النائب الرواشدة يسأل : من اين يأتي سواد النظرات ومن المسؤول عنه؟

سؤال نطرحه بكل الشفافية والصراحة والمكاشفة امام من ينعت الاخرين بالنظرة السوداوية، ونسأله بكل حرص وامانة على مصلحة الوطن والمواطن انطلاقا من مبدأ نحن شركاء في الوطن ونحن شركاء في المسؤولية، ومن حقنا ان نقول كلمة حق حتى لو لم يرض عنها زيد او عمرو ممن لا تعجبهم المواقف الناقدة بل الشاكية لما وصل اليه حال المواطن البسيط او ما يسمى بالمواطن العادي. ومن حقنا مرة أخرى ان نطرح السؤال العريض وبكل الأمانة، من أوصل الناس الى هذه الحال؟ من هو المسؤول عن حالة اليأس وفقد الثقة بكل ما يقال من شعارات لغد أفضل ومستقبل أجمل؟ من الذي جعل المواطن يقف محسورا مقهورا على عتبات الانتظار واعناق الزجاجات التي طالت واستطالت بشكل لم يعد يسمح ببصيص امل للخروج منها، من الذي اوعد المواطن بالحلق (بفتح الحاء واللام) فلم ير منه شيئا، من الذي اسكته باسم الدعم تارة للخبز وتارة للكاز وتارة للكهرباء، ومسلسل الدعم لا ينقطع لدى الحكومات، وكأن المواطن لا يتغذى الا على الخبز فقط، من الذي اشعره بتوارث المناصب واحتكار كراسي المسؤولية؟ من هو يا ترى الذي جعله ينتظر طابور التوظيف الطويل جدا امام ديوان الخدمة المدنية املا بان يجد عملا قبل سن التقاعد المبكر وغير المبكر؟ من الذي يحمله ما لا يطيق من ضرائب ومسميات لها دخلت القاموس الضرائبي والاقتصادي مبتدعة لحلب اخر ما تبقى في جيبه، وهو يحلم بان يجد مردودا لها في شوارعه المهترئة وغي مياهه النظيفة وفي خدماته المتراجعة؟ والقائمة تطول سادتي.
ونحن إزاء الاتهام بالسوداوية نحتاج وبكل صدق ان نشعر لو لمرة واحدة ان الوعود تتحقق وان الامل حقيقي، ومن لا يعايش معاناة المواطن البسيط فكأنه مصاب بغشاوة في النظر ولا يدرك حجم المعاناة التي شكلت مصدر الإحباط والتشكيك في القدرة على الخروج من عنق الزجاجة او النفق المظلم او حتى ما يسمى ضنك العيش وغياب الإحساس بمستقبل أفضل للأبناء، فكيف للمواطن ان يستعيد الثقة بالوعود؟ وكيف له ان يثق ان القادم أفضل؟ ان التطور التدريجي في مسيرة التنمية امر مفهوم ولكن ما زال هناك توقف في كثير من المجالات، الفقر ما زال منشرا، الجريمة تزداد، رغم جهود الأجهزة الأمنية الجبارة لمكافحتها والحد منها، قوائم العاطلين عن العمل من الخريجين تتفاقم وتتراكم وتزيد من أعباء الاسر للإنفاق على فئة الشباب الفاقد للأمل، اعداد الراغبين في الهجرة، محاولا الانتحار المتكررة، الزراعة التي ارهقت المزارعين بخسارات متتالية اما لظروف جوية او لظروف التسويق بدون أي تعويض، الفاقد المائي وعجز الحكومات عن حل مشكلة المياه وهي ابسط متطلبات المواطن، وليس حال القطاع الصحي بأفضل حالا وفيه ما فيه من معاناة، صورة طبقية في مستشفى ما تحتاج أحيانا عدة اشهر فتاتي شهادة الوفاة قبل موعد صورة الاشعة، والصورة مليئة بالتفاصيل التي واوصلت المواطن للنظرة السوداوية واليأس وفقد الثقة، وقضايا الفساد ونهب المال العام تحت مسميات مختلفة والتي تطالعنا بها الاخبار يوميا، فالأمر ليس وليد موقف عابر وليس حالة نفسية مؤقتة ولا تحمل أي طابع تجاه شخص بعينه في موقع المسؤولية، لان السلسة مستمرة والخط البياني للظروف المعيشية بشكل عام في انحدار، فأرقام التضخم وارتفاع الأسعار الجنوني خير دليل حتى لا يقال اننا نلقي بالحديث جزافا، ندعو الله ان يحفظ الوطن من كل سوء وان يقي المواطن غوائل الفقر والمرض والبطالة وان يهبه الله نظارة بيضاء تجمل مواقف الحكومات في عينه.