النائب ماجد الرواشدة يكتب : شهيد الامن والوطن..
ندين بكل عبارات السخط والادانة والشجب والرفض ما حدث بالأمس، رغم انه لا يوجد في قاموس اللغة ما يكفي للتعبير عن رفض ما حصل وعن بشاعة ما حصل، لم يكن العقيد عبد الرزاق الدلابيح اول شهيد ولن يكون اخر شهيد يضحي بدمه في سبيل وطنه وامن بلده، وقوافل الشهداء عن كرامة الوطن والمواطن لن تتوقف قطعا، ولكن ما حدث هذه المرة مختلف من عدة جوانب، نظرا للظروف الذي حصل فيها، وان يد الغدر التي امتدت الى أحد الرجال الذين يسهرون على حماية الوطن هذه المرة هي من نفس أبنائه مستغلا ظرفا غير اعتيادي، وخارجا عن نطاق التعبير السلمي عن المطالب المحقة والتي يراد منه لفت نظر الحكومة التي ما زالت بعيدة عن الواقع ولا تستمع لأي نصيحة وكان ما حدث امرا متوقعا، لان المسؤول في مثل هذه الظروف هو من سمح للموقف ان يصل الى حد وضع رجل الامن في مواجهة المواطن، وقد اعتدنا ان يكون المواطن رديفا لرجل الامن، فلمصلحة من هذا الاغماض وهذا الصمت وهذا الجمود في ردة الفعل؟ الم يكن متوقعا ان تستغل مثل هذه الاحداث وهذه الظروف من مجرمين وحاقدين على الوطن وامنه، الم يكن متوقعا ان تكون هذه الظروف حاضنه لذوي النوايا الشريرة التي تريد ان تضع المواطن في مواجهة أبنائه من رجال الامن العام والدرك وحتى الجيش؟ الم يكن يعلم صاحب القرار ان الاستمرار في العناد وعدم الاستجابة للمطالب بطريقة مقنعة أكثر سوف يقود الى مثل هذه النتائج؟ الا يعلم صانع القرار ان هناك من يتحين الفرص للنيل من استقرار الوطن وخلق جبهة من الاحتكاك غير المبرر مع رجل الامن؟ ومن هو رجل الامن؟ اليس هو الابن والاخ وابن العم والصديق والصهر ويحمل نفس الجينات التي يحملها المواطن الأردني من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه؟ ان دماء الشهيد الزكية التي اريقت على تراب الوطن ستكون لعنة على أولئك الذين ساهموا عبر سنين طويلة في صنع سياسات ومواقف دفعت الى هذا الحد من الاستعداء بين المواطن ورجال الامن العام، الذين لم يتعلموا من دروس الماضي.
ناقوس الخطر يدق مسامعهم ولكنهم لا يسمعون، الخطر داهم ولكنهم لا يشعرون، هذا الصمت وهذا الاختباء خلف الوضع الاقتصادي ليس مبررا لترك الأمور دون علاج حقيقي ومقنع، ترك الأمور بهذه الصورة ليس في مصلحة أحد، والى متى سنظل نراهن على العقلاء والتعبير العاقل؟ ان ترك الأمور بهذه الصورة وعدم الاستجابة للمطالب المحقة سيجعل مع مرور الوقت الهوة تتعمق والمسافة تطول بين المواطن والحكومات، ان المطالب محقة والتعبير عنها معقول الا ان حالة التجاوز امر متصور في غياب التقدم للأمام نحو الحلول.
ندعو للشهيد بالرحمة ولأهله ولكل الوطن الصبر والاحتمال، فالمصاب جلل والكارثة عظيمة والموقف أكبر من ان نغطيه بعبارات الشجب والادانة، الموقف بحجم وطن مرشح لان يأكل ابناءه بعضهم وان يقتلوا بعضهم في معارك خاسرة لكل الأطراف، عندما وقف الوطن في وجه الإرهاب في لحظات عصيبة لم نكن نرتجف او نخاف، ولكن عندما نستشعر العداء بين أبناء الوطن يصعب وصف حالة الخوف التي نشعر بها، فقلوبنا على الوطن ومع الوطن ومع رجاله الشرفاء، ونقرع مرة أخرى ناقوس الخطر لنقول: آن الأوان ان يستشعر المسؤولون حالة الناس وما وصلوا اليه من يأس وعدم ثقة تحتاج قرارات جريئة تراعي مصلحة الوطن والمواطن معا، من جميع الجوانب وليس البحث في حلول مكررة ولم تجد سابقا ولن تجدي لاحقا وفقا للمشاهد من الأمور والحالة الجلية لظروف الناس المعقدة والصعبة.
رحمك الله يا شهيد الوطن والصبر والاحتمال لكل أبناء الوطن، ونقف اجلالا للشهيد والشهادة وكم هي عظيمة الشهادة عندما تكون للوطن.