جدلية العلاقة بين الحكومة ونقابة المعلمين
فخري إسكندر الداوود
لن أتطرق في مقالي للتفاصيل القانونية حول حق نقابة المعلمين في الإضراب والتوقف عن العمل، إنما سأتطرق للقضية من متابعة هذه الظاهرة المقلقة للدولة الأردنية ملكاً وحكومةً وشعباً، حيث كانت الآراء حول ما حصل يشوبها الكثير من الحسابات الشعبوية والسياسية لدرجة أن كثيرا من الأردنيين أصبحوا مذهولين مفتوحي الأفواه محدقي الأعين، صامتين غير مصدقين لما جرى لهذا الشعب الطيب العظيم الذي استطاع استيعاب كل مخرجات الربيع العربي بفكر عقلانيّ وانتماء وطنيّ عظيم.
المعادلة ذات ثلاثة أطراف: الطلبة وأولياء أمورهم والحكومة والنقابة، ومن خلال متابعة وسائل الإعلام بما في ذلك مواقع التواصل الاجتماعي، الغالبية العظمى تقول يجب أن يستمر الحوار بين الحكومة والنقابة، حتى تحل هذه المعضلة، ولكن كيف؟؟ والنقابة وبعد عدة جلسات مع الحكومة ومن خلال تصريحات نائب النقيب طرحها الوحيد علاوة 50% على الراتب الأساسي، الحكومة أعطت علاوات معقولة ووعدت بعلاوات أخرى خلال مدة زمنية تراعي مصلحة المعلم بالزيادة ومصلحة الطالب بالأداء الجيد لإصلاح النظام التعليمي المتراجع سنةً تلو أخرى، ولكن أي حوارٍ هذا بين طرفين غير متكافئين الحكومة المضغوطة بالموازنة، وأيضاً مضغوطة بمليون ونصف طالب وأولياء أمورهم اللذين أصبح محرّكهم النقابة متناسين مصلحة أبنائهم، فهذا بالتأكيد أعطى النقابة القوة والاستقواء على الحكومة من خلال مليون ونصف طالب.
الأصل في الحوار أن يكون بين طرفين متكافئين من حيث القوة والمعطيات، بحيث تكون متساوية أو متقاربة حتى يكتب لها النجاح، فالحكومة ليست متكافئة بالقوة مع النقابة، والسبب هو مليون ونصف طالب محرومون للأسبوع الرابع من التعلّم، وهذا أعطى النقابة قوة لا يؤيدها الكثير من أبناء المجتمع ويخشون أن تصبح مسلكاً دائماً في أداء النقابة، بحيث أن مصلحة الأبناء هي الوسيلة للعلاوة المطالَب بها، وستصبح في المستقبل أداة ضغط للتدخل في أمورٍ قد تخصّ النقابة أو لا تخصّها!
وأي حوار ما بين النقابة والحكومة أصبح شبيهاً بعقود الإذعان التي يوقعها الأفراد مع الشركات والبنوك.. الخ، فالحوار بالنسبة للنقابة يعني التوقيع على علاوة 50% على الراتب الأساسي، وهذا ليس حواراً بل بدايةً لحالة مطالبية اجتماعية سوف تضرب كل مفاصل الدولة، ولها عواقب وخيمة على الموازنة، وهدم منجزات كبيرة حققها الأردن، بالحفاظ على الدولة منذ بداية الربيع العربي.
غير متناسٍ أن هناك فساداً وأن هناك تهوّراً وهناك وهناك وهناك...، ولكن رغم ذلك الدولة أولاً والدولة ثانياً والدولة ثالثاً، وسوف يسقط الفاسدون وتبقى الدولة بهمتنا جميعاً.