الرواية الأردنية هي الصادقة..

إقرأوا التاريخ جيدا لتعلموا كيف ولماذا نشأ هذا القبح :
التاريخ هو كل التفاصيل في الماضي من أحداث ومواقف وسير ولا يمكن أن يلم بكل تفاصيل التاريخ بشر ولا يمكن أن يضمه كتاب أو سلسلة كتب عن مرجع واحد والأهم أن كل سرد تاريخي سواء أكان حقيقي وثابت أو شابه تزييف وتزوير يقرأ ويفهم حسب إدراك الدارس أو المتلقي أو السامع وأحيانا يكون سرده بطريقة معينة ليوصل أفكارا ليست هي الحقيقة .

والأحداث التاريخية أو حتى أي حقبة من التاريخ لا يصح أن تقرأ منفصلة عما قبلها من حقب فالتاريخ هو سياق احداث وتفاصيل تتابع وتتصل لتكون أحداثا أخرى ولتنتج تاريخا من التاريخ , و إذا فصلنا حقبة أو أحداث عما كان قبلهما فهو ليس تاريخا بل قصة نقتصها من التاريخ لإيصال أفكار محددة وعبر يريدها فقط من إجتزء التاريخ .

وبالعودة للتاريخ الذي لا يختلف عليه إثنان والذي يسرد تاريخ هذا البلد وشعبه والعلاقة بالشق الآخر من القلب العربي غربي النهر فلا أحد يشكك مطلقا بأننا على ضفتي نهر الأردن شعب واحد لم يكن يفصل بيننا في التاريخ وفي الواقع وفي الهم وفي الحلم إلا جريان نهر الأردن وهو لا يفصل إلا يابسة عن يابسة ويؤثر على زمن الإلتقاء وزمن السفر من ضفة لأخرى .

ومن الحقائق البسيطة مثلا أن (الشماغ الأحمر ) الذي هو الآن يرمز للأردن في كل العالم والذي جاء من إرتباطه بزي الجيش العربي بقرار من (كلوب باشا ) قائد الجيش قبل تعريب قيادته العسكرية كان هو المنتشر إرتدائه غربي النهر لا شرقيه بين الأهالي وكانت الحطة أو الشماغ الذي يلبسه الرجال بلا إستثناء شرقي النهر هو الأبيض المنقط بالأسود أو الأبيض الكامل أو الأسود الكامل ولكن الشماغ أو الحطة بالأبيض والأسود هي السائدة عند الرجال .

وقصة تبادل هذين الشكلين أو اللونين ليصبحا كل منهما يرمز لأهل الضفة المقابلة جاءت من جهات رسمية وبقرارات فردية حولتهما مع الأحداث المتعاقبة ومرور الأيام إلى رمزين واضحين (فالشماغ الأحمر ) إختاره (كلوب باشا ) للجيش العربي لأنه يناسب بقية الزي العسكري لونا فصار رمزا للجيش العربي ولرمزية الجيش عند الأردني صار رمزا للأردني وبالمقابل (فالشماغ الأبيض المنقط بالأسود ) قد إختار أن يلبسه المرحوم (ياسر عرفات ) حبا وتقربا من الأهل والعمق والسند لأهل فلسطين وهم القبائل والعشائر الأردنية وهم الذين جعلتهم نخوتهم لفلسطين والقدس يلتحقون بركب الثوار والمناضلين في فلسطين منذ أول رصاصة أطلقت بإتجاه فلسطيني وهم الذين إعتبروا بيوتهم وأموالهم وأولادهم وقف ومدد لفلسطين وأهلها فكان (ياسر عرفات ومن معه ) في تلك البيوت -إذا ما توجهوا إليها - أصحاب بيوت "ومعازيب" وليسوا ضيوفا وأذكر أنني سمعت من طاعنين في السن من الرجال والنساء بأن النساء في الأعراس كانت تردد أهازيج في (أبو عمار) وكانت تعلو الزغاريد عند ذكر إسمه كقائد للعمل الفدائي من أجل فلسطين , ولهذا كله إرتدى (أبو عمار ) كوفية الأردنيين البيضاء المنقطة باللون الأسود حبا وإحتراما للأهل في شرقي النهر ولم يخلعها يوما في ظهور علني ومع تحوله كشخص رمزا وقائدا للعمل الفدائي ثم قائدا لحركة فتح ومنظمة التحرير تحولت كوفيته إلى رمز للفدائئين ورمز للمقاومة ورمز لفلسطين ونضالها ضد المحتل الغاصب .

ولو راجع أي أردني أية وثائق أو كتب تضمنت صورا من مضارب العشائر والقبائل الأردنية أو لو نظر أي أردني لأرشيف صور لأبيه وجده لوجد أن الكوفية البيضاء المنقطة بالأسود هي كوفية أجداده شرقي النهر وكذلك لو راجع فلسطيني من أهلنا غربي النهر أقدم إرشيف صور لوجد أن الكوفية (الحمراء ) كانت لأجداده .

هذه قصة ترمز إلى تاريخ الوحدة لشعب واحد لا فوارق بين من هم غربي النهر عن من هم شرقيه إلى إلا شكليات في الأزياء أو في اللهجة واللكنة والدليل الأعظم على وحدة الحال هي تلك الحقبة أو المرحلة التي تحولت فيها الأراضي الأردنية إلى قاعدة ومنطلق النضال الفلسطيني والأردني في مواجهة العدو وكانت كتائب ومجموعات الفدائيين تعسكر في أرجاء الوطن تجند وتدرب كل عربي من كل المنابت لينضم إلى صفوف الفداء من أجل القدس وفلسطين , فهل هناك دليل أوضح من هذا على وحدة العقيدة والمنطلق ووحدة الهدف ولغاية والمصير ...؟؟؟؟

لكن أجندات من زعموا الإنتماء للعروبة ومن تصنعوا -زيفا وكذبا -سعيهم لخلق وحدة عربية وهم -في الحقيقة عملاء - أرادوا تنفيذ أجندات مشبوهة فأتصلوا وتواصلوا ودبروا وتآمروا وجندوا فصائل وقادة من الفدائيين فقلبوهم على أنفسهم وعلى عقيدتهم وعلى شعبهم وطمعوهم بالحكم والتحكم وأمروهم بالإنقلاب على حاضنتهم وعلى معسكرهم الأساس ومعقل الأسود الذين يتأهبون معهم لتحرير الأرض فكانت أحداث (السبعين ) التي إشتق منها تجار الأوطان (فتنة كبرى ) أرادوها لقضاء وطرهم السياسي وتنفيذ أجندات مشبوهة لأنظمة عربية تآمرت على القضية وتآمرت على الأردن وفلسطين وتآمرت على وحدة شعب عربي كأنه النسر قد فرد جناحا شرقي النهر والآخر غربي النهر على الأرض التي باركها الله وسميت أرض الحشد والرباط , فكان (الإسفين الأول ) الذي دق وكانت الأحداث التي تحولت إلى (قميص عثمان ) فدأب وواضب كل تاجر وكل عميل وكل خائن على اللعب على أوتار تلك الفتنة التي صنعتها أنظمة عربية وتواطأ معها قادة فصائل وأحزاب وطبخوا وصفة (الصدام المسلح ) بين فصائل ومليشيات عسكرية مع الجيش العربي المصطفوي , تلك فترة وأحداث قد تكشف عنها لاحقا حجم الإغداق بالمال والسلاح فيها على قادة الفتنة فقط من أجل شق الصف وفصل الشعب الواحد إلى شعبين يقف كل شعب في خندق مقابلا الآخر وكل ذلك لصرف أفواه البنادق والدبابات عن العدو الحقيقي ليوجه الأخ بندقيته إلى صدر أو ظهر أخيه ..!!!

تلك هي الحقبة والأحداث التي كان (مهندسوها وممولوها ) في عواصم أخرى غير عمان والقدس وتلك هي أول كذبة رددها رواة تاريخ أسود لساسة وعسكريين (وحكواتيه مأجورين) وقد واصلوا سرد الحكايات الملفقة وتغييب الحقائق على أجيال منها من كان بعيدا فيه حينه ومنها من ولد بعدها فتعاقبت الأجيال التي لم تسمع إلا الرواية المزيفة والكاذبة عن علاقة الشعب الواحد الذي توزع على ضفتي النهر شرقيه وغربيه حتى تمكن العملاء والخونة للأمتين الإسلامية والعربية من نسج روايتهم المزيفة بفصولها المختلقه ودرسوها وأرضعوها لأطفال مع حليبهم حتى خلقوا (ثقافة العنصرية ) بين الإخوة والأهل فمصالح الأعداء والعملاء لا تزدهر ولا تتحقق إلا بها النوع من الشقاق وببراعته أولئك التجار في اللعب على حبل مشدود ويجب أن يبقى مشدودا بين طرفين لأنه في تقارب الطرفين يرتخي فيسقط كل البهلوانات التي تسير وتمارس العابها على هذا الحبل .

هذا هو التاريخ بحقائقه التي لا يشق على طفل بلغ العاشرة أن يصل إليها إذا أراد البحث عن حقائق وهذه هي العلاقة في الأصل بين الذي سمي الأردني والذي سمي الفلسطيني وليدقق كل من أراد التوثق من حقائق التاريخ بشواهد القبور في أرجاء فلسطين وببقايا مخلفات المعارك التي دارت على أرض فلسطين وليبحث قليلا حول رفات أي شهيد دفن في أرض المعارك في فلسطين وليفحص ما يجد من سلاح دفن أو بقي فوق الأرض فناله الصدأ وليركز على فحص أي (مخزن ) أو (باغة ) وحتى (الظروف ) التي تستقر على الأرض حول أي مقاتل أو حول ومع أي سلاح خفيف أو ثقيل , فلينظر هل سيجد (مخزنا أو باغة ) وفيها (رصاصة أو قذيفة) لم تطلق ..؟؟؟, ونتحدى كائنا من كان ومهما كانت وسيلته متطورة أن يجد لنا رفات جندي أردني قد دفنت معه رصاصة واحدة لم تثر من سلاحه وبقيت في (مجنده) أو بقايا (دبابة ) لم تستنفذ كل ذخيرتها من القذائف، وندعو ذلك المستكشف أن يجلب الفحص الفني العلمي ليفحص (الحراب على البنادق ) فتطور العلم سيثبت أن الحراب قد إستخدمت بعد نفاذ الذخيرة في طعان (اليهود الغزاة ) فنتانة الدم على تلك الحراب من أثر من نفقوا منهم من السهل كشفها بالمختبرات وغير المختبرات ...!!!

تلك هي روايتنا الصادقة والحقيقية والتي يشهد عليها الله- جل في علاه - وتشهد فلسطين بشجرها وحجرها والصادقون من أبنائها فلا تصدقوا غير روايتنا الأردنية فكل رواية أخرى كاذبة وقد إبتدعها إما عدو أشر وإما عميل خائن وإما تاجر أوطان لا يبغي من دنياه إلا جمع الدرهم والدينار .

إقرأوا التاريخ جيدا وأسجدوا على الأرض في شرقي النهر وفي غربيه وتحسسوا جيدا بحاسة الشم راحة الأرض ورائحة الزيتون والليمون والبرتقال وستعرفوا أن عطر الأخوة والشهادة والفداء ما زال عالقا ويفوح ، لكن الأنوف التي أزكمتها السياسة العفنة لم تعد قادرة على الشم والعقول التي غلفها الجهل لا تستطيع فهم وإدراك كل الرسالات العصبية التي ترسلها حواس الإنسان إلى عقله .

الأردن وطن القضية وفلسطين قضية الوطن والأمة ..!

الأردن أولا وفلسطين دائما تلك هي الرواية الأردنية .

رايق عياد المجالي /ابو عناد