الدولة وترنح بئس المصيرعلى تكرارالمآسي



زهير العزه
الامر الواقعي في هذه الأيام وهذا الوقت المآساوي الذي لم يعد فيه المواطن يستطيع أن يلاحق ما تشهده الساحة الداخلية من أحداث أو فضائح او إرتكابات من قبل بعض المسؤولين، هو شعورالمواطن أنه يعيش في ظل شريعة الغاب التي برزت وتبرز من خلال تسلط بعض المسؤولين على الشعب بإستغلالهم لمواقعهم لتحقيق مصالح خاصة لهم ، وفي الوقت نفسه ينظرهؤلاء المسؤولين للمواطن على أساس أنه ضلع قاصر يتحكمون به من مواقعهم الرسمية ومن القوانين الظالمة أو السلطة والاموال التي يتمتعون بها .
والامر الواقعي الاخر، أن هؤلاء من خلال مواقعهم في الدولة بأجهرتها المختلفة او من خلال نفوذهم المالي أوالسياسي جعلوا كل مؤسسات الدولة لا تحظى بالتقدير والاحترام الذي تمتعت به منذ بدايات التأسيس وحتى مرحلة ما عرف بالانفتاح أومرحلة "الليبراليون الجدد" والتي كان عنوانها بيع مقدرات الوطن في ظل تحالف السلطة ورأس المال، ما أدى حتما الى فقدان الثقة بين أجهزة الدولة والمواطن.
اليوم وفيما نشهد حالة التردي التي تمس كل شيء في حياة المواطن من التعليم والصحة والخدمات البلدية والبطالة والفقر والترهل في الخدمات العامة وانتشار للمحسوبية والفساد المالي والاداري ، وعدم محاسبة كبار المسؤولين من مرتكبي الخطايا بحق الوطن والمواطن ،نرى بعض المتنفذين ما زالوا مصرّينَ على زيادة معاناته، بل على جعله يكفر بكل ماهو مقدس وطنيا وذلك عندما تجاوزوا على القانون والانسانية فذبحوا الوطنية عنده، وجعلوا من حصوله على لقمة العيش " بطلوع الروح" جزء هام من معركة إهماله وإهمال حياة أطفاله ومستقبلهم بل ومستقبل البلد بأكمله، وما بعض ما يقومون به "دعاية" إلا لترميم الفشل ورمي المسؤوليات على المواطن في مجمل ما يحدث. 
ودون الدخول في السبب والمسبب والعلة والمعلول ،البلد يلتهب أزمات وأسعار وبطالة وفقر وجوع وفساد وإفساد، ولم يكن ينقصه الا المزيد من الفضائح التي هزت وتهز صورة المؤسسات الوطنية حتى دخلنا بحرب النشر في الممنوع الذي أحتل مواقع التواصل الاجتماعي بوتيرة عالية جعلت من حرب المنشورات خنجرأخر من خناجر نحر البلد، بل والذهاب نحو حرق المسؤول "الصالح وليس الطالح فقط " وحرق وتشويه صورة المؤسسات التي بناها الاردنيين بالدم والعرق والجهد ، وأكثر من ذلك حرق البلاد بأكملها”قبل الذهاب بها الى جهنم وقبل بئس المصير . 
ونحن ندرك اليوم وحتى هذه اللحظة أن بئس المصير يترنح بسبب عدم الجدية في محاسبة المرتكبين من المسؤولين الكبارمن أعلى هرم الوظيفة الى القاعدة، وبسبب عدم وضع حد للمتجاوزين على أخلاق الوظيفة العامة وعلى القانون برمته...!،لكن بالمقابل ندرك أن الصورة" المشهدية المتحورة" للأداء العام للدولة الاردنية منذ أعوام وحتى الآن تقول اننا ذاهبون نحو أبغض الحلال " الطلاق " مع المواطن والموضوع مسألة وقت،لأن إبقاء الناس في دوامة التردد في محاسبة المسؤولين الكبار والفاسدين والفساد وقمع الحريات وتركيب المجالس النيابية الضعيفة، ومحاربة الاعلام كسلطة رقابية تهزعرش الفاسدين، والهرب الى الأمام بإنتظارالمجهول الذي لا يبدو أنه سيأتي مترافقا مع إستمرار الازمة المعيشية للمواطن، هو أمر يسيء للدولة ويضعفها أمام المواطن وأمام العالم أجمع.  
 نحن اليوم نعيش مأساة ومهزلة تحت سقف واحد، المأساة أن الاردنيين يعانون في كافة مناحي حياتهم ، واما المهزلة تتمثل بمسؤولين غير مسؤولين لا يهتمون ولا يبالون إلا بمصالحهم ومكاسبهم وبانحرافاتهم التي تزيد الأمور تعقيدا والأوضاع تدهورا،لذلك نقول للقابضين على جمر القرارات في البلاد من أهل المنظومة المتحكمة بالعباد كفى التلاعب بالاردنيين وبأرزاقهم والتعامل معهم على قاعدة المزرعة !، وكفاكم هربا إلى الأمام بعناوين إصلاح وتغيير حتى أنتم لا تصدقونها، فكيف بالناس التي جربتكم؟،.. فعيب التدجيل حتى هذا الدرك… وعيب الكذب إلى هذا الحد… وعيب أن يصير العيب بلا قعر حتى هذا المستوى! فكفى تعنتا وإنكارا لحقيقة أكيدة انه قد حان وقت الحساب وأنه بدون الحساب لن تستقر الامورعلى حفظ ماء وجه الحياء نفسه، فعدم محاسبة من يقبعون في رأس الهرم ويرتكبون الموبقات سيعطي غيرهم المساحة لارتكاب ما أرتكب من سبقهم وظيفيا ، كما أن التمادي في خنق الحريات العامة وملاحقة النشطاء السياسيين والاعلاميين الذين يدافعون عن حقوق الوطن ويعرون الفاسدين في مختلف المواقع سيؤدي حتما الى تصاعد حدة الغضب.
إن استمرار التعنت في إبقاء الحال على ماهو عليه سيؤدي الى المزيد من الحصانات لمسؤولين ترتفع في مختلف المواقع الوظيفية ولا ترفع عن المرتكبين منهم .. وسيؤدي الى إبقاء السلطات بيد من قامروا ويقامرون بحياة المواطنين ومستقبلهم بل بالبلد عن بكرة أبيه، وسيرمون به في نيران جهنم، وستعطي للفاسد المساحة من أجل ممارسة شذوذه وقمعه واستغلال المؤسسات لتحقيق مصالحه الشخصية على حساب الوطن بمجمله ،وهذا يعني أن بعض المسؤولين يأخذون الوطن الى مرحلة ما قبل السقوط... ولا داعي الى تكرار المآسي بتعدادها لهم فتقاسمهم للغلة أنساهم أنهم يعيشون في وطن، ولهم فيه شركاء وليس في مزرعة...فمتى سيعترف هؤلاء باخطائهم المبدئية التي قادتنا الى ما وصلنا اليه ؟