سياسة خليجية مستقلة
لا تسعى المجموعة الخليجية على الأغلب، لاستبدال تحالفها السياسي والأمني مع الولايات المتحدة، بالتحالف مع روسيا ومعسكرها، على خلفية قرارها عبر مجموعة أوبك-بلس بتخفيض إنتاج النفط مليوني برميل يومياً بداية من شهر تشرين الثاني 2022 المقبل.
صحيح أن ما تؤكده أطراف أوبك-بلس، خليجياً وروسياً، أن قرارها النفطي، قرار إقتصادي محض، تمليه أسواق النفط وتحاشي تدني أسعاره، رغم ذلك، لا شك أن هذا القرار، له تداعيات سياسية، تستفيد منه روسيا التي تتعرض لعقوبات سياسية واقتصادية ودبلوماسية على خلفية اجتياحها إلى أوكرانيا.
المعركة الروسية الأميركية مفتوحة تصعيدية بين الطرفين بحجة أوكرانيا، ولكن الدافع الحقيقي لروسيا إنهاء السيطرة الأميركية وهيمنتها الاحادية على المشهد السياسي الدولي، منذ نهاية الحرب الباردة و هزيمة الاتحاد السوفيتي.
دوافع الولايات المتحدة ودعمها العسكري والمالي والسياسي لأوكرانيا، إستنزاف روسيا وإضعافها حتى لا تتمكن من استعادة دورها ومكانتها، وبقاء هيمنة القطب الأميركي الواحد على المشهد السياسي الدولي.
قرار الأوبك- بلس، ليس بعيداً عن فهم المجموعة الخليجية، ومفاده أن قرارها له نتائج سياسية على المستوى الدولي، و ملخصه التخلص من التفرد الأميركي بدون اي اعتبار للاخرين، والبحث الخليجي في الموقف عن حالة من التوازن نحو واشنطن وموسكو، وليس استبدال أحداهما بالأخرى.
التوجه الخليجي هذا جديد في مسعاه ومنطقه ودوافعه، مما سيترتب عليه تداعيات مفترض احتمالها، طالما أن القرار الخليجي يتوجه نحو الاستقلالية والاستفادة من التحولات الدولية الجارية أو المتوقعة والمتمثلة بعوامل :
1- نزوع روسي صيني نحو العودة إلى نظام القطبين من موقع القوة.
2 - طلعات أوروبية مرتقبة نحو سياسة أكثر إستقلالية عن السياسات الاميركية، وذلك بعد إنتهاء فترة العقوبات الدولية على كل من المانيا منذ الحرب العالمية الثانية، وعلى تركيا منذ الحرب العالمية الأولى، والمؤكد أن العاصمتين الالمانية والتركية مع باريس سيتوجهون نحو سياسات وسطية متزنة في التعامل مع مظاهر صراع النفوذ الأميركي البريطاني من طرف، والروسي الصيني من طرف آخر.
هذه التطورات وغيرها، وعدم الوفاء الأميركي نحو المجموعة الخليجية بشأن السياسات الإيرانية، فالاتفاق النووي الايراني الذي توصلت له واشنطن في عهد أوباما، ويعمل بايدن على إعادة العمل به، شكل حالة القلق الخليجية بسبب توسع النفوذ الإيراني على حساب الخليجيين وأمنهم واستقرار بلادهم، مما يدفعهم لتوسيع شبكة علاقاتهم وتحالفاتهم حماية لأمنهم الوطني.
زيارة رئيس دولة الإمارات إلى موسكو تسير بهذا الاتجاه الاستقلالي ، بدون تأييد أبو ظبي لسياسات موسكو، وبدون إنحيازها لأية إجراءات تصادمية مع السياسات الروسية نتيجة اجتياحها أوكرانيا.
الخليجيون لديهم قدرات مالية ونفطية وغازية، وإتساع درجة الرؤية عندهم، وهي عوامل كافية نحو اندفاعهم للتخلص من الخيار الأحادي، وبحثهم عن توسيع علاقات الشراكة بينهم وبين الآخرين.