قمة العشرين في الهند.. إنذار بنهاية “القطب الواحد” ..

إسطنبول- إمره باشاران: تأثير هائل على النظام العالمي الحالي، قد تحمله قمّة مجموعة العشرين التي تستضيفها العاصمة الهندية نيودلهي يومي السبت والأحد.

الحديث لخبراء تحدثوا للأناضول عن قراءاتهم لدور قمة العشرين الحالية على التبدلات الدولية لجهة السيطرة والنفوذ والقطبية.

وتضم المجموعة 19 دولة والاتحاد الأوروبي، وتمثل أكبر اقتصادات العالم وتساهم في أكثر من 85 بالمئة من إجمالي ناتجه، و75 بالمئة من تجارته.

اجتماع زعماء أغنى دول العالم وأكثرها نفوذا في نيودلهي، يُتوقّع أن يمثل حدثا فريدا بسبب عدة عوامل، بما في ذلك غياب الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، القوتين العظميين المتحالفتين بوجه الغرب.

كما أن هناك ميزة ثانية لهذا الحدث تتجلى بواقع أن القمة تستضيفها الهند، التي تمثل قوة صاعدة من "حركة عدم الانحياز” في آسيا.

انحسار الأحادية القطبية
حسام الدين إيناك أستاذ العلاقات الدولية بجامعة "دوملوبينار” في تركيا، يرى أن القمة "تأتي في وقت لم يعد فيه النظام العالمي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية أحادي القطب بقيادة الولايات المتحدة مهيمنا”.

وأضاف إيناك في حديث للأناضول: "في الوقت الحاضر، هناك عدة دول تقف ضد النظام العالمي النيوليبرالي، مثل البرازيل والهند والمكسيك وغيرها”.

وقال إن "الولايات المتحدة تفقد نفوذها وتأثيرها على كافة الجبهات، وهو ما يغير بدوره طبيعة مجموعة العشرين”.

وكمثال على ذلك، استشهد إيناك، "بالجهود التي تبذلها دول عدة للتخلص من الدولار الأمريكي”، قائلا إن "تفوّق العملة الأمريكية في حالة يرثى لها”.

بدوره رأى برافين دونثي، أحد كبار المحللين في مجموعة الأزمات الدولية، أيضًا أن الحرب الروسية الأوكرانية "ستلقي بظلالها على القمة”.

وأضاف دونثي، أن الصراع الروسي الأوكراني "يؤدي إلى أزمةِ تعدديةٍ في النظام العالمي اليوم، لأنه نتيجة مباشرة للصراع بين الغرب بقيادة الولايات المتحدة والكتلة الروسية الصينية”.

واعتبر أن هدف الهند هو "محاولة ضخ بعض الأكسجين في التعددية”.

واستطرد دونثي: "الهند قوة وسطى صاعدة، هي واحدة من أسرع الاقتصادات نموًا، وتمثّل ما يسمّى دولة متأرجحة جيوسياسيًا تحاول رسم مسارها الخاص، وتحاول التأثير على النظامين الإقليمي والعالمي في الوقت نفسه”.

عالم متعدد الأقطاب
برأي إيناك، فإن الـ نيوليبرالية و”الاقتصاد السياسي للغرب ومؤسساته "يفقدان مصداقيتهما، بينما يفقد الدولار مكانته كعملة احتياطية عالمية”.

وأضاف أن أحد أكبر التهديدات في هذا المجال هي مجموعة "بريكس”، التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، والتي دعت مؤخرًا 6 دول أخرى للانضمام إلى صفوفها بدءًا من مطلع العام 2024، وهي السعودية وإيران والإمارات ومصر وإثيوبيا والأرجنتين.

أردف إيناك: "مجموعة بريكس تقود هي أيضًا حملة لاستبدال الدولار الأمريكي بعملةٍ مشتركة خاصة بها بحلول عام 2030”.

وتابع: "الفعل هذا الأسبوع قدّم سفير روسيا لدى جنوب إفريقيا إيليا روغاتشيف، ورقة نقدية رمزية لعملة بريكس إلى محش سعيد الهاملي، رئيس البعثة الدبلوماسية الإماراتية”.

وقال إيناك إن "كيفية انتهاء الحرب في أوكرانيا ستكون عاملا رئيسيا لتحديد كيف سيبدو النظام العالمي في المستقبل.

وأضاف: "إذا تمكن بوتين من التشبث بالسلطة رغم كل الصعاب، فسوف ينهار النظام العالمي وسينشأ نظام جديد من تحت رماده، حيث ستتمتع الصين بالكثير من القوة فيه”.

ووفقًا لدونثي، فإن هذا السيناريو "هو بالضبط ما تريد الهند منعه. الهند لا تريد آسيا أحادية القطب حيث تهيمن الصين. نيودلهي ستستخدم القمة لاستعراض عضلاتها السياسية”.

وتابع أن الهند "تريد آسيا متعددة الأقطاب، وهو ما تقول إنه سيؤدي إلى عالم متعدد الأقطاب”.

دونثي أشار إلى أن "العلاقات الثنائية بين الهند والصين تتعرض أيضًا لضغوط شديدة في الوقت الحالي بسبب أزمة الحدود، وهو ما قد يفسر قرار الرئيس شي جين بينغ بالابتعاد عن القمة”.

علاوة على ذلك، وفق دونثي، "بدا أن نيودلهي سعت للتقرب من واشنطن وهو ما تجلّى في زيارة رئيس وزرائها ناريندرا مودي إلى الولايات المتحدة في يونيو/ حزيران الماضي”.

وقال: "وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى نيودلهي يشير إلى التقارب الكبير بين الهند والولايات المتحدة”.

وأضاف دونثي: "تحاول بكين إرسال إشارة مفادها أنهم غير راضين عن الطريقة التي تسير بها الأمور”، لكنه استدرك أن الهند "لا تزال في وضع صعب حيث تحاول موازنة علاقاتها مع روسيا والغرب”.

وتابع دونثي: "في كل قرار للأمم المتحدة، امتنعت الهند عن التصويت لإدانة غزو روسيا لأوكرانيا، لأن الهند تتمتع بعلاقة استراتيجية عميقة طويلة الأمد مع روسيا”، لكنها في الوقت نفسه تعمل على تعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة والغرب”.

تركيا "ستجد مكانها الصحيح”
وبالحديث عن دور تركيا في النظام العالمي المتغير، قال إيناك إنها "تلعب دورًا كبيرًا في النموذج الاقتصادي الذي تقترحه دول عدم الانحياز، بقيادة أعضاء تحالف البريكس”.

وأضاف أن تركيا "تلعب أيضًا دورًا كبيرًا في مبادرة الحزام والطريق الصينية”.

وقال إيناك: "ستُظهر قمة مجموعة العشرين أيضًا كيف تتعامل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مع علاقاتهما مع تركيا”.

وخلص إلى القول: "ستظهر نماذج جديدة للتكامل العالمي، وستجد تركيا مكانها الصحيح في النظام العالمي الجديد”.

(الأناضول)