إضراب المعلمين والمصلحة الوطنية
د. كميل موسى فرام
لا نرید الخوض بتفاصیل الأھمیة الكبرى للمعلم ودوره في بناء الأجیال وتقدم الشعوب، فنكرر بدیھیات وأبجدیات یجب القفز عنھا وعدم مناقشتھا أبداً، فمقیاس تقدم الشعوب یعتمد على سلامة تقاطع المحورین اللذین یمثلان البنیة الأساسیة: العامودي والأفقي كأساس لبناء الدولة، وھما بالتحدید؛ القضاء والتعلیم، ونحن ھنا مطمئنون لھذا الأمر وثقتنا مطلقة لسلامة الجھازین الحیویین، فجھازنا القضائي یوفر لنا الطمأنینة والعدالة، وجھازنا التعلیمي یحتضن فئة مخلصة من رسل الأنسانیة التي تضحي للقضاء على أمیة وتقدم الشعوب، ولكننا نمر الیوم بظرف عابر یتمثل بإضراب المعلمین منذ بدایة العام الدراسي للمطالبة بتحسین الواقع المعیشي للمعلم، مطالب مشروعة نؤیدھا ونطالب الجھة التنفیذیة بتلبیتھا ضمن معاییر الاستجابة التي تضمن الأداء دون ممارسة ضغوطات وتھدیدات واستخدام وسائل ضغط یمكنھا التأثیر على السلم الوطني وقد راقبنا على مدار الأسابیع الثلاثة الماضیة مارثون المفاوضات المباشرة وغیر المباشرة بین ممثلي النقابة والحكومة بشأن الوصول لصیغة توافقیة على تلبیة المطالب التي تحقق الحد الأدنى المعقول كبدایة لحسن النیة یتبعھا تلبیة المتبقي ضمن إمكانات الحكومة بما تبقى من عمر الموازنة الحالیة أو رصد مبالغ مالیة في الموازنة للسنة الجدیدة، وربما ما تقدمت بھ الحكومة من زیادة تنعكس فورا على الرواتب الشھریة للفئة التربویة یمثل بادرة خیر وحسن نیة للوفاء بوعود تحسین مستوى المعلم وظروفھ المعیشیة، خصوصا بطرح أرقام واضحة قد لا تصل لمستوى الطموح للبعض ولكنھا البدایة التي روت شتلة الثقة، ولكننا نفاجأ بالوصول لطریق مسدود نتیجة تمسمر نقابة المعلمین برؤیتھا للحلول بالرغم من تقدم الحكومة بعدة مقترحات إضافة لمقترحات تربویة ونیابیة یمكنھا التوفیق وتقریب وجھات النظر، ویمكننا ھنا باقتراح أن یضمن مجلس الأمة الوعود الحكومیة بتحسین الواقع المعیشي والمادي للأسرة التربویة ضمن ضوابط یتفق علیھا مع الأخذ بعین الاعتبار أن جمیع موظفي الدولة تنظر للأمر بنفس الأھداف والرؤیة وذلك الأمر یتطلب الحكمة من السلطة التنفیذیة عند اتخاذ القرارات المناسبة للحلول، فالمصلحة الوطنیة لا تقتصر على انصاف فئة واحدة بل النظر بشمولیة للجمیع ولا نمانع أن یمیز أصحاب المھنة التربویة لدورھم وتأثیرھم بكل منزل أردني وكل طالب بمراحلھ الدراسیة، فمن أوكلناه مھمة تعلیم أبنائنا یستحق الدعم، وربما تطبیق فكرة التكافل الاجتماعي التي تجمعنا تمثل واحدا من الخیارات المتعددة لتوفیر المبلغ المطلوب لتخفیف الاحتقان .والعبء على طرفي المعادلة شریطة عودة الطلاب لمدارسھم فورا وقبل المباشرة بالتفاھم على الجزئیات أو التفاصیل نرفض بشكل قاطع أن یكون مستقبل الطلبة رھینة لخلافات بین النقابة والحكومة، ولا یعقل أن یكون العناد سید الموقف، فقد نختلف على أمور متعددة مفصلیة وحساسة لكننا لا نختلف على الوطن وأمنھ واستقراره وعلینا الحفاظ على الأمن الاجتماعي الذي یمیز الدولة الأردنیة، وربما نظرة لما یدور في محیطنا یعطینا العبرة ویذكرنا بأننا الأفضل، متمنیا أن تسود لغة الحكمة والعقل على قرارات الساعات القادمة بعودة الطلبة لمدارسھم وانتظام الفصول الدراسیة .بالتوازي مع الحوار بین الطرفین للوصول لصیغة توافیقة، فلیس ھناك صراع بین قطبین، فلغة العقل تكسب الوطن والجمیع، والتعنت یخسر الوطن والجمیع.