أوروبا تنتصر لفلسطين باتخاذها قرار الاستمرار في تمويل «الأونروا»
عبد الحميد الهمشري
على الولايات المتحدة الأمريكية أن تعي وتدرك جيداً أن الشمس لا تغطى بغربال وأن الحق يعلو ولا يُعلى عليه ، فقد حصحص الحق في الاتحاد الأوروبي باتخاذه قرارا بمواصلة دعمه للـ أونروا ، دليل الفلسطيني في حق العودة ، خلافاً لتوجهات الإدارة الأمريكية لشطبها متساوقة في ذلك مع مطالب نتنياهو واليمين الصهيوني المتطرف الداعي لشطبها . فلمن لا يعلم فإن الأمم المتحدة للاعتراف والقبول بكيان دولة الاحتلال عند تقدمها لطلب عضويتها فيها اشترط موافقتها على قرار تقسيم فلسطين وعودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم ، ووافقت دولة الاحتلال الغاصب على القرار الأمُمي رقم 194 الذي ينص على عودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم التي هُجروا قسرًا منها وتعويضهم لكن موافقتها هذه لم تكن أكثر من حبر على ورق ، وتشكلت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ، الأونروا ، في العام 1949م لتقوم بتقديم الخدمات الإنسانية لهم في مخيمات اللجوء ، لحين التمكن من تنفيذ حق العودة والتعويض للاجئ الفلسطيني وفق لما جاء في القرار الأممي رقم 194.
وما استجد في الأمر ، تساوق الإدارة الأمريكية وبالذات إدارة ترامب وفريقه اليهودي مع مطالب اليمين الصهيوني المتطرف بقيادة نتنياهو الذي يبذل ترامب محاولات مستميتة لتمكينه من العودة لقيادة دفة الأمور في الدولة العبرية حتى يتمكن من تنفيذ تصفية القضية الفلسطينية بصفقة القرن التي جرى تنفيذ معظم بنودها التي لم يتبق منها سوى حرمان الشعب الفلسطيني من وطنه الأغلى فلسطين ، المطلوب منه أمريكا صهيونياً وفق ترامب وفريقه التنازل عنها بموجب الصفقة نهائياً وللأبد والتسليم فيها لليهود ، وهذه المحاولات لها علاقة وثيقة بأبعاد سياسية تطال القضية الفلسطينية وتصيبها في مقتل بمفصل حيوي وحساس يتعلق بالحقوق السياسية والإنسانية والقانونية لهذه القضية والتي يمثل حق العودة فيها عمودها الفقري الذي لا يملك أحد حق التصرف به كونه يختص باللاجئين الفلسطينيين الذين عانوا التشرد على امتداد أكثر من سبعة عقود بانتظار حل عادل يوفر ضمانة أكيدة لوصول الشعب الفلسطيني إلى حقوقه كاملة ، لا حرمانهم من هذه الحقوق وفق ما يهدف إليه المحتلون وحلفاؤهم في أمريكا ومن لف لفيفهم ، خدمة للاحتلال ومن يتساوق معه في جريمته بحق اللاجئين ، من خلال تصفية حقوقهم السياسية التي بقيت الشاهد الحي على حجم المؤامرة بحرمانهم من حق العودة من خلال شطب الأونروا إما من خلال وقف الدعم عنها أو من خلال توجيه تهم الفساد في عملها تثير زوبعة حولها تشكك في حسن أدائها فيوقف الدعم عنها لينتفي سبب وجودها فتشطب من قاموس الأمم المتحدة ليحل محلها فكرة توطين وتجنيس ودمج قسري للاجئين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم وفق ما توحي به الإدارة الأمريكية فتعفي الاحتلال من تحمل مسؤولية عودتهم إلى وطنهم .. لا أحد ينكر أنه كان لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين دور إنساني وإيجابي مهم منذ نشأتها من خلال تقديم الخدمات لأبناء الشعب الفلسطيني المظلوم ، في كل أماكن اللجوء والشتات والتشريد. لا شك أن مؤامرة تصفية الأونروا مبرمجة ومنظمة الهدف من ورائها شطب كل مستمسك قانوني يثبت حق اللاجيء في وطنه فلسطين.
*** أوروبا تنتصر لفلسطين وشعبها : لقد كان لقرار الاتحاد الأوروبي بالاستمرار في دعم وكالة غوث وثشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» انتصارا للجهود العربية والفلسطينية الدبلوماسية التي بذلت وما زالت تبذل لإسناد الحقوق الفلسطينية ، والتزاماً دولياً وقانونياً وأخلاقياً لحماية هذه الحقوق ، وتأكيداً لما جاء في أسباب وجودها « الأونروا « بتقديم الخدمات الإنسانية في مخيمات اللجوء والوقوف أمام كل محاولات استهدافها ولكن يبقى المطلوب منها التأكيد على حق عودته وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بقدسها وثراها العزيز على كل عربي وفلسطيني.