لماذا يحتجون ..؟


فارس الحباشنة


   الصراعات والاحتجاجات في هذه المنطقة غير قابلة للانتهاء. العراق ينضم الى قائمة دول الاحتجاجات الشعبية. تظاهرات شعبية غير مسبوقة ضد الطبقة السياسية العراقية. اكثر من 22 قتيلا والاف من الجرحى باحتجاجات شعبية مازالت مفتوحة ومتفاعلة. الاحتجاجات الاجتماعية في العراق الرافضة للنظام السياسي والديني الذي يحكم البلاد منذ عام 2003 طالت كل المدن والمناطق ولم تميز بين طائفة وهوية دينية، وبثت حنينا الى عهد صدام حسين.
احتجاجات في هذه البقعة من الكرة الارضية على فشل الدولة وضعفها، السلطة فشلت والمعارضات التقليدية فشلت أيضا. العراق ربما يكون نسخة مشابهة لبلدان دبت فيها الاحتجاجات كالسودان والجزائر، ومصر.
احتجاجات شعبية، وبمعنى سياسي معجمي أدق، هي حروب الضعفاء. في كل مفصل سياسي يتجدد، سؤال شعبي عن المصير والمستقبل وحتمية الاستعباد والاستبداد. من الاحتجاج العراقي الى اللبناني والمصري والسوادني والجزائري، والبلدان الاخيران أودت الاحتجاجات الشعبية الى خلع رئيسي جمهورية ومفاعيل الثورات الشعبية هناك مازالت قائمة.
الجماهير خرجت رافضة للاملاءات، جمهور واسع من مستهلكي السياسة خرج رافضا للاوامر والمنح والعطايا والهبات التي تسقط من الطبقة العليا ونخب الحكم وبيوت السلطة لكما شاءت ورغبة في توزيع خير ونعيم الاوطان المنهوبة والمسروقة والمسلوبة.
الجمهور يتكتل الان من السودان والجزائر والعراق ولبنان. جمهور يملك فصاحة المظلومية والشكوى والاحتجاج. مطالب وشعارات مطلبية مجبولة بالمرارة والظلم.
لربما أن تكون جماهير الاحتجاجات باحجامها المختلفة هي صور لفشل الدولة الوطنية منذ استقلالها. بيوت السلطة ونوادي الحكم فشلوا في ادارة شؤون البلدان. والعلاقة بين الفرد والمجتمع والسلطة مقطوعة الرأس، يصيبها انفصام وانقسام، وحركة هزال توصل المواطنين جميعا الى الشارع للاحتجاج.
أزمة سياسية أوصلت البلاد العربية للدخول في دوامة الاحتجاجات الشعبية. ثورات واحتجاجات شعبية للمطالبة بالعدالة الاجتماعية، ومطالب أخرى بالحرية والكرامة. واحتجاجات تطالب بادنى حد من خدمات : ماء وكهرباء وصرف صحي وطبابة واصلاح طريق عام.
العدالة غائبة ومفقودة، وهذا ما هو مكرس عربيا. كتلة الفقراء والبسطاء والمهمشين وأولاد الحراثين هم من يدفعون فاتورة أي أزمة.
في معالجات الازمة الاقتصادية وما فرض من قوانين للضريبة وغيرها فان البسطاء هم من دفعوا الكلفة والفاتورة. وتحمل الموظف والمواطن العادي ذوي الدخل المحدود تنفيذ قانون الضريبة بكل قيمه الرقمية التي أودت بالعدالة الاجتماعية الى الهاوية، والاجور الى تاكل حد الجحيم، وانزياح مفتوح نحو اتساع طبقة الفقراء والمعدومين.
 الازمات تتفاقم والى حد عبثي. الاجر الشهري لا يعادل قيمة فواتير الماء والكهرباء والاتصالات وكلف النقل.بالنسبة للاردنيين لربما لم يعشيوا يوما أزمة «مواد تموينية «، ولكن ثمة فزع يتولد في المجال العام من ازمة « لقمة العيش « ما يعني الوصول الى رغيف الخبز.
في الازمات تطفو على السطح أسئلة كثيرة عن المال العام والاثرياء الذين نفخت كروشهم من تحالفات «السلطة والبزنس «. ومن يقفون في الظل ليكونوا عائقا لخروج الاوطان من أزماتها، وليدافعوا باستماتة عن نفوذهم ومصالح اللامرئية.
الجديد في الاحتجاجات العربية، وبعيدا عن العنوان الاجتماعي العريض ، فانها ضربت الطبقة السياسية التقليدية التي يكبر نفوذها وارصدتها المكدسة بالخزائن، واستهلاكها للسياسة العامة، ونسفت الاطر السياسية التقليدية من أحزاب ونقابات ومجتمع مدني هش. احتجاجات تفرش الى ادوات سياسية جديدة تنسف ديمقراطية صناديق الاقتراع التي تمتلئ بالمال السياسي والتزوير