دكتوراة للبيع .. هل تتحرك التعليم العالي والخدمة المدنية

زهير العزه
يبدو أننا كمواطنين ونحن ندور حول أحوالنا وما يدور في فلكها من بؤس نحتاج الى اللجوء الى محراب العرافين ، أو بعض من يمتهنون التنجيم والتبصير الذين يملؤون الشاشات العربية . فنحن في الاردن وبفضل وزارات ووزراء وموظفين كبار وصغار والذين استخدموا سياسة الهروب للامام في مواجهة ما يعانيه المواطن وما يعانيه الوطن ، نعيش تداعيات هذه السياسة التي أدت فيما أدت الى إنهيارات عديدة في عدة مجالات ما وضع ويضع البلاد أمام أزمات هي كالقنابل الموقوتة انفجرت وقد تنفجر في أية لحظة من لحظات مسيرة الوطن .
ومن هذه القنابل الهامة التي ستؤثر على مستقبل البلاد والعباد لعشرات السنين ،  استمرار محاولات البعض بالاحتيال على القوانين خاصة في مجال تقديم شهادات مزورة تتعلق بالمستوى العلمي لهذا المحتال أو ذاك ، وما نقل عن مصادر في وزارة الصحة كما نشرت وسائل الاعلام المحلية قبل أسابيع حول وجود شبهة فساد في الشهادات الطبية وخاصة ما يتعلق بشهادات الاختصاص ، يثير القلق والرعب لكون هذه الشهادات تمس أرواح المواطنين ، وهذا لا يعني التقليل من قيمة الخطر الذي تمثله عملية التزوير في التخصصات الاخرى على المجتمع والدولة برمتها ، وخاصة الاقتصادية والمحاسبية والاجتماعية والأدبية والفنية.  
  منذ سنوات عديدة ووسائل الإعلام المحلية تكتب عن تزايد اعداد المزورين ، وتطالب الجهات المعنية باعتبار هذه الجرائم من الجرائم التي تستحق عقوبات مشددة ، وخاصة لمن هم يعملون في الجهات الحكومية او بالمؤسسات التابعة للحكومة ، لأن أثر هؤلاء على تردي الخدمات الحكومية التي تقدم للمواطن كبير ويترك بصماته على الأداء الحكومي لسنوات طوال في حال استمراره ، إضافة لما تخسره خزينة الدولة من رواتب تكون قد صرفت لمن لا يستحق ، وما يتبع ذلك من امتيازات تعطيها هذه الشهادة لهذا المزور او المزورة ..! 
قبل ما يقارب الشهر من الآن ، كشفت وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي عن قيامها بإجراء تحقيق حول التزوير بشهادات الثانوية العامة التي حصل عليها البعض من دول الجوار، وكانت في أوقات سابقة تحدثت مصادر في وزارتي التربية والتعليم "آنذاك" ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي عن اكتشاف شهادات علمية بمستوى البكالوريس والماجستير والدكتوراة ممنوحة لأردنيين من بعض الدول العربية والاجنبية ، كما كان رئيس ديوان الخدمة المدنية سامح الناصر قد صرح أيضاً  في وقت سابق عن اكتشاف اللجنة المختصة في الديوان شهادات مزورة منها شهادات دكتوراة و شهادات ماجستير وأيضاً بكالوريس .
وفي نفس الإطار كان أمين عام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الاسبق الدكتور تركي عبيدات قد كشف في مراحل سابقة عن ارتفاع عدد الشهادات الجامعية المزورة وخاصة الماجستير والدكتوراة ، كما كشف أيضاً عن تحويل موظف كبير في وزارة التربية والتعليم الى المدعي العام لحمله شهادة دكتوراة مزورة ، وحدد عبيدات حينها مصادر تلك الشهادات المزورة من بعض الجامعات السودانية والروسية والاوكرانية والمولدافية ومن دول أسيوية ودول عربية كالعراق ومصر ، مشيراً حينها الى وجود بعض الشهادات المزورة من الاردن. 
الواقع ان الاردن ليس البلد الوحيد في هذا الكون الذي يقوم البعض من مواطنيه بتزوير شهادات الثانوية العامة او الجامعية العليا ، فقد نقلت وسائل الاعلام العالمية والعربية عن مثل هذه العمليات التي يقوم بها البعض من المحتالين من الارذال ، لكن ما يهمنا هنا بالاردن ، هو أن تتحرك الحكومة ممثلة بالوزارات والجهات المعنية من أجل وقف هذه العملية وتشديد العقوبات على منتحلي الصفة ، لأن ذلك يؤثر بشكل كبير على الدولة برمتها ، حيث وجدنا بعض الوظائف العامة أو المفاصل الاساسية في هذه المؤسسة أو تلك يحتلها أمثال هؤلاء من المشعوذين والمهرجين الذين استبدلوا العلم الأكاديمي  بالتزوير والنفاق والواسطة والمحسوبية من اجل الحصول على الوظائف أو المهن التي هي بالاساس ليست من حقهم .
حقاً، إن وطننا يستحق أكثر بكثير من هؤلاء ، ففي صفوف الشعب من هم يحملون أعلى الشهادات من الجامعات الاردنية العريقة من مختلف التخصصات والاتجاهات والمشارب ، نهلوا العلم وفق الاصول الاكاديمية ، وليس وفق مكتب السمسرة هذا أو ذاك ، الذي يمنح المزور شهادة الدكتوراة وهو لم يلتزم بالإقامة في بلد الجامعة التي منح منها هذا المزور الشهادة وفق المدة الزمنية المطلوبة وهي لا تقل عن 9 اشهر... فهل تتحرك وزارة التعليم العالي؟ وهل يضع الدكتور عزمي محافظة حالة التزوير في الشهادات الصادرة من بعض الجامعات الخارجية نصب عينيه ويفتح تحقيقاً موسعاً إبتداءً من العاملين في الجهاز الحكومي والمؤسسات التابعة له؟، وهل يتحرك ديوان الخدمة المدنية أيضاً ؟، أسئلة مطروحة وسنتابع ما يجري حول هذا الملف المقلق لأنه يمس كل ما في هذا الوطن  ومستقبله .... 
يتبع ...........