الإليزيه : ماكرون متّهم بانتهاك العلمانية ..

أثار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جدلاً متصاعداً حول العلمانية ومكانتها في الدولة الفرنسية، وذلك بعد احتفاله في قصر الإليزيه بعيد  الأنوار، أو حانوكا اليهودي، وسط حشد من الشخصيات اليهودية في فرنسا.

الخطوة قوبلت بسيل من الانتقادات باعتبار أن الحفل أقيم في قصر الإليزيه، الذي يفترض أن يكون ساكنه أوّل السّاهرين على مبادئ العلمانية القائمة على فصل الدين عن الدولة، والتي تقوم عليها الجمهورية الفرنسية.

فمن خلال مشاركته، مساء الخميس، في قاعة الإليزيه، في احتفال بمناسبة بداية عيد الأنوار اليهودي، أطلق إيمانويل ماكرون وابلاً من الانتقادات، حيث تم اتهامه بانتهاك العلمانية.

وقد جمع هذا الحدث، الذي لم تعلنه الرئاسة على الملأ، المؤتمر الأوروبي للحاخامات، الذي منح رئيس الدولة جائزة اللورد جاكوبوفيتس، لمكافأة التزام فرنسا ضد معاداة السامية.
وبعد حفل توزيع الجوائز، أضاء الحاخام الأكبر لفرنسا، حاييم كورسيا، الشمعة الأولى من شمعدان الحانوكا على المسرح. بعد ذلك، غنّى الجمهور الأغنية العبرية التقليدية "ماعوز تسور”، بينما كان إيمانويل ماكرون يتابع المشهد بصمت، والابتسامة على شفتيه، رفقة زوجته بريجيت ماكرون.

وسرعان ما أثارت الصور، التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، انتقادات في صفوف الطبقة السياسية، لا سيّما في صفوف اليسار، حيث غرّد زعيم اليسار الراديكالي جان ليك ميلانشون، على حسابه على موقع "إكس”: "من القداس في مرسيليا، إلى حانوكا في الإليزيه، ماكرون يظهر أنه لا يفهم العلمانية”، في إشارة إلى حضور الرئيس القداس الذي احتفل به البابا في عام 2018 .
من جانبه، كتب النائب البرلماني  فرانسوا روفين، المنتمي إلى عائلة ميلانشون السياسية: "حانوكا في الإليزيه!  قريباً عيد الفصح، العيد؟ وسنطلب من المعلمين أن يشرحوا العلمانية لأطفالنا..”.

أما النائب الاشتراكي جيروم غودج، فغرّد قائلاً: "على الرغم من جماله، فإن حانوكا هو يوم عطلة دينية. لا يجوز لأي ممثل منتخب للجمهورية أن يشارك فيها، مثله مثل أي مظاهرة دينية”.

في صفوف الطيف السياسي اليميني، بدت ردود الفعل أقل قوة: وذهب العديد من الشخصيات إلى انتقاد الرئيس الفرنسي لمحاولته "التعويض عن عدم مشاركته في المسيرة ضد معاداة السامية”، التي أقيمت في باريس بدعوة من رئيسي مجلسي الشيوخ والنواب، وهو ما عرّضه لسيل من الانتقادات، كما فعلت النائبة عن حزب "التجمع الوطني” اليميني المتطرف، لور لافاليت.
في حين تساءل عمدة مدينة كان، ديفيد ليسنار، المنتمي لحزب ”الجمهوريون” اليميني المحافظ: "كيف يمكننا أن نرفض المشاركة في مسيرة مدنية ضد معاداة السامية على أسس متناقضة ومضللة لحماية الوحدة الوطنية، والاحتفال بمهرجان ديني داخل القصر الرئاسي؟”.
من جانبه، قال إريك زمور، زعيم حزب "الاسترداد” اليميني المتطرف: "بعد أن شبّه المسيرة ضد معاداة السامية بأنها عملٌ معادٍ للإسلام، يريد إيمانويل ماكرون التعويض عنها من خلال تنظيم احتفال ديني يهودي في  الإليزيه”.
وبمحض الصدفة، على مستوى الأجندة، سارع الرئيس الفرنسي إلى الرد على هذا الجدل الدائر حول العلمانية من كاتدرائية نوتردام دو باريس، التي زار موقع إعادة إعمارها يوم الجمعة، أي في اليوم التالي لاحتفاله بعيد الأنوار أو حانوكا اليهودي. وقال إنه "ليس نادماً على الإطلاق” على هذه الحادثة، ولن "يستسلم للفتنة الدينية” […] معتبراً أنه في هذه اللحظة من الضروري "منح الثقة” لليهود الفرنسيين، ولكن أيضًا للمسلمين، "مع الأخذ في الاعتبار سياق” الحرب بين إسرائيل و”حماس”.

وهي حجة طرحتها أيضًا رئيسة الوزراء إليزابيث بورن، التي أشارت إلى "صعود معاداة السامية”، قائلة إن "رسالة رئيس الجمهورية، خلال هذه الفترة، هي أننا نحمي وندعم جميع أولئك الذين يريدون ممارسة شعائرهم الدينية، وخاصة الجالية اليهودية”.