خبيران اقتصاديان يؤكدان منعة الاقتصاد الأردني

محمد نبيل

* زوانة: الاستقرار الشمولي والسياسة النقدية من أهم العوامل التي ساهمت في منعة الاقتصاد الأردني

* الرفاتي: الأرقام الاحصائية تظهر استقرار سوق العمل والوظائف وعدم قدرته على ادخال عاملين جدد



بلغ معدل البطالة في الأردن خلال الربع الثالث من العام الحالي 22.3%، بانخفاض مقداره 0.8 نقطة مئوية عن الربع الثالث من عام 2022، حيث بلغ آنذاك 23.1%، وبثبات المعدل مقارنة مع الربع الثاني من هذا العام، وفق التقرير الربعي الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة

ووفق التقرير الذي صدر الأربعاء، بلغ معدل البطالة عند الذكور 19.8% خلال الربع الثالث من عام 2023 مقابل 31.7% للإناث، فيما انخفض معدل البطالة للذكور بمقدار 0.7 نقطة مئوية وانخفض للإناث بمقدار 1.4 نقطة مئوية مقارنة بالربع الثالث من عام 2022

وبمقارنة معدل البطالة للربع الثالث من عام 2023 مع الربع الذى سبقه، يتضح أنّ معدل البطالة قد انخفض للذكور بمقدار 0.2 نقطة مئوية وارتفع للإناث بمقدار 0.8 نقطة مئوية

وقال خبير الاقتصاد السياسي زيان زوانة في حديثه لـ"أخبار البلد"، تعليقاً على ماذكره التقرير، أنه وعلى الرغم من ضآلة تراجع معدل البطالة، إلا أن هذا الأمر يشير إلى منعة الاقتصاد الأردني وقدرته على المحافظة على وتيرة نمو إيجابية، وذلك في ظل ما تعرض له العالم والاقليم من أزمات كان لها أثرها السلبي علينا بشكل أو بآخر، بدايةً من جائحة الكورونا، ومروراً بارتفاع أسعار الفائدة، وصولاً لحرب أوكرانيا وحتى عدوان الاحتلال الغاشم على أهلنا في غزة، حيث نسبت هذه المنعه الأردنية إلى عدة عوامل، أهمها عاملين :

* الاستقرار الشمولي الذي نتمتع به.

* السياسة النقدية التي ساهمت بمدخلها النقدي والاقتصادي في تعظيم عامل الاستقرار الشمولي ، إضافة للمحافظة على جهاز مصرفي متين بمدخلاته الائتمانية والمصرفية وفق أعلى المقاييس العالمية.

وأكد زوانة أننا في الاردن نملك من الطاقات والموارد ما يمكننا من تحقيق معدل نمو اقتصادي يرتفع بأعلى مما حققناه من معدلات مقبولة (٢% - 2.8%)، وذلك إذا ما استطعنا السير بشكل سريع في استراتيجة الاصلاح السياسي والاقتصادي والاداري، وخاصة في قطاعات الادارة العامة والتعليم والنقل والطاقة والمياه.

وفي ذات السياق، قال الخبير الاقتصادي زياد الرفاتي أن تأشير الأرقام الاحصائية لثبات معدل البطالة عند 22،3% في الربع الثالث من عام 2023 مقارنة مع الربع الذي سبقه، يظهر استقرار سوق العمل والوظائف وعدم قدرته على ادخال عاملين جدد، مما يدعوا الى توسيع وتعميق سوق العمل وادخال فئات جديدة اليه لتخفيض معدل البطالة، ويمكن ذلك من خلال وسائل عديدة من أبرزها تطوير قوانين العمل والسياسات العامة التي تدعم القطاعات الاقتصادية في توفير فرص العمل واعادة النظر في سياسات الأجور وساعات العمل والمزايا العمالية وتوفير الحماية الاجتماعية وتوسيع نطاق العمل المرن، والعمل عن بعد الذي أثبتت الجائحة نجاحه وتغييرها لأنماط العمل التقليدية في ظل التقدم التكنولوجي وعدم حاجة بعض الوظائف الى العمل المكتبي،

وأضاف أن جائحة الكورونا اضرت بالشباب من حيث توفر فرص التوظيف أكثر من أي فئة عمرية أخرى، ورفع الحد الأدنى للأجور واغلاق قطاعات محددة أمام العمالة الوافدة لدفع أصحاب العمل على تشغيل الأردنيين، بالاضافة الى الاهتمام بالتعليم المهني والتقني وهذا ما نلمسه من خلال زيادة الاقبال من طلبة المدارس على المسار المهني مقارنة بالسنوات السابقة في ظل حملات التوعية والارشاد لسوق الوظائف والموائمة بين مخرجات التعليم الجامعي وحاجات سوق العمل وأهمية الابتعاد عن دراسة التخصصات الراكدة والمشبعة، خاصةً وأن الذكاء الاصطناعي والرقمنة قد تؤثر على سوق العمل خلال السنوات من 2025- 2030، وتزايد التحذيرات من مخاطره، حتى أنه من الممكن يحدث اضطرابات في سوق العمل، والدعوات الى وضع أسس عالمية له، حيث سيؤدي الى اختفاء ملايين الوظائف في المنطقة والعالم وفق التقارير والبحوث حول ذلك، والتوجه العالمي لضخ مزيد من الاستثمارات لتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي ، كما أن النساء أكثر خسارة لوظائفهم  لصالح الذكاء الاصطناعي والوظائف الادارية على وجه الخصوص وستكون الأكثر فقدانا مدفوعة بالرقمنة. 

وبين الرفاتي أن كل ذلك لتحفز وتشجيع فئات جديدة على دخول سوق العمل اذا ما علمنا أن نسبة التوظيف بين الأناث تقل كثيرا عن الذكور  بالرغم من اقبالهن على ممارسة أعمال ووظائف وخصوصا في المشروعات الأصغر والمنشات االصغيرة والمتوسطة، وعدم اقبال الذكور عليها لقناعتهم بعدم كفاية الدخل منها في تلبية احتياجاتهم، وضرورة ربط  الزيادات السنوية  للرواتب والأجور بمعدلات التضخم، وكذلك بما يسمح بانخراط أصحاب العمل والعاملين في اقتصاد الظل الى الاقتصاد الرسمي حيث أنهم لا يدخلون حاليا في الاحصائيات الرسمية، مما يساهم في رفع مستوى النمو الاقتصادي والحماية القانونية والاستدامة المالية والاستقرار الوظيفي لهم، وتحقيق عوائد جديدة للخزينة من الرسوم والضرائب والجمارك والايرادات الأخرى، ورفد ايرادات المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي بايرادات جديدة مستدامة تعزز من مركزها المالي واستثمارها، وتشجيع اقامة المشروعات الأصغر والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، باعتبارها المحرك الرئيسي للتنمية الاقتصادية ومصدرا للرزق، وكذلك مشاريع الشباب والمرأة والريادة والابتكار بتوفير سبل انشائها وديمومتها واستمراريتها في العمل، والتوجه نحو المشاريع الزراعية التي تحقق الأمن الغذائي وتكافح التغير المناخي  وتعزز زيادة المخزون الاستراتيجي للمنتجات الغذائية، والابتعاد عن النمط الزراعي التقليدي وتوزيع أراضٍ للشباب قابلة للزراعة، وتفعيل قانون مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص الذي أقر مؤخرا في سبيل اقامة مشاريع كبرى طويلة الأمد تساهم في احداث التنمية المستدامة وخلق فرص العمل الجديدة للباحثين عن العمل، وتحفيز قطاع الصادرات الوطنية الى الأسواق الخارجية التي تتطلب العمالة الكثيفة وتوسيع نطاقها وفتح أسواق جديدة غير تقليدية  وزيادة حجم التبادل التجاري وتفعيل اتفاقيات التجارة الحرة مع الدول الموقعة عليها وتقديم الحوافز لأرباب العمل وتخفيض كلف العمالة والرسوم والضرائب والطاقة والتمويل.

وأكد على أن اقامة المدن الصناعية وتحفيز الصادرات تعتبر محركاً مهما للتوظيف، بالاضافة لخفض المستوردات وضخ وفورات الاستيراد في الصناعة المحلية لدعم الاقتصاد، وتوفير فرص العمل وزيادة الشمول المالي بتوسيع قاعدة المستفيدين من الخدمات المالية والمصرفية والتطبيقات الذكية، حيث تمكن الخدمات الرقمية العملاء من اجراء المعاملات وفتح حساب رقمي ألكتروني  دون الذهاب الى البنك، واعطاء الأولوية لأوائل الجامعات بالتعيين أو الايفاد من قبل الجامعات لاكمال دراساتهم العليا، حيث تحتاج الى أعضاء في هيئات التدريس على مدار الزمن بفعل تطور التعليم والتعاقب الوظيفي وازدياد أعداد الطلبة ومتطلبات اجراء البحوث والدراسات العلمية في خدمة المجتمع المحلي.
اخبار البلد