لا تخفوها عن جلالة الملك: سياسة التعليم لدينا عطّلت دون قصد برامج التنمية الشاملة.
أ.د رشيد عبّاس يكتب
كتب أ.د رشيد عبّاس المتتبع لسياسات التعليم في الأردن اليوم يجد انها باتت متعثرة إلى أبعد الحدود, مع أن الأردن وفي عقود سابقة قد وضع الكثير من الركائز الواضحة لسياسات التعليم في كثير من الدول العربية المجاورة, معتقداً أن السبب وراء هذا التعثر والتراجع يعود إلى أننا دمجنا العديد من سياسات التعليم للعديد من الدول المتطورة في مجال التعليم والتنمية, ولم نُنتج أو نُطور أو نخرج بسياسة تعليمة أردنية المعالم تحاكي برامج التنمية الشاملة والمطروحة لدينا.
وأضاف عبّاس: أن الانسداد الحاصل اليوم في برامج التنمية الشاملة والمنشودة يعود مردّه إلى تراكمية التخبط في سياسات التعليم في الأردن والمتمثلة بالذات في (مسارات التعليم) غير المخطط لها جيداً والتي باتت تهدد استراتيجياتنا في مواجهة تطورات سوق العمل وحاجاته المحلية والعالمية, وليس ادلُّ على ذلك من وجود الآلاف من التخصصات المشبعة والراكدة في أروقة ديوان الخدمة المدنية, تلك التي رمت وزجّت بها سياسات التعليم المشوّه لدينا.
وأكد أ.د رشيد عبّاس: المشكلة التبادلية ما بين سياسات التعليم وبرامج التنمية الشاملة ما زالت قائمة وتتراكم يوما بعد يوم, وأن إمكانية أن تمضي برامج التنمية الشاملة لدينا قُدماً دون ضبط ومراجعة سياسات التعليم امر متعذر, ولا يمكن الولوج إليه, فكيف لنا ان نطوّر مشاريع تنموية شاملة محلية مع وجود بطالة واسعة في صفوف الشباب.. رمت وزجّت بهم (مسارات التعليم) هنا وهناك.
منوهاً إلى إن زيادة أعداد طلبة امتحان الثانوية العامة (التوجيهي) لهذا العام 2023م, وضخامة أعداد المتقدمين للوظائف في ديوان الخدمة المدنية حتى 2023م, وتضاعف أعداد الطلبة في الجامعات والذين هم على مقاعد الدراسة الجامعية.. لدليل ساطع وقاطع على حجم وجسامة تعثّر وتراجع سياسات التعليم لدينا, مؤكداً هنا لا يمكن مع هذه الأعداد المرعبة بالنسبة لعدد سكان المملكة, أن تتقدم برامج التنمية الشاملة خطوة للأمام.
وأكد قائلاً: لقد عملتُ في سلك التربية والتعليم نحو ثلاثين عاماً بدءاً من معلم وانتهاء بمدير تربية وتعليم, وقد توصلت لقناعات راسخة مفادها أن لا تنمية شاملة دون سياسة تعليمة مبنية على ضبط وتجويد (مسارات التعليم) الشاملة, تلك المسارات للأسف الشديد تم تشويهها وتغيير وجهتها الصحيحة خلال الفترات الماضي, في الوقت الذي كان يؤكد فيه وما زال جلالة الملك عبد الله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبد الله على ضرورة إصلاح منظومة التعليم.
وختم أ.د رشيد عبّاس: اليوم سياسات التعليم تُعالج الخطأ بالخطأ, وتعمل على مبدأ ترحيل التحديات, وكل ذلك ساهم ويساهم سلباً على برامج التنمية الشاملة لدينا, تلك التي يسعى الأردن إلى تحقيقها, كي يبقى محافظاً على مكانته المحلية والاقليمية.. ومع كل ذلك يمكن لنا إعادة تأسيس وبناء سياسة تعليم ناظمة جديدة, من شأنها إحياء برامج التنمية الشاملة.