حماد فقد لجام العقل ويريد تجريد الأردنيين عقالهم وسلاحهم
خاص للشريط الإخباري - حسن سعيد صفيرة - اخذ قرار وزارة الداخلية بسحب الأسلحة من المواطنين، وفق ما ادرجته بنود معدل قانون الأسلحة والذخائر، ابعادا "قاسية" في المفهوم الوطني لدى الشارع الأردني، وقد اعتبر البعض القرار بأنه يجيئ في سياق "اعتباطي" غير مدروس، فيما اعتبر البعض الاخر انه يجيئ في مجابهة انتشار الأسلحة غير المرخصة من بين أيدي "ثلة" من المواطنين تم التساهل معهم ذات حين بطريقة او بأخرى، ووصفه اخرون بأنه "زلة" حكومية، سارت بحكومة د.عمر الرزاز الى منحى جديد سيسهم بكل تأكيد في تقليص شعبيتها الى منسوبٍ غير متوقع بل ولم تعاصره ايٍ من الحكومات السابقة.
قرار وزير الداخلية حماد، صبغه البعض بقرار فردي لجهة الوزير، معتبرين ان مسألة سحب السلاح، وان تضمنه معدل القانون الذي لم يتم اقراره بعد، الا انه قرار لا يتوافق والمزاج الشعبي ولا نقول المناخ العام، مرد ذلك لمواقف عدة استبسل فيها حماد في منذ الساعات الأولى لعودته لمربع الداخلية، والتي لم تلقَ استحسانا لدى الشارع، بل وضعها مراقبون تحت مجهر الرصد لا سيما تلك القرارات التي وصفها البعض بأنها ذات علاقة بـ"شخصنة" المواقف وتصفية الحسابات كما "اشيع" في حادثة توقيف النائب السابق هند الفايز بعد نحو اسبوع على عودة حماد لسدة الداخلية.
ففي الوقت الذي تصارع فيه حكومة الرزاز لاثبات وجودها كحكومة صاحبة ولاية، اصطدم هذا المفهوم بعد ان سحبه الشارع عن مسميات "الرابع" بحكومة الجباية، وهي الشرارة التي طالما رافقت الرفوعات السعرية والضرائبية، والتي "تفننت" بها حكومة الرزاز بصورة لم يسبقها به اي حكومة حتى سابقتها حكومة د.هاني الملقي، فمعادلة الرزاز والملقي، والتي اطاحت الأولى بالأخيرة، كان يستوجب ان تحقق معادلة الإحلال ليس بالمكان والشخوص ممثلة بفريق اعضاء الحكومة، وانما بالأداء والانجاز، فعنق الزجاجة الذي اتحفنا به رئيس الوزراء السابق د.هاني الملقي، وطيلة تسلمه رئاسة الوزراء لحكومتين اثنتين متعاقبتين، ما فتأ يتحول الى عنق "زرافة أسطورية" في حكومة الرزاز، لا سبيل من بلوغ رأسها الا بحلول حكومة سيشهد خلالها الاردن احتفاليته بالمئوية الثانية لثورة جد الهاشميين الشريف الحسين بن علي .
ليجيء قرار حماد حقيقة ضربة قاسمة لثقة الشارع بالحكومة وبالقوانين، ويخشى ان تطال ثقته بهيبة الدولة، سيما وان قوالب التأويل ونظريات المؤامرة جاهزة لدى "البعض من "موظفي الطابور الخامس"، هناك تقولات ربطت قرار سحب الاسلحة من المواطنين بما يُشبه الاتهام السياسي بأنه خطوة باتجاه تسهيل وتمرير صفقة القرن، وراحت تلك "التقولات" بربط القرار ايضا بأنه يستهدف سحب السلاح حصريا من أبناء العشائر الاردنية، وقد ربطها البعض ايضا بما شهدته احداث احدى الجاهات في منطقة ام العمد حيث تم استخدام نحو الفي رصاصة ابتهاجا بالمناسبة.
التقولات جاهز، البعض منها يثني على قرار حماد، والبعض الاخر سجلها ودون مواربة ضد التكتيك الأمني برمته، فهل يعقل ان يتم تجريد المواطنين وابناء العشائر من سلاحهم في البوادي وتحديدا في البادية الشمالية حيث يتربص خطر ما وراء حدودنا الشمالية، فلما لا يكون سلاح العشائر هناك رديفا ومساعدا ومساندا لصقور جيشنا العربية تحت مرمى الاحتمال ؟!
لماذا لم يلتفت حماد الى ان الأردن الذي يتم استهدافه بصورة سافرة ومباشرة منذ اكثر من عامين، ايضا مستهدف امنيا، ما زاد في استراتيجيات الحيطة الأمنية الى اعلى مستوى لدى اجهزة الدولة الأمنية، لماذا يريد حماد ان يجرد الراعي من عصاه فيما الذئاب على مقربة من حدودنا الشمالية والغربية، فلا مأمن من عدو استوطن باجنداته دول الجوار، ويتربص بأمننا من وراء النهر لكيان صهيوني ممتد على اطول شريط حدودي يربطه مع دولة عربية.
نحن مع تشديد الرقابة الأمنية، وتغليظ العقوبة القضائية، مع محاصرة حملة الاسلحة بقصد الاتجار او باي قصد غير وطني كان، لكن ضمن استراتيجيات واعية للمعطى السياسي الخارجي واثره على الساحة الاردنية، نحن بحاجة لتمتين جبهتنا الداخلية بافراد وعشائر يعي حماد نفسه بأنها درع لا يقل اهمية عن درع قواتنا المسلحة، فكيف نترك الفرد الأردني وحيدا مجردا من سلاحه، لماذا نسي حماد "بدويته" وان البدوي هو اهل للسلاح، لا يرفعه الا ضد معتدٍ غاشم او خائنٍ غادر.
نقف مع ما قاله رئيس الديوان الملكي الأسبق الجنرال رياض أبو كركي بمعارضته ورفضه أي محاولة لسحب سلاح العشائر الاردنية حين صرح "إن امتلاك العشائر الأردنية الأسلحة يعني الدفاع عن الأردن وهم رديف للجيش العربي، ولنتذكر الحرس الوطني والجيش الشعبي"، واستعرض أحداثا أسهمت فيها أسلحة العشائر في الحفاظ على البلاد.
ونفق مع الذاكرة الجمعية للأردنيين الشرفاء باهمية وجود السلاح بين ايدي ابناء الوطن، ولعلنا لم ننسَ الهجوم الإرهابي على قلعة الكرك عام 2016، حين نجحت أسلحة العشائر بالتصدي للارهابين آنذاك وبعد أن تطلب الموقف مساندة ذخائر بعض المؤسسات الأمنية لللوقوف في وجه الإرهاب حينها.
اما مظاهر الجريمة المستخدم فيها السلاح غير المرخص والذي بلغت نسبة استخدامه وفق تصريحات حماد نفسه بانه لا يقل عن اثنين وتسعين بالمائة، لهو دليل قاطع بان قرار سحب الاسلحة قرار هادم يفتقر الى الذكاء والحنكة السياسية بل والوطنية، فمن سيسلم سلاحا غير مرخصا ويريد به باطل ؟
الاسلحة المرخصة بيد المواطن الغيور وعلى اي بقعة من الخارطة الاردنية هو سلاح للدولة وبيدها، فليلتفت حماد الى لغة العقل وليحكّم تاريخ الأردنيين في تعاطيهم بالذود عن الوطن، فمن قدم دماء ابنائه من بواسل الجيش والاجهزة الامنية فداء للوطن لن بتوانى عن تقديم روحه لا سلاحه فقط من اجل الوطن/ لا ان يسلمه الى حيث التخزين في الاقبية المعتمة الصدئة او الى الاتلاف على حين يزهو الرصاص على فوهات البنادق ان نادى ابناءه الوطن