلمي الغول
خلال العقود الأربعة الماضية من الصراع العربي الصهيوني ونتاج تراجع مكانة الدول العربية كل على انفراد، وبشكل جمعي، ولهاث كل دولة وراء حساباتها القطرية، وإدارة الظهر للمصالح القومية بمعاييرها الدنيا، وتصدع الحد الأدنى من الشراكة العربية العربية، وانكفاء الاهتمام بالقضية الفلسطينية، قضية العرب المركزية، والتساوق مع المنطق الصهيو اميركي التخريبي للحلول الجزئية، وتسيد خيار المسارات المستقلة بين دولة الاستعمار الإسرائيلية والدول العربية الشقيقة وفق معايير مبدأ "فرق تسد" تمكنت قوى الغرب بقيادة الولايات المتحدة واداراتها المتعاقبة من فرض هيمنتها الكاملة، وتكريس رؤيتها السياسية على العرب جميعا، وعملت تدريجيا على تسويق ودمج دولة الإرهاب الإسرائيلية المنظم مع الدول الشقيقة بالاستناد على الحلول السياسية العبثية، وبما يستجيب لمصالح الدولة الإسرائيلية.
وبعد التوقيع على الاتفاقات السياسية والأمنية والاقتصادية بين إسرائيل والدول العربية بدءا من كامب ديفيد الأول 1978 مرورا بمؤتمر مدريد 1991 ثم اتفاقيات أوسلو 1993 ووادي عربة 1994 واتفاقات الاستسلام الابراهيمية 2018 وما اعقبها، باتت المنطقة مرتعا لإسرائيل بعد سقوط بغداد، وعبث ما يسمى ب"الربيع العربي"، وصعود دور حركة الاخوان المسلمين للتربع على مسرح السياسة العربية في العديد من الدول العربية والإقليمية، والتي وازاها وتقدم عليها صعود حكم الملالي في طهران دخلت شعوب الامة العربية في مرحلة الضياع والتيه مع انكفاء وانتفاء دور حركة التحرر العربية الوطنية والقومية والعالمية، وفي ظل تسيد واشنطن على عرش السياسة الدولية.
وفي ظل هذا المناخ، ولتبديد ما تبقى من حقوق للشعب العربي الفلسطيني راجت بضاعة فاسدة، عنوانها ما يسمى "مبادرات السلام"، التي لا يوجد فيها من السلام الا الاسم، والحديث عن تقرير المصير، دون تبني معاييره القانونية والسياسية، وادراج بعض القرارات الأممية لذر الرماد في عيون زمرة من المتساوقين مع القائمين عليها، وخاصة اذا كانوا من حملة الجنسية الأميركية او الأوروبية الغربية، وتحديدا من اتباع الديانة اليهودية. ورغم وجود ما يزيد عن 800 قرار اممي، منها 85 قرار دولي من مجلس الامن، واخرها القرار 2334 الصادر في 23 ديسمبر 20126.
ولتحديد معايير ومحددات اية عملية سلام على المسار الفلسطيني الإسرائيلي، لا بد من التأكيد على الاتي:
أولا ضرورة وجود طرفان ندان، موافقان من حيث المبدأ على الحل السياسي وفق معايير وقرارات وقوانين الشرعية الدولية ومعاهداتها. ثانيا دخول حلبة السلام، والقبول بالمساومة التاريخية لا يعني بحال من الأحوال تخلي الشعب الفلسطيني عن تاريخه وهويته الوطنية وحقوقه في الدفاع عن روايته ومناهجه التربوية وفق معاييره هو، لا معايير إسرائيل او اميركا، وتمسكه بالدفاع عن رموزه الوطنية من الشهداء والأسرى وحماية ورعاية اسرهم، وتمجيد مآثرهم الكفاحية في كل محطات التاريخ؛ ثالثا رفض رعاية أي دولة لعملية السلام. والتخلص كليا من منطق السادات القديم البائس، القائل ان "اميركا تملك 99% من ارواق الحل". لان من يملك أوراق الحل نحن أصحاب الحق، وليسوا هم؛ رابعا الشرعية الدولية ووفق معاييرها، هي الراعية الأساس لعملية السلام، واستنادا الى مواد الفصل السابع لمجلس الامن؛ خامسا رفض فلسفة تجزأة الحل، وتمرحله، والتخلي كليا عن ما حملته أوسلو من خطايا، او تجزأة الأرض الفلسطينية وفق معايير العدو الصهيو أميركي؛ سادسا حق تقرير المصير كاملا للشعب العربي الفلسطيني على ارض وطنهوفق قرارات الشرعية الدولية دون استثناء؛ وفي السياق رفض منطق إعادة تأهيل الشعب الفلسطيني، وسياسة المرحلة الانتقالية الساذجة. لان الشعب الفلسطيني هو الأكثر تأهيلا سياسيا وقانونيا؛ سابعا الملفات الأساسية: القدس، واللاجئين، الحدود والمعابر والأجواء والمياه الإقليمية والثروات الطبيعية، والمستعمرات، والامن واسرى الحرية جميعها تعالج في آن واحد، وعدم ابقاءها مركونة للنهايات؛ ثامنا وقف كل اشكال الاستيطان الاستعماري وجرائم الحرب، والاجتياحات والاعتقالات والقتل وتزوير الحقائق وشق الطرق، ومباشرة السلطات الفلسطينية سيادتها على اراضيها كاملة وبرعاية دولية حتى انسحاب اخر جندي صهيوني على ارض دولة فلسطين؛ تاسعا حل قضية اللاجئين وفق القرار الدولي 194 وعدم التفريط باي جزئية منه، ورفض منطق الدولة الاستعمارية الإسرائيلية بمنح حق العودة لكل يهودي، وفي  ذات الوق حرمان الفلسطيني العربي صاحب الحق التاريخي بارض وطنه الام منه؛ عاشرا التفاوض لا يعني بحال من الأحوال التخلي عن أي شكل من اشكال الكفاح، وضرورة تلازم كل اشكال النضال في ان واحد. ولا يجوز وضع قيود على اشكال النضال؛ حادي عشر السيطرة الكاملة على قطاعات الاقتصاد الوطني، ورفض ربطه باي علاقة او غلاف جمركي مع دولة الاستعمار الإسرائيلي، والسيادة على الحدود والمعابر والمياه الإقليمية تعود فقط للدولة الفلسطينية صاحبة الولاية على ترابها الوطني؛ ثاني عشر تحرير الاسرى فورا ودون تلكؤ او انتظار، ورفض منطق التمييز بين اسير واسير، لان كل الاسرى، هم اسرى حرب، ومناضلون من اجل الحرية والسلام العادل، واذا كان هناك أولوية فهي لمن دافع وقاتل من اسرى الحرية، ورفع اسم فلسطين عاليا، واستعاد مكانتها على الخارطة الجيوسياسية؛ ثالث عشر وقف كل اشكال التنسيق الأمني، وبقاء التنسيق اللوجستي الإداري وفق معايير الاتفاقات، وفي حال حدوث اية انتهاكات او أخطاء تتم العودة لممثلي الشرعية الدولية للبت بها، وليس لإسرائيل المارقة والخارجة على القانون؛ رابع عشر المساواة الكاملة لابناء الشعب الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة، ورفض كل القوانين العنصرية والفاشية، واسقاطها والغائها فور التوقيع على معاهدة السلام، والسماح للفلسطينيين بالسكن حيثما يريدون، والاعتراف بكل قراهم ومدنهم، ومنحهم الحقوق كاملة، واسقاط قانون كامينتس وقانون "القومية الأساس وقانون النكبة ولم الشمل، وغيرها من القوانين الجائرة، وحظر الفاشيين الصهاينة من المشاركة في الانتخابات بمختلف عناوينها، واعتقالهم فورا.
اما غير ذلك من الحلول فهي مجرد الهاء، وضحك على الدقون، وللتسويف والمماطلة ولخدمة دولة الاستعمار الإسرائيلية  وعلى الغرب الرأسمالي ان يعيد النظر بدعمه اللا مشروط للدولة الكولونيالية، وملاحقتها وفرض العقوبات عليها كدولة فصل عنصري.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com