الحكاية الكاملة وراء "الكلاب البوليسية" ..

خاص للشريط الاخباري - رائده الشلالفه - في تداعيات زيارة رئيس الوزراء د.عمر الرزاز يوم امس لبلدية اربد، وما سبقها من تنسيق أمني أفضى لاستخدام "الكلاب البوليسية" بتفتيش المبنى، وجدت منصات "السوشيال ميديا" مادة دسمة للتندر والانتقاد، راحت فيما ذهبت اليه تقويض دور الدولة في التعاطي مع الشأن الأمني برمته، فلم يكن رأس الحكومة هو الهدف المنشود لسيل الانتقادات التي صبت جام غضبها عبر صور ومقاطع فيديو لحادثة "الكلاب البوليسية".
 
المشهد بكليته لم يكن قضية انتقاد الية أمنية، لرأس مؤسسة بحجم مجلس الوزراء، وليست معارضة للبروتوكول الأمني، بقدر ما يكتنفه الموقف من حالة "تنفيس"، للشارع الذي وجد في حكومة الرزاز ذلك الرجل صاحب القسمات المسالمة، والذي على ما يبدو لم يخبر بعد "فن التملق والمداهنة" في طريقة تعاطيه مع الاردنيين افراد ومؤسسات، وان كان اداء حكومته دون المأمول سيما وانه جاء خليفة لصاحب "عنق الزجاجة" سلفه رئيس الوزراء المقال د.هاني الملقي، فقد رأوا بالرجل واعضاء حكومته معول هدم لتوقعاتهم .

التحوط الأمني الذي رأه البعض مبالغا فيه، واعتبره اخرون استفزازا جاء في سياق الاستحقاق من عدمه تجاه حكومة فشلت في تحقيق مطامع الاردنيين بحياة كريمة، أقلها وقف سيل الرفوعات السعرية والضرائبية، فالرجل وفق اعتبارات المنتقدين، وبوصفه الاعتباري لا يستحق حملة التفتيش الأمنية بصورتها التي ظهرت عليها في واقعة "الكلاب البوليسية في بلدية اربد"، زاد في ذلك ما اجمعت عليه الغالبية من جموع المنتقدين حيال التكثيف الأمني ووسوال ممن تتخوف الدولة او صاحب قرار "الكلاب البوليسية"، في حماية الرزاز والوفد المرافق ؟

لنستمع لصوت العقل لبرهة، ونلتفت الى ان زيارة الرزاز جاءت لمحافظة شمالية من محافظات الأطراف، ليست ببعيده عن جبهتنا الشمالية العسكرية، هذا الموقع الجغرافي الذي تسربت تقارير عدة استخباراتية أمنية وتسريبات اعلامية غربية تقول بالتخوفات التي قد يفرزها فرار الالاف من عناصر التنظيمات المسلحة في مناطق الصراع بالدولة السورية، واحتمالية عبورهم للحدود الأردنية،  سيما وان المرحلة الماضية شهدت حالة اختلاط في الأوراق بعد وقف تمويل العناصر المسلحة وفرارهم للشمال السوري باتجاه ادلب، 

ولا يفوتنا التذكير بما حملته تصريحات الدولة الرسمية من تخوفات تقول باحتمالية اختلاط الإرهابيين باللاجئين السوريين ممن يتمترسون على حدودنا، الامر الذي يعني احتمالية اننا قد نكون امام لجوء ارهابي تخريبي لا لجوء مدني انساني ، وليس أدق على ذلك من خشية الاردن باعتبار منطقة "الرقبان" على الحدود الشمالية بؤرة حية للارهابين، حيث يتواجد فيها مركز ايواء واغاثة لنحو 60 الف سوري، يُرجح اختلاط اعداد غير عادية بينهم لإرهابيين محتملين .

ولا يفوتنا التذكير ايضا بأن الأردن الرسمي بات غير معني بمسألة اي تنسيق امني مع الجانب السوري نظام او معارضة، لحماية منافذنا وحدودنا معه، بعد ان "وقعت الفأس بالرأس"، وقد بات التصدي لأي مخطط "داعشي" مفترض او محتمل للعمق الاردني الأولوية القصوى لدى المؤسسة العسكرية والأمنية ، وهو ما يتوجب ان يفهمه المجتمع الدولي قبل دولتي الصراع سوريا والعراق بوصفهما مصدرتا للارهاب بفعل الصراعات على ارضيهما، وقد آن للجميع ان يُسلم بحقيقة أولوية شعارنا الوطني بأن "الأردن أولا" .

على الصعيد الأمني الخارجي، كانت عملية "الرقبان" الارهابية في حزيران 2016 دقت بالفعل ناقوس الخطر، بيد انه لم تعد هناك مصوغات سياسية مُلزمة طالما وجد الاردن نفسه امام مجابهة خطرة مجانية، لا تخدم نفوذه السياسي بالمنطقة ولا تخدم استقرار امنه ، فالأجدى اذاً اعادة الحسابات الى مربعها الاول واعادة ادوار مجابهة الارهاب في سوريا والعراق الى اراضيهما، يزيد في ذلك تأكيداً ما تلا عملية "الرقبان" الارهابية من نقل العمل الأمني والعسكري على حدودنا الشمالية والشرقية إلى مستوى إغلاق الحدود عسكريا وإعتبار كل هدف بشري او آلي يتحرك نحو الحدود الأردنية بدون تنسيق محكم ومسبق هو هدف عدو سيتم التعامل معه بالنار، كل ذلك سيكون حتما في حسابات "الدواعش" .

"الكلاب البوليسية" لم تجيء لحماية الرزاز لا لشخصه او لموقعه ، بل كانت جزءا هاما من الاستراتيجية الأمنية لمجابهة اي تصور او احتمال او شبهات ارهابية  تستهدف الاردنيين وأردنهم ، فالاردن اليوم والذي بدأ باعادة رسم خارطته السياسية والتحالفية منذ اكثر من عام، عليه ان يعيد بل ويكثف استراتيجيته الأمنية الداخلية والخارجية بما يقتضيه واقع الحال .