دعارة..

ولما ركبت بالتكسي ، و اتصلت بالزبون على التلفون ، و تجادلا حول التسعيرة مئة دينار او 150 دينار ، و اخرجت من حقيبتها باكيت دخان اجنبي ، و اشعلت سيجارة ، و اخرجت علبة عطر رخيص مثير ، و رشت على رقبتها و صدرها .
و قالت لسائق التكسي لا تفكر اني مش عذراء ، انا بنت بيوت ، و ما حدا يوم صابني من تحت . 

وبعد اشوي هدأت اعصابها ، و نفخت على السيجارة و امواج الدخان نفثت في غرفة التكسي الصغيرة ، وصعدت غيوم دخان من الشبابيك ،ويبدو ان الزبون وافق على المبلغ اللي طلبته .
 
و طلبت من سائق التكسي ان يتوقف عند اقرب صيدلية ، ولم تفصح عما سوف تشتريه من هناك . 

سائق التكسي لم يندهش و لا حاجة ، و قال لها طلباتك اوامر ، و بس لو انك تبلغني متى سوف ينتهي مشوارك هذه الليلة حتى لا اتاخر عليك ! 

و السائق ، لو يبقى طول الليل والنهار يلف و يدور ، وكم راح يجمع عداد تكسيه افلوس ، طلبيه واحدة ل"بنت ليل" كافية ان تدفع ضمان التكسي و البنزين و مصاريف السيارة و اجرته ، و مصاريف البيت ، و على كم مشوار اضافيين اموره بتصير تمام .

ولو ان الطلبيه كانت من خلاله لاي زيون براني ، وتعرف على بنت ليل بواسطته ، يكون له نصيب و عمولة كويسة اوي . 

ولا ادري لماذا اكتب هذه القصة و هذه السطور ؟! 

قرأت و سمعت ما تم تداوله عن فيلم الحارة ، و تصريحات الفنان منذر الريحاني . 

وما اثار دهشتي المتداول العام عن الاخلاق و القيم و الشرف و الحشمة ، و غيرها . 

مجتمع مفصوم ، و النفاق الاجتماعي وصل حد تحول فيه الى واقع متفق عليه .

لم يعد غريبا ان تسمع وعظ و ارشاد من عاهرة و من قواد ، و من سافل و شر..موط/ة

و لم يعد غريبا ان تسمع حرامي و سارق و فاسد و نصاب يتحدث عن الفضيلة و الشرف و الاخلاق و المال الحلال ، ويخرج في مسيرات دفاعا عن الاخلاق العامة ويهاجم الفساد الاخلاقي . 

 و ليس غريبا ان تخرج الفتاة من بيت عائلتها تلبس حجابا ، و من ثم تقلعه امام اول زبون ، ولمن يدفع اكثر . 

و ليست المرأة العاهرة فحسب ، بل الرجل ايضا ، ومن غرابة المجتمع و انفصام اخلاقه ، ان الرجل ينام مع الخادمة في سرير زوجته ، و يعتبر نفسه شريفا و عفيفا ، و فيما لو رأي امراة تلبس ملابس خفيفة تشعرها بحرية جسدها و عقلها ، فيغمز الى من حوله بانها شرموطة و عاهرة . 

وفيما يخص قضايا الاداب و الدعارة ، الامن العام لا يصدر اي تقارير امنية دورية شهرية وسنوية . 

الدعارة لم تعد حالات فردية بل تحولت لظاهرة .. فتيات جامعيات و خريجات جامعات و ينتمن لعائلات مستورة و محافظة ، و ينظرن الى الحياة بان الفرصة تبدأ من هنا ، تبحث عن رجل ميسور يدفع تكاليف الهاتف المحمول و ايجار البيت و فواتير الكهرباء و المياه و اقساط اخرى . 

من خبايا و اسرار المجتمع ، و يرفضون الاعتراف بها .. و المسألة ليست فقط فتاة تبيع جسدها ، بل انها موجة و ظاهرة لبيع الجسد مقابل متع الحياة . 

المجتمع يرفض الاعتراف ، و يغلي وعظاه و حراسه من مجرد الاستماع لهكذا حكايا عن بنات الليل .

ولكن ، الاب او الاخ ، لا يسألوا الفتاة عندما تعود الى البيت في وجه الصباح ، و تحمل معها مالا و تصرف على البيت و نفاقته واغراضه وحاجاته ، من اين جاءت بالدنانير ؟

ترى العجب العجاب في ليل و نهار عمان .. و في كافي شوبات و مطاعم الجنس يقدم بالسترة ، و بنات الصالة يقدمن اي خدمة جنسية لمسة و قبلة مقابل المال . و يجري ذلك علنا وسرا و على الطاولات .

فارس حباشنة