رسالة إلى قاتل الشهيد عبد الرزاق الدلابيح..
الآن ، في هذه الساعة من الليل ، أجلسُ لأكتب رسالة إليك أيها القاتل ، في غرفتي الصغيرة على طاولةٍ اعتدتُ أن أسهر عليها جاعلًا الليل عالمي باحثًا عن كلمات .. عن مفردات ، عن جُمل تطفئ لهبًا أجهل مصدره ومكمنه ..
أعلم بأنك لا تملك الوقت لتضيعه في القراءة أو في التفكير ، رغم ذلك وددت الكتابة لك عل وعسى أن تقرأ بالصدفة أو علّ زوجتك أو أمك تقرأ ، أو في أسوأ الأحوال صديقا من أصدقائك يقرأ ، صديقا ممن يدافعون عن فكرك المسموم ويسمون جريمتك بأسماء مختلفة في محاولة يائسة منهم لإصباغ شيء من القيمة على جريمتك .. إن سنحت لك القراءة ، أنت أيها القاتل أو أنت يا صديق القاتل .. أنت يا امرأته .. أنت يا أمه .. أريدكم أن تجيبوا على بعض من أسئلة تدور في ذهني وذهن كثير من الأردنيين .. بم فكرت ولماذا ..
لو كنت تعلم أيها القاتل لما قتلت ...
برصاصتك الغادرة ، وبيَدك الآثمة ، ونفسك الملعونة ، أيها الأرعن المتجرد من إنسانيتك المتواطيء على آدميتك ، الراهن نفسك للشيطان ، يا من بعت ضميرك في سوق النخاسة بثمن بخس ، أيها الحقير في طبيعتك ، الوضيع في كينونتك ، الكريه في صيرورتك ، المتواري عن انظار البشر بيد أنك لم تتوارى عن رب البشر ..
لو كنت أيها القاتل تعلم من قتلت لما قتلت ...
لو كنت تعلم أنك سفكت دما طاهراً محرما ، لما قتلت ..
لو كنت تعلم أيها الجبان من القتيل ما قتلت ..
لو علمت أيها الوضيع أي لوعة لدى الأهل تركت وأية حسرة لدى الأم الرؤوم أودعت لما قتلت ...!
أو لو عرفت معنى فقد أب لإبنه على صنيعك ما أقدمت !!
لو أيقنت نارك التي كويتنا بها جميعا وكيف سترد الى نحرك يوما لما قتلت !
لو عرفت معنى المروءة والشهامة لما للشهيد الطاهر تربصت !!!
لو أدركت معنى الرجولة والبطولة وكيف تكون محبة العباد ورضى رب العباد ... لما قتلت !!
لو عرفت انك ستبوء بالخسران وبلعنة الورى وآخرة مطافك ستصطلي بحمم نار تتلظى لا يصلاها الا أشقى ....لما قتلت !!
لو علمت انك ستعيش حبيس جريمتك النكراء وستضحي طريد نفسك الدنيئة وروحك السفيهة لما قتلت !!
لو علمت أيها المأفون أنك ستقتات رضى الخلائق وستتجرع الشوك الذي زرعته وانك ستجوب الدنيا تبحث عن الأمن فلا تجده لما قتلت !!
لو كان لك أيها السفيه أدنى علم انك ستبوء بغضب من الله والناس أجمعين ما قتلت !!
لو علمت أيها الظالم أي جرم اقترفت يداك وأي جرح في الأفئدة أحدثت رصاصتك الغادرة الحاقدة لما قتلت !!!
لو دار في خلدك للحظة أنك ستذوق من نفس كأس الحنظل والعذاب الذي أذقته لنا وبأن جزاءك من جنس عملك أيها الهالك ما قتلت !!!
لو علمت يا من تعديت حدود الله لما فعلت ، ولو علمت أنه لن تقبل لك توبة أبداً ما قتلت !!
رحل أبا محمد عن عالمنا وغيب بفعل جريمتك عن واقعنا ..
الى هناك حيث العلياء ، حيث الظلال الوارفة والأنهر الجارية والعيشة الهانئة .. يتّكيء على أريكتها هانئ مستريح حيث لا عمل ولا نصب ولا رصاص ولا رهق ، حيث التحية فيها السلام ..
لا لغو ولا الشطط من القول ، فيها العين الجارية والفاكهة الحاضرة ولحم طير مما يشتهون ..
فقد قتل مظلوم ، ومن قتل مظلوما فالله حسبه والمولى نصيره ...
أما أنت .. أنت أيها السافك الدم المحرم ، ايها المقترف الذنب العظيم .. فإنك حتما ستحاسب وستنال نصيبك على ما اقترفت يمينك ..
قلّي ، أين أنت !!
وماذا أنت !!
لن أخاطبك بصفتك كبشر مثلنا ولا حتى بشبه البشر ..
هل ستحتويك الدنيا بما رحبت بعد فعلتك الحقيرة ..
لن يطول المطاف ، ولن نسأل أين أنت ،، في القريب العاجل سيشار لك بالبنان أنك أنت .. أيها العديم المجرد من كل شيء .. فسحقاً لك ..
رجائي عاهد