لوجود الآخر فائدة في حياتنا..

رغم أن الاختلاف حقيقة بشرية وكونية لا يمكن نكرانها، بل قد يكون سببا في التطوّر ذلك أن التنوّع يقود دوما للإنجاز، لكن هذا لا يعني التعامل مع هذا المنطق بالمطلق، بمعنى أن يقودنا لرفض الآخر وعدم تقبله، لأن ذلك سيقود دون أدنى شكّ لأزمات ومشاكل لا تحمد عقباها.
بطبيعة الحياة، لا يمكن الأخذ بكل قناعة بالمطلق، فالحديث عن الآخر، رغم انه واقع وحقيقة، إلاّ أن هناك ضرورة لثقافة تقبّل الآخر، وصولا لحياة نموذجية، وأن تكون هذه الثقافة في ظل أي ظرف، وبأي زمان، فمن غير المعقول أن نواجه بين الحين والآخر بمشاكل كبيرة، وحتى أزمات نتيجة لعدم تقبّل الطرف الآخر!!!!
شهدنا خلال الساعات الماضية، اشكالية هتافات رياضية خرجت من أشخاص حتى اللحظة لم تتضح أجندتهم، تسببوا من ورائها بحالة من التوتر بين الأردن والشقيقة الكويت، لعلّ الأمر أبسط بكثير من ما تقبّله البعض، وأخذ به، لكن للأسف طبيعة الهتافات جعلت من الأمور تبدو سيئة تشبه الأزمة، لاسيما وأن من يصطادون بالماء العكر في مثل هذه الأجواء كثر، لتصبح مثل هذه الأفعال فرصة ذهبية لهم لافتعال أزمة.
لو فكّر مطلقو الهتافات للحظات بتقبّل الآخر في الملعب، والالتزام بالحالة المثالية من مشاهدة ومتابعة لعبة رياضية هامة، بروح رياضية، حتما ما نتج عن ذلك تصيّد البعض لافتعال أزمة أردنية كويتية، ولكون هذه العلاقة متينة تاريخيا، وقويّة أخويا، ردّت القيادات كيد الكائدين في نحورهم، ولم يترك الباب مشرعا أمام المتصيّدين للبلدين، فخرجت العلاقة أقوى وأعمق عشرات المرات من سابق عهدها.
للأسف هذه الحادثة والتي يمكن أن أرى بها إشارة لغياب أو تراجع ثقافة تقبّل الآخر لمجرد المنافسة معه على لعبة كرة قدم، أظهرت طريقة تفكير سلبية يجب تدارك نتائجها، بِحثّها للتوجه في تفكيرها لجهة احترام الآخر، واحترام نوعية العلاقة التي تربطنا كبلد به، وأن ننظر لما حمله ديننا الحنيف من مفاهيم تحثّ على تقبّل الآخر وأهمية التعايش واستثمار الاختلاف دوما أيا كان نوعه لصالح قضايانا ووحدتنا الداخلية والعربية، وتطبيق ما جاء في القرآن الكريم في أهمية التعارف والتقارب في قوله تعالى «وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا».
وأخيرا، علينا التأكيد، على أن ثقافة الفكر الواحد، والغاء الآخر، لن تؤدي إلاّ للكثير من المشاكل وسيادة الخطأ، في علاقاتنا، بل حتى في تنمية مجتمعاتنا، ولعلّ هذا الأمر يحتاج تركيزا على ثقافة الحوار الصحي، والاستماع للرأي والرأي الآخر، وقبول نتائج عملنا سلبية كانت أم ايجابية، فمن غير المعقول أن نخرج من مباراة كرة قدم بأزمة سياسية، أو حتى اشكالية أخوية، ولعلّ هذا الأمر للأسف قد يصل لمجالات أخرى متعددة، وعليه يجب التأكيد على أن لوجود الآخر فائدة في حياتنا، بالتالي يجب تقبّله في كل الظروف، وتعزيز ثقافة الآخر التي وعلى ما يبدو أنها ما تزال غائبة عند البعض أو أن ظروفا وأحداثا محددة تبرزها للسطح بين الحين والآخر.