للحرية ثــــمـن
حماده فراعنه
لا يوجد شيء بلا ثمن، لا يمكن أن تحصل على مطلب بدون دفع ثمنه، فكيف تحصل على الأغلى والأثمن بدون ثمن؟؟.
هل يوجد أهم وأكبر وأثمن من حرية الإنسان مع حرية وطنه وشعبه؟؟.
هل هناك ما هو أسوأ من العبودية والتسلط وغياب الكرامة والاحتلال؟؟.
لقد سرقوا بلادنا، ووطننا، واحتلوا أراضي ثلاثة بلدان عربية ولا زالوا، وطردوا جزءاً كبيراً من شعبنا، من شعب فلسطين بعد أن غالوا به ومعه بجرائم وتطهير عرقي، واحتلوا وطنه وصادروه ونهبوه، وطردوا أصحابه الفلسطينيين إلى لبنان وسورية والأردن.
فلسطين غالية على شعبها وعلى أمتنا، وعلى المسلمين والمسيحيين، فهي مصدر الإلهام وعقيدة وتراث، للمسلمين والمسيحيين والدروز، فجاء الغزاة من أوروبا، واحتلوها و سرقوها، بقرار من المستعمر البريطاني بكل وقاحة، قبل أن تفعل فرنسا وتُسلح المستعمرة، وتفعل ألمانيا بطرد المواطنين الألمان من اليهود بعد تعذيبهم واضطهادهم، طردهم إلى فلسطين ودفع تعويضات مالية باهظة لهم ثمناً لمذابحها ضدهم، وهدر كرامتهم.
الفلسطينيون يدفعون ثمن حريتهم وكرامتهم واستعادة بلدهم وبيوتهم وممتلكاتهم، يدفعون ثمن استعادة فلسطينيتهم وعروبتهم المهدورة، ونحن معهم بلا تردد، بلا منة، بلا مجاملة، فهي مصدر المسيحية ورسولها الفدائي الفلسطيني الأول السيد المسيح الذين تامروا عليه مع المستعمر الاجنبي الروماني، وهي مصدر إلهام المسلمين كما هي مكة المكرمة وحرمها، والمدينة المنورة ومسجدها، حيث المسجد الأقصى أولى القبلتين ومسرى ومعراج سيدنا محمد.
الفلسطينيون أبناء القطاع والضفة والقدس، وأبناء الكرمل والجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، شعب واحد لقضية واحدة، على كامل خارطة فلسطين، مع اللاجئين المشردين الذين يتوقون للعودة واستعادة ما فقدوه، وسرقته الصهيونية ومشروعها الاستعماري التوسعي العنصري الذي فُرض عنوة وتعسفاً على أرض فلسطين.
الفلسطينيون يدفعون أغلى ما لديهم، حياتهم دماءهم، أولادهم بناتهم، آباءهم أمهاتهم، يُقتلون علانية أمام العالم، بمجازر مكشوفة عارية أمام العالم، إلى الحد الذي لا تستطيع العائلات أو أحدهم منها، أو جيرانهم، لا يستطيعون دفنهم بعد أن تعذر انتشالهم من تحت الأنقاض، آلاف الفلسطينيين مدفونون تحت عماراتهم وبيوتهم المهدومة بصواريخ وقنابل وقذائف المستعمرة الإسرائيلية.
العالم المتحضر المحترم، الذي ما زال لديه بقية من إنسانية وكرامة والإحساس بالذنب في أوروبا وأميركا، إضافة إلى شعوب آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية يتقدمون إلى الأمام باتجاهين مهمين:
أولاً نحو مزيد من التضامن والإسناد للشعب الفلسطيني واتساع حجم التعاطف معه، والتفهم لنضاله والانحياز لعدالة قضيته، وذلك ما نراه ونسمعه ونشاهده في مظاهرات الشعوب وعواصمها في كل القارات، وخاصة أوروبا وبشكل أخص في بريطانيا، وفي ولايات أميركا وأخص في العاصمة واشنطن ، مظاهرات تضامنية غير مسبوقة بهذا الحجم والكيف.
وثانياً الانكفاء عن دعم المستعمرة، والتظاهر ضدها، وتعرية سلوكها وممارساتها العنصرية الهمجية المتطرفة بسلوك عدواني فاشي غير مقبول بهذا الحجم، من القتل للمدنيين وقصف بيوتهم وتدميرها وسكانها فيها، وتتم ابادتهم تحت أنقاضها، بدون أي إحساس بالمسؤولية أو التعبير عن الخطأ.
لم تكن عبثاً أو كرماً من قبل الرئيس الفرنسي ومفردات الإدارة الأميركية، أن تغيرت؟؟، نعم تغيرت بالاتجاه الإيجابي بعد أن تبنوا بالكامل الرؤية والسلوك والممارسة وخيار المستعمرة الإسرائيلية، تحت حجة حق الدفاع عن النفس.
اليوم الرئيس الفرنسي يدعو إلى مؤتمر من أجل فلسطين، الإدارة الأميركية التي ما زالت ضد وقف الحرب، تتحدث عن ضرورة تجنب المدنيين، عن هدنة إنسانية، وأن غزة والضفة جغرافيا سياسية واحدة، لم يكن هذا ليتم لولا صمود الفلسطينيين، وبسالتهم وتضحياتهم، ولولا جرائم المستعمرة وآثامها المخجلة لما تجرأت فرنسا وبلجيكا وألمانيا ليقولوا ما قالوه لصالح الفلسطينيين.
الحرية لها ثمن، سيدفعون الثمن كما سبق ودفعته شعوب من قبلهم وسينالون الحرية والكرامة والعودة والاستقلال كما نالت شعوب من قبلهم.