د. رلى الحروب تكتب : موازنة معتلة بخطاب بليغ
بقلم: د. رلى الحروب
بعد استماعي لخطاب الموازنة امس لا يسعني الا ان اعبر عن اعجابي بلغة وزير المالية السليمة الخالية من اخطاء النطق والاعراب، وهو امر افتقدناه في معظم الوزراء، كما ولا يسعني الا ان اعبر عن دهشتي من ان الوزير يقول تماما ما نقوله فهو معترض على ضرائب المبيعات الاستهلاكية ومنها ضريبة المحروقات ووصفها بغير العادلة ومع ذلك فان حكومته لم تفعل شيئا لخفضها وتعديل الميزان المائل تحت ذريعة انه لا يمكنها المغامرة بخفض الايرادات لان خفض الايرادات سيدفع ثمنه الطبقتان المتوسطة ومحدودة الدخل على حد زعمه، والحقيقة هي ان خفض الايرادات قد يضر بطبقة موظفي الدولة الذين يتقاضى الكثيرون منهم رواتب دونما انتاجية حقيقية، والذين اقدمت الحكومة على زيادة رواتبهم في هذه الموازنة، في حين ان خفض ضرائب المبيعات سيوفر بعض السيولة للطبقات المتوسطة والفقيرة ما يمكنها من انفاقها في اولويات اخرى شطبتها من موازنتها خلال الاعوام العشرة الاخيرة، وهو الامر الذي سبحرك عجلة العرض والطلب ويفيد الجميع التاجر والصانع والزارع ومقدم الخدمات والمستهلك والخزينة العامة في نهاية المطاف.
الاداء الجميل لوزير المالية لا يمنعنا من رؤية عوار هذه الموازنة وكل الموازنات التي سبقتها منذ عام 2006 (خروجنا من برنامج التصحيح الاقتصادي).. صحيح ان الوزير الذكي المثابر المجتهد الذي يداوم في مكتبه حتى الحادية عشرة ليلا خفض عجز الموازنة بعض الشيئ مقارنة بعام الكورونا الذي تورم فيه العجز بطريقة لم تقنع احدا، الا ان عيوب الموازنة ما زالت قائمة باعترافه هو وهي عيوب هيكلية بحاجة الى جراحة شاملة وليس مسكنات موضعية، وهو ما لا يمكن ان تفعله هذه الحكومة او اي حكومة معينة، ولا يمكن الا لحكومة منتخبة ان تقدم عليه مدعومة بثقة شعبية جارفة.
الخلاصة.. معاناتنا كشعب ستستمر في ظل هذه السياسات الاقتصادية التي افقرت معظمنا، وعزاؤنا ان وزير المالية في خطابه لم يرفع المنصوب ولم يجر المرفوع، ولكن سياسات حكومته ومن سبقها من حكومات مشابهة فعلت ذلك بالوطن كله.