4 مشاكل وراء نفور المستثمرين بقطاع العقارات بالأردن
- يشهد قطاع العقارات الأردني منذ سنوات، العديد من الاختلالات، خصوصا مع ارتفاع الأسعار بشكل مطرد، على الرغم من أن السوق ما يزال راكدا، الأمر الذي يحد من تطلعات الأردنيين الراغبين بالاستثمار في هذا القطاع ويعوق نموه، مع اتخاذ الحكومة قرارات تشجيعية وحوافز ضريبية في مشاريع الإسكان لذوي الدخل المنخفض.
وقد شكل ارتفاع الأسعار وزيادة فوائد البنوك إضافة للركود ثلاثياً معوقاً أمام رغبة كثير من الأردنيين بتحقيق حلم امتلاك "منزل العمر"
كل ذلك دفع الأردنيين، بخاصة المغتربون منهم، إلى توخي مزيد من الحذر بشأن شراء العقارات في هذه الفترة التي يصفها اقتصاديون بأنها ضبابية ومقلقة على مستوى العالم ككل.
وأقرت الحكومة حزمة حوافز عقارية في نيسان (أبريل) الماضي ثبتت بموجبها رسوم وضريبة بيع العقار عند ستة بالمئة بدلاً من تسعة بالمئة، كما عدلت قانون رسوم تسجيل الأراضي وضريبة بيع العقار لتحفيز سوق العقار والإسكان، وتمكين ذوي الدخل المحدود والمتدني من شراء الأراضي والمساكن الملائمة، كما قامت بإعفاء الشقق والأراضي من رسوم التسجيل وضريبة بيع العقار.
في المقابل، يرصد الكاتب المتخصص بالشأن الاقتصادي، سلامة درعاوي، تراجعاً في قطاع العقارات من حيث الضريبة المتحصلة عن عمليات البيع بواقع 49 مليون دولار، وهو ما يحدث منذ ثلاث سنوات متتالية.
ومن بين الأسباب التي يوردها درعاوي: تراجع القوة الشرائية للمواطنين، مع ثبات الدخل لشريحة واسعة من المجتمع، تحديداً القطاع العام، فضلاً عن توقف كثير من البنوك عن تقديم التسهيلات المصرفية.
وتقدر قيمة الارتفاع في أسعار الشقق بالأردن بنحو خمسة آلاف دولار لكل شقة، بسبب ارتفاع أسعار الحديد والإسمنت وارتفاع رسوم دائرة الأراضي.
ويبلغ عدد المساكن في الأردن نحو مليونين و300 ألف مسكن، 45 بالمئة منها في العاصمة، فيما تبلغ نسبة الشقق نحو 83 بالمئة، رغم بلوغ عدد الأسر التي تمتلك مسكنها نحو 62 بالمئة، إلا أنه يبدو واضحاً عزوف كثيرين عن اللجوء إلى شراء العقار في الآونة الأخيرة.
ويتحدث مراقبون عن نفور العديد من المستثمرين في قطاع العقارات؛ بسبب زيادة الضرائب والرسوم وقلة الحوافز التشجيعية وارتفاع الكلف، فضلاً عن الركود العام الذي يعانيه هذا القطاع منذ جائحة كورونا، الأمر الذي أدى إلى توجه كثيرين منهم إلى بلدان أخرى؛ مثل تركيا والإمارات ومصر.
ووفقاً لجمعية مستثمري قطاع الإسكان، يشكل مجموع الضرائب ما نسبته 30 بالمئة من إجمالي قيمة العقارات، وهذا الأمر أدى إلى تراجع الطلب على الشراء سنة بعد أخرى، وتعرّض قطاع الإسكان إلى خسارة قدرها مليار دولار من أصل نحو أربعة مليارات دولار، تشكل حجم الاستثمار الكلي فيه.
وفي السنوات الثلاث الأخيرة، شهدت أسعار الأراضي ومستلزمات البناء ارتفاعاً كبيراً، ما تسبب برفع جنوني لأسعار الشقق، وبخاصة في أنحاء عمان الغربية، حيث يصل سعر بعضها إلى أكثر من نصف مليون دولار.
إلى جانب ذلك، شكل الارتفاع المتواصل لأسعار الفائدة على التسهيلات البنكية لغايات شراء العقارات عائقاً إضافياً، وهو ما عاينه البنك المركزي الأردني، مطالباً البنوك بالنظر في نسبة الحد الأعلى للقرض إلى قيمة العقار المرهون؛ لمعالجة التباطؤ الملحوظ في القطاع العقاري.
وتشير الحكومة بدورها إلى أن عدد الشقق المبيعة في العام الماضي بلغ 43، وهو ما يمثل رقماً متواضعاً، وفق المهندس كمال العواملة، رئيس جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان.
لكن الحكومة تقول إن حجم التداول العقاري بشكل عام ارتفع خلال 2022، ومبيعات الشقق هي التي انخفضت مقارنة مع عام 2021.
من ناحية ثانية، أدى البناء بكثافة وتسارع خلال السنوات العشر الأخيرة في الأردن لمواكبة الزيادة السكانية التي فرضتها موجات اللجوء على المملكة، إلى عدم مراعاة كثير من الضوابط والقوانين وأكواد البناء المعتمدة، التي تنص على معايير كثيرة من بينها السلامة العامة.
وتصنف كثير من المنازل والشقق في الأردن بأنها "تجارية"، بمعنى أن مواصفاتها ليست مثالية، خصوصاً في ما يتعلق بالتمديدات وأعمال التشطيب.
في السياق ذاته، تظهر بيانات البنك المركزي الأردني زيادة أعداد المقترضين الأفراد بنسبة 4.3 بالمئة، وبشكل مطرد منذ عام 2017، بموازاة زيادة كبيرة لحجم المبالغ المقترضة.
وخلال الأعوام الأخيرة ترتب على المقترضين رسوم وفوائد إضافية لقاء تأجيل أقساطهم بسبب جائحة كورونا أو على خلفية رفع أسعار الفائدة بشكل متكرر، وتوضح البيانات أن الأردنيين يقترضون بالدرجة الأولى من أجل السكن وشراء منازل وشقق.