(أنعم وأخطر) إضراب تسلل لأوصال الأردنيين.. الشعب لا يقرأ صحف الحكومة ولا يستمع للطاقم الوزاري
غالبية ساحقة من المواطنين الأردنيين قررت مساء الأحد وصباح الإثنين أن "لا تسمع” لاقتراح الحكومة بعنوان "بدلا من الإضراب.. تبرعوا بيوم إنتاج وعمل للأهل في قطاع غزة”.
عرض الاقتراح علنا الناطق باسم الحكومة الوزير مهند مبيضين، ثم اقترح بأن "الشعوب التي أضربت هي تلك التي تريد الضغط على حكوماتها من أجل وقف العدوان الإسرائيلي”. هذا تلميح مباشر لأن جوهر الإضراب لا يتلاءم مع المشهد الأردني لأن المملكة "تتصدى” بكفاءة دبلوماسيا للدعوة إلى وقف العدوان من أعلى هرم الدولة لأصغر وزير أو موظف فيها.
رغم ذلك، قال الأردنيون صباح الإثنين وبنسبة ملحوظة، إن "أذن المجتمع” لا تريد الإصغاء لما تنصح به الحكومة.
فوق ذلك، وفي محاولة ملحوظة لاحتواء "دعوة الإضراب” خصوصا في المدارس، أعلن وزير التربية والتعليم، عزمي محافظة، بأن الدوام الرسمي كالمعتاد. لكن الاستجابة كانت في أضعف أحوالها، لأن غالبية ساحقة من الأردنيين قررت عدم إرسال الأطفال للمدارس.
تأجلت امتحانات في الجامعات، وأعلنت فجأة وبدون تنسيق مع الحكومة، شركاتٌ كبرى عن "وقف العمل” واشتركت ملتقيات ونقابة الأطباء تضامنا مع إضراب رأته صحيفة "الرأي” الحكومية "مشبوها” والأطراف التي تدعو إليه "مريبة”.
أيضا صحيفة الرأي "لم يقرأ موقفها” أحد، حتى أن الناشط النقابي البارز أحمد أبو غنيمة، وضع مانشيت الصحيفة في تغريدة رائجة له، ثم استفسر: "إلى متى يدار الإعلام الرسمي بهذه العقلية؟”.
مطاعم كبرى في البلاد ومقاهٍ ومؤسسات ومولات تجارية أعلنت فجأة إغلاق الأبواب تضامنا مع قطاع غزة، وقطاعات اقتصادية وتجارية بأكلمها اضطرت للخضوع لفكرة إضراب "عالمي الطابع” وعابر للدول اقترحه نشطاء على السوشال ميديا في موجة أخفقت حتى الحكومة الأردنية في وقفها.
الزحام اختفى من شوارع الأردنيين الحيوية، والسياسي البرلماني محمد حجوج أبلغ بأن نسبة الإضراب في مدينة الزرقاء كثيفة السكان، وصلت لـ99%.
الأهم أن عشرات الآلاف من المحال التجارية الصغيرة والمتوسطة وفي مختلف محافظات المملكة أغلقت أبوابها طوال النهار، والأغلبية من المواطنين "التزمت بيوتها” والهيئات الحزبية التي لم تساهم أصلا في الدعوة لإضراب سياسي ملغز وصف بأنه خطير جدا، اضطرت إما للمشاركة والخضوع أو للصمت.
الأهم أيضا أن مخيمات اللجوء الفلسطيني أضربت تماما عن كل شيء اعتيادي وروتيني بنسبة قد تصل إلى 100%.
مؤشرات الإضراب الناعم التي تسللت لأوصال الجمهور الأردني في ساعات قليلة، أظهرت ليس مستوى ومنسوب التضامن الأردني مع أهل قطاع غزة والمقاومة فحسب، بل أظهرت -وهذا الأهم- أن المواطن الأردني في "الملف الفلسطيني” قرر أن "لا يقرأ” صحف الحكومة، ولا يستمع لطاقمها الوزاري.
هي مجددا وبالخلاصة واحدة من رسائل "تداعيات الطوفان”.
القدس العربي