الحكومة وإعلامنا الرسمي بين "الطابع والتطبع" وقضايا الناس
زهير العزه
فيما لا تزال البلاد ترزح تحت ضربات العواصف الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة وتوسع هوامش الفقروالبطالة، وتنامي حركة العنف المجتمعي وإرتفاع جنوني في الاسعار وتأكل القيمة الشرائية لرواتب الموظفين بل وتراجع قدرة المواطن على تلبية إحتياجاته الاساسية، يجهد بعض وزراء حكومة الدكتور بشر الخصاونة، لاظهار أنفسهم كالقديسين، الذين يخافون على المواطن بل على الوطن أكثر من غيرهم ، فيما المواطن ينظراليهم ولتصريحاتهم المتعلقة بالانجازات بأنها مجرد "استعراض إعلامي" الهدف منه تضييع البوصلة التي تؤكد أن الوطن يمر بأزمة خانقة فرضتها الحلول والسياسات الارتجالية التي يتم إتخاذها من أجل الوصول بأسهل الطرق لرفد الخزينة بالمال ، حتى وان كان ذلك سيؤدي الى ادخال البلاد في حالة من الركود الاقتصادي كما هو الواقع الأن.
ويبدو اننا في الاردن ونحن نعاني من حركة" الشو الاعلامي" لبعض الوزراء ، نعاني أيضا من مرحلة أخرى هي مرحلة استخدام الاعلام الرسمي من أجل استغباء الناس وتتمثل شواهد هذه المرحلة في "الهبل" الاعلامي البشع المترافق جنبا الى جنب مع سقوط من حاولوا ويحاولون الاستثمار في إستغلال المواقع الاعلامية الممولة من جيوب الاردنيين من أجل الضحك على ذقون الناس،عبر تمرير أجندات غبية لا ترقى الى مستوى ما يطالب به الناس من شفافية في التعامل مع معاناتهم أو مشاكلهم الحياتية، وتخدم مصلحة شخص أو فئة قليلة على حساب الوطن والمواطن ، من خلال محاولات ساقطة تعبرعن السقوط المهني بل والاخلاقي الذي كان ولا يزال مستمرا، ويتمثل كل ذلك بوضوح من خلال ما نراه من تعيين عدد ممن لا يملكون الخبرة أومن غير المؤهلين مهنيا أو أخلاقيا أو حتى تهذيبا في التعامل مع الناس وقضاياهم ، بل واستخدام بعض البسطاء من العاملين بالاعلام من اجل اظهار تركيبات خبرية لا تقدم ولا تؤخر في حياة الناس على إعتبارها انجاز مهني لهذا الاعلامي او ذاك.....!
واليوم ونحن نعيش مرحلة غياب إعلام الدولة الحقيقي ، والذي تم عبر إقصاء القامات الاعلامية الكبيرة ذات الخبرة وذات الكياسة والرأي الحكيم ، نشاهد ونشهد تمدد إعلام الهبل في بحرالاعلام المشوه على أنواعه، حتى وصل الامر الى الاستسلام أمام كل عدو أو حاقد أو منتقد أو معارض ، بل إن بعض الاعلام الرسمي بما هو يعيشه من عجز اكتفى بالتلطي خلف هذا المكتب او ذاك من أجل الحصول على المؤازرة والحماية بدلا من أن يكون هو الحامي والمدافع عن الدولة بكل ما فيها .
الحكومات المتعاقبة جميعها كانت قد أعلنت أنها بصدد أجراء أصلاحات في المجال الاعلامي الرسمي والاعلام بشكل عام ،لكنها في الواقع فشلت في أحداث أي تغيير في هذا المجال وأقتصر دورها أما على دعم ونفخ المرفوع عنهم الحجاب في المسائلة الاعلامية ومواقعها، وفتحت لهم كل نوافذ الدعم والمساندة من بيت مال الشعب فتحولوا من شحاد الى رتبة "عازف بوق " بإمتيازعلى طريقة قصص وروايات الافلام المصرية الهابطة ، وفي المقلب الاخر كان تعاملها مع الاعلاميين الملتزمين بقضايا الناس والوطن، بأن قامت بزجهم في قضايا إعلامية ثانوية أو تحريك القضايا لدى المحاكم لملاحقتهم "ولن أعدد أسماء من تمت ملاحقتهم " .
بإختصار إعلامنا الرسمي يحتاج الى حملة "نفض" تجعل من الزملاء في المؤسسات الاعلامية الرسمية هم من يقودون هذه المؤسسات وهم من يقرر مصالح المؤسسة وفق رؤية إعلامية بعيدا عن "الاستزلام" للحكومة او المكتب ذاك، كما أن الأجدى بمن يسعى من وراء الكواليس الى تحريك بعض الدمى الاعلامية " التي تهوى الطابع على حساب التطبع بحال وأحوال الناس" لتنحرف عن إظهار معاناة الناس وقضاياهم الاساسية وكشفها أمام الرأي العام وأمام صانع القرار، لايجاد الحلول المناسبة لها عبر فضح المتلاعبين أو المقصرين والمعرقلين لمسيرة الوطن، أن يعمل هو بحجم الامانة الملقاة على عاتقه ذلك لأن الامور باتت مكشوفة أمام الرأي العام ونتيجته أن الزبد سيذهب هباء..!. فمشكلة الاعلام الرسمي الذي يعيش على مخصصات المال العام أصبحت مرض عضال ميؤس منه، وبالتالي نسأل هل يستطيع الزميل والصديق الصحفي والاعلامي المخضرم الاستاذ فيصل الشبول أن يحلق ويتخطى كل عراقيل المكاتب التي تدفع بهذا وتلك الى الواجهة الاعلامية على حساب قضايا الوطن..؟ فالناس جاعت وهناك من لم يشبع بعد.... والمعلم ضاعت منه الأبجدية… والمريض لا يجد الدواء…والطفل يبحث عن علبة حليب… والشاب منتظرا امام سفارة للحصول على فيزا ولا سبيل أمامه الا طريق المطار… اما الكهل فقد نسي أمان تقاعده وضمان شيخوخته… والغلاء يضرب في كل الاتجاهات.... والراتب أصبح لا يكفي لأسبوع واحد بأي حال من الاحوال، فهل تفعلها الحكومة وهل يفعلها الوزير فيصل الشبول ويوسع هامش الحريات الاعلامية في المؤسسات الرسمية ، وهل يرفد المؤسسات الاعلامية الرسمية من المملكة الى التفلزيون الاردني بالمهنيين القادرين على تحسس مشاكل الناس مهما كانت هذه المشاكل.. نحن ننتظر ..؟