نازح إلى غزة…

المحامي عبد الكريم الكيلاني

من سواحل عكا وأسوارها الخالدة ، من بيارات الليمون و البرتقال اليافي ، وكروم حيفا وسنابل قمحها اللامع كالذهب ،ومن رامة الزيتونة المعمرة ، ومن مدن الارض المباركة وقراها .

نزحنا ، فرادى إلى غزة ، بين ام فقدت الزوج و الولد ، و بين وابن فقد الام و الوالد .
فكانت غرة، ملجأ النازحين ، وطنا وأكثر ، صار الابن يعثر على امه في وجه جارتهم ام محمد ، و الام تعثر على ولدها ، يسير هائما على وجهه لا يعرف اين داره ، فوجد في كل ام غزية اما له ، وفي كل والد غزي ابا له وفي كل دار و مخيم بيتا له .

صارت غزة هاشم الصغيرة بمساحتها بيت الاسرة الكبيرة لمليوني و ما ئتي الف فلسطيني هذا الحلم الرومانسي لمدينة فاضلة ، هو الواقع المعاش على ارض غزة العز و العزة 

راينا جنود الاحتلال يحاولون اثارة الفوضى في كل بيت وخيمة ، تحت كل سقف و في كل شارع . فجاءت الاجابة غزة في عين رب واحد، وعلى قلب رجل واحد .

لم نر الغوغاء في غزة لم نر اللصوص ينهبون البيوت و لا المحلات و الدكاكين ، بل راينا فتاة تحمل مصحفا و تقول سأحتفظ بالمصحف لصاحبه حتى يرجع . راينا راعي الكنيسة يؤوي ابناء غزته ، و اخوان جلدته ، و عشيرة عزوته ، لا ينقب تحت جلدهم عن دينهم او مذهبهم ….فالبيوت كلها لله و الخلق عيال الله.

وراينا الوجه البشع للاحتلال يقتل الاطفال ، يمزق الدمي ، و يحتفى بهدم البيوت ، ويُهزَم . هل ثمة انتصار اكبر من هذا الانتصار ؟؟؟

نعم ، فتية ملثمو الوجوه ، يحملون البنادق ، يحمون البيادق ، يخجل واحدهم ، من كشف اللثام كما تخجل الحرة من كشف ما يسوؤها فكلاهما اراد وجه ربه ، ونعم ما أرادا ، لا سمعة ولا رياءا ، (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغدوة و العشي يريدون وجهه )

اليوم تعلن الارادة الفلسطينة التي ظلت تُصلب سبعين عاما و تُكوى سبعين عاما ، و تنزف سبعين عاما ، انها مازالت على قيد الحياة!!!

لا و الله ، بل انها ما زالت قادرة على ان تنشر الحياة في العالم غربه و شرقه من زيتونة لا شرقية يكاد زيتها يضيء و لو لم تمسسه نار .

اووووف يا ابن غزة ، اي نفق يتسع لبطولتك ، 

اوووووه يا اين غزة ، لا اعجب اين كنت ، و لا اعجب كيف اختفيت، فانت كالمارد ، خرج علينا من المصباح ، قدمان راسختان على الارض وجبهة تعانق عنان السماء .

قسما بالسماء ذات البروج ، وشاهد وشهيد ، ان يومك لموعود ، 

ما نقموا منك يا ابن غزة!!!! ، وما حفروا لك الأخدود اللاهب، بقذائف الجبن، و الهلع ، إلا انهم علموا ان الله ناصرك ،وقد اعلنتها ربي الله العزيز الحميد .

دلوني على الطريق ، أنا السلطي الذي ارتحل جده الاول مصطفى القادري من ارض البلاد ، إلى ارض البلاد ، فاقام في (السلط ) مفتيا وإماما وواعظا ومعلما ومربيا ، فجاور يوشع وجادور وشعيب عليهم السلام

،،، ، من هناك ، فزع جدي( والد ابي ) ذو الخؤولة الشركسية القادمة من عشائر القبرطاي ، جدي ، العبد الحليم أبو صبحي و محمد رسول ، فزع من بيته في السلط نجدة لاخته ، فذهب ، مشيا على قدميه إلى البلاد ، وهو ابن ثلاثة عشر ربيعا ،وعاد بعد الفزعة السلطية إلى دارهم في الميدان ،،، وهناك عاش وتزوج من آل الحطاب الممتد ة نسبا للصحابي الجليل حطاب بن الحارث ، شجرة تؤتي أكلها الطيب في كل بلد عربي ، فأقامت بالسلط و نابلس و دمشق وغيرها من المدن و العواصم ، عشيرة يقطن أبناؤها وطنا من عمان إلى تطوان بلاد واحدة لا تفصلها تضاريس الجغرافيا .

خذوني إلى البلاد إلى الطور ، و جبل النار و احراش يعبد، ونزلة الشيخ زيد ، عائد اليك يا ارضي المباركة ، النهر يصلني فيك، و القدس قبلة قلبي لا يحيد عنها إلا هالك .

ألا ان موعدنا الصبح ، وطلائع الفجر ، 

، اليس الصبح بقريب؟ بلى و السماء ذات البروج ، ورغما عن جرم اصحاب الأخدود ، و الله على ما يفعلون بالمؤمنين شهيد . وما نقموا منهم إلا ان يؤمنوا بالله العزيز الحميد . بلى يا اخي النازح إلى غزة ، و الله إنا لتقبيل الارض تحت نعالكم لمشتاقون، كيف لا ، وقد بدلتك الهموم كفنا من وسادتك ، يا ابن مدرسة الرباط المحمدية على صاحبها افضل الصلاة و السلام . ألا ان وعد الله امامك،وارداته من وراءك ، ( ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الأرض و نجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين) وإنّا معك لعلى موعد قريب ولن يخلف الله وعده .