الرئيس الخصاونة ومرحلة المراجعة
زهير العزه
في المبدأ والمنطلق ، نريد لهذه الحكومة أن تنجح ، نريد لها أن تستمر من أجل إكمال الملفات الهامة التي عملت على حلحلتها ، فقد تعبنا وتعب الناس من شدة الازمة الاقتصادية الخانقة ومن تآكل الرواتب والاجور لمن يعمل ومن فقدان الامل لمن ليس لديه عمل ، حتى وصل الحد في المواطن أن ينهار تماماً نتيجة عدم وجود حلول فاعلة أو شبه فاعلة أو فعلية للمشاكل التي يعاني منها ، وهذا ماتؤكده مؤشرات نسب ارتفاع العنف المجتمعي بشكل قاس ومليئ بالمآسي والويلات.
ندرك أن الرئيس بشرالخصاونة الواقف على شفا جرف إقتصادي وإجتماعي بل وسياسي داخلي قدم ويحاول أن يقدم الحلول يشاركه نفر قليل من الوزراء ، كما ندرك أنه قام ويقوم بمهمة شبه مستحيلة ، وهي إنتشال اقتصادنا من قعر جهنم ، كما ندرك أيضا إنه رمى بنفسه في لُجةٌ عميقة من المشاكل السياسية والمالية والاقتصادية والاجتماعية التي ورثتها حكومته من حكومات سابقة، وبالتالي فهو يدرك أنه ليس هناك لقاحاً للمعضلة المتحكمة بأحوالنا والتي تترك أثرها على كل مناحي الحياة ، ومع ذلك فهو هو يقود المركب بصمت وهدوء وبعيداعن الشعارات الشعبوية مدعوماً من جلالة الملك بالرغم من تأثير ما تتخذه حكومته من قرارات على شخصه وعلى المحيطين به.
اذاً فالرئيس الذي "استحقها" لقباً وموقعا كما يقال بالعامية ، كان ولا يزال أمامه الكثير من التحديات التي تتربص به بل وبكل الجهاز الحكومي ، لذلك فهو مطالب اليوم أن يحث وزراء حكومته على النزول للميدان وفتح ابوابهم المغلقة للاستماع للمواطن والبحث جدياً عن حلول ، حيث المشاكل لا يمكنها ان تنتظر المزيد من الوقت المهدورعلى حساب "انتظرونا فنحن ندرس الخيارات" وخاصة في ملفات الفقر والبطالة وهما "أم المشاكل" والمعركة معهما وحلهما أو التخفيف منهما هي"أم المعارك" ، وكذلك الملف الاقتصادي المتعلق بمعيشة المواطن وملف الازمة الاجتماعية وملف العنف المتصاعد من حين الى آخر.
المواطن يعيش تحت وطأة ازمة اقتصادية تنوء عن حملها الجبال وهناك في الوقت نفسه وزراء ووزارات ومجلس نيابي يتهربون من حمل جزء يسير من مسؤولية الاستحقاقات المعيشية وإنقاذ ما يمكن إنقاذه عبر المساهمة في إيجاد الحلول السريعة ، أو تقديم مشاريع قوانين أو مقترحات متلطّين بعناوين كبرى بأن الازمة عالمية او بشعارات شعبوية لا تطعم جائعا واحدا... ولا توفر دواء لمريض ولا فاتورة علاج ... أو تدفع إيجار سكن او تدفع القسط الجامعي ... ولكأن ما نعيشه سرطان إهمال أوغياب عن الواقع يتفشى في جسد بعض الوزارات والوزراء وجسد الوطن ونواب الوطن على حد سواء...
اليوم رئيس الحكومة الدكتور بشرالخصاونة والذي طالب الوزراء النزول للشارع في أكثر من مناسبة للتعرف على مشاكل المواطنين يحاول البعض تحميله المسؤولية عما جرى قبل حكومته وبعدها ، وهو في نفس الوقت يواجه كما المواطن وزراء في الحكومة هم أعجز عن القيام بالعمل وفق رؤية جلالة الملك أو وفق توجيهاته في إطارالمصلحة العامة المناطة بعمل هؤلاء المسؤولين، وهذا ما اكتشفناه من خلال الحوادث المفجعة والمفاجئة التي واجهتها الحكومة والوطن في لحظة ما ، بحيث فضحت جميع هذه الحوادث أوجه التقصير في أداء الوزراء والوزارات والمؤسسات التابعة لها .
واليوم أيضا مطلوب أن يسارع الرئيس الى إحداث هزة محاسبة تطال كل المسؤولين عن التقصير في الاداء اينما كانوا وفي أي موقع هم يشغلونه ، وزراء مدراء عامين أمناء عامين وعلى رأس تلك المجموعة أمين عمان الذي ثبت أن الخدمات في عهده تراجعت وأن التقصير في"أم الازمات العمانية " المتعلقة بأزمة السيرالخانقة تعود الى الفشل الذريع الذي تعاني منه إدارات الامانة وقياداتها ، وبالتالي المطلوب من الرئيس الآن ان يقوم باختيار شخصيات قادرة على العمل، يكون الجامع بين عملهم ومهامهم محكوم بسرعة التصدي والانطلاق على خط الحل، وعدم تكبيد الاردن والاردنيين مزيدا من الوقت المهدور في وضع الخطط والبرامج والدراسات وغير ذلك من ادعاءات لم يعد يصدقها المواطن.
إن المواطن الذي يعيش على إيقاع الجوع والألم والمرض والفقر والبطالة وتراجع القيمة الشرائية للرواتب وشح الدعم المقدم له وكل ما يندرج من عناوين مقومات العيش ، يحتاج الى خطة استثنائية يحملها رجال لهم الخبرة والقدرة على تحمل المسؤوليات ، ولهم الخبرة على التواصل مع الناس وشرح ما يجري خلف المكاتب،فالوطن لايحتاج الى من اذا ركبوا مركباتهم الحكومية يختفون خلف صحيفة او زجاج ملون ولا يحتاج الى من يتوشحون بالدعم العميق من جهات عميقة ترفعهم فوق كرسي المحاسبة والمراقبة او المتابعة حتى من الرئيس الخصاونة شخصيا ، فيظن أحدهم عندما يرى ظله في الشمس أن البلد على قدر كفه يفعل به ما يشاء فقط لأنه محمي من هذه الجهة أوتلك أوذلك المكتب أو ذاك.
المواطن اليوم يسأل عن الحل، ويريد وضوحا تاما في التعامل معه، بحسب ما تفرض المرحلة وصعوبتها،لذلك فالرئيس الخصاونة ومع دخولنا في الاصطدام المباشرمع أشد وأقسى حالات الاختبارات المعيشية نتيجة رفع أسعار المحروقات، مطالب بإجراء التغيير الفوري على حكومته لإطلاق ورشة عمل للنهوض بالاردن من أزماته، وذلك بالعمل على إنجاز ملفات أساسية تتعلق خصوصا بالفقر والبطالة والاهمال المستشري في القطاع العام ومنه بالطبع البلديات والذي اخذت نتائجه تؤدي الى ازهاق ارواح الناس وخاصة في عمان ، إضافة إلى عناوين أخرى يفترض أن يكون العمل جار للخوض في غمارها ، وكل ذلك لن يتم الا اذا تخلص الرئيس الخصاونة من وزراء التأزيم والاهمال والعجز والنميمة وأمناء عامين لا يقلون عن الوزراء تقصيرا ، اضافة لاجراء مراجعة حقيقية لما يجري في أمانة عمان ومنها إقالة الامين فوراوفتح ملف كل ما جرى في عهده من تقصير وخاصة في موضوع رخص المهن والابنية والجسور والطرق.